نشطت نخبة من المختصين والفقهاء القانونين، أشغال يوم دراسي نظمته منظمة المحاميين لناحية معسكر، حول رفع التجريم عن فعل التسيير، اتسم بنقاش ثريّ حول مشروع هذا القانون الجاري إعداده. سلّط المشاركون في اليوم الدراسي المنظم بجامعة معسكر، الضوء على مخاوف المسؤولين والموظفين العموميين من المتابعات وتأثيرها على تعطل التنمية المحلية، ضمن ثلاثة محاور عالجها موضوع الملتقى، انصبت على دراسة الإطار المفاهيمي الخاص بالمسير وأعماله وعلاقتها بالخطر الجزائي وتقديم اقتراحات عن رفع التجريم في إطار الأحكام الجزائية مع طرح بدائل غير جزائية، أمام حتمية مراجعة السياسة الجزائية في مجال أفعال التسيير. في الموضوع وقف القانوني الدكتور احسن بوسقيعة، على التناقضات الموجودة في قانون الإجراءات الجزائية من حيث تطبيق الأحكام والنصوص القانونية المتعددة المجرمة لأعمال التسيير - من طرف القضاة، مؤكدا أنّ المشكل الموجود ليس في المسير العمومي ولا في النصوص القانونية إنما في نمط التسيير الذي لا بد من مراجعته على حد قوله، داعيا إلى أخلقة أعمال التسيير وتحديد المسؤوليات بما يسمح أن يتحمل أيّ مسؤول نتيجة فعله، مع العمل على التمييز بين أفعال التسيير المتعمدة وغير المتعمدة التي تدخل في سوء التقدير، داعيا أيضا إلى تأمين المسير من مخاطر المتابعات القضائية، من خلال تحديد قائمة بالمهام التي تعتبر من أعمال التسيير أولا ثم تحديد أخطاء التسيير التي تندرج تحت طائلة الإهمال. ورافع بوسقيعة، من أجل اعتماد تدابير قانونية وقائية من شأنها ضمان نجاعة في تسيير الهيئات والمؤسسات العمومية، من خلال تأسيس منظومة رقابية وقائية لتسيير الأموال العمومية يكون دورها علاجيا وليس ردعيا، تعتمد على وجود مستشارين قانونيين وآخرين في المناجمنت بجانب مدراء ومسيرين عموميين، إضافة إلى تفعيل الرقابة الوقائية القبلية من خلال الهيئات والمؤسسات التي وضعتها الدولة للوقاية من الفساد. ومن جهته، تأسف الدكتور محمد بودالي، لغياب المسيرين المحليين لاسيما المنتخبين وكل من ينطبق عليه وصف المقرر العمومي، عن حضور أشغال الملتقى الدراسي الذي تضمن موضوعا يهمهم ويعالج انشغالاتهم الملحة، وتطرق إلى إشكالية تحديد صفة المسير والنطاق الموضوعي للأفعال المراد رفع التجريم عنها، داعيا إلى إتاحة هامش للمناورة للمقرر العمومي بشكل يسمح بتحرير المبادرات ودفع التنمية، ومحاسبته فقط على أفعال سوء التسيير وجرائمه المتعمدة، لافتا أنّ هناك تضخم تشريعي يهدد مسألة التسيير التي صارت محل رفض وتخوف من تولي مسؤوليتها، وعليه ينبغي السماح بهامش من المناورة على حد قوله في حدود القوانين المعروفة في قانون العقوبات. ودعا الدكتور بودالي إلى جمع كل الأحكام الخاصة بجرائم التسيير الموزعة بين عدة قوانين، ضمن قانون واحد يمتاز بالدقة والوضوح في التجريم والعقاب تفاديا للتضخم التشريعي وسد كل الثغرات القانونية.