أكّد أساتذة جامعيون ومختصون في المجال الإقتصادي، خلال فعاليات ملتقى وطني حول استثمار الأملاك الوقفية بين متطلبات ترقية المقاولاتية وواقع المؤسسات الناشئة، على أهمية استثمار الأملاك الوقفية لتحقيق تنمية بمختلف أبعادها الاجتماعية والاقتصادية، لما تشكّله من مكسب هام. التظاهرة العلمية التي نظّمتها واحتضنتها جامعة الحاج موسى أخاموك، بالتنسيق مع مخبر رهانات الاستثمار والتنمية المستدامة في المناطق الحدودية، وجمعية نور اليتيم وحاضنة الأعمال بالجامعة، سجلت مشاركة 26 جامعة وطنية وإلقاء 60 مداخلة، جاءت حسب ما صرّح به رئيس الملتقى، الدكتور سيف الدين تلي، إيمانا بأهمية استثمار الأملاك الوقفية في تحقيق التنمية بمختلف أبعادها الإجتماعية والاقتصادية، وتزداد أهميته محليا مع تطور جوانب الحياة وتنامي دور مؤسسات المجتمع المدني في تحقيق العدالة الاجتماعية، كما أن الأملاك الوقفية أصبحت تشكل مكسب اقتصادي واجتماعي هام، تحتاج إلى تمويل واستثمار لضمان نموها وتجديدها بما يضمن ديمومة خدمتها للمجتمعات عبر الزمن. وفي نفس السياق، أضاف مدير مخبر رهانات الاستثمار والتنمية المستدامة في المناطق الحدودية بجامعة تامنغست على وجود صيغ تقليدية حافظت في الماضي على الأوقاف من الضياع والنهب والتحايل، وابتكار صيغ جديدة يتم من خلالها ترقية دور الأوقاف بما يؤدي إلى التخفيف من الفقر، مما يستوجب إعادة النظر في الدور التنموي لنظام الأوقاف في الاقتصاد الجزائري من خلال الصيغ والأساليب الاستثمارية الحديثة التي تعود بالنفع على الوقف والموقوف عليهم، علما أن تجربة الاستثمار الوقفي في الجزائر من خلال المشاريع التي تم إنجازها تعتبر جد متواضعة، لأنّ الوصول إلى الدور التنموي الحقيقي للأوقاف والتي تعود بالربح على الدولة ليست من خلال بناء المساجد والمدارس فقط، بل من خلال نشر المفاهيم الحديثة واستثمار الأصول الوقفية وفق السبل الحديثة للحد من البطالة وتوفير فرص العمل، باعتبارها موردا تمويليا هاما يساهم في إيجاد حلول طويلة المدى لتمويل مختلف أوجه التنمية الاقتصادية والاجتماعية. بدوره، أكّد رئيس اللجنة العلمية للملتقى، البروفيسور نذير شوقي، على ضرورة إبراز دور الاستثمار الوقفي في تحقيق التنمية الاقتصادية في الجزائر، الأمر الذي يتوجّب حرص المشرّع على تنظيم وتحيين النصوص القانونية المتعلقة بالأوقاف واستغلالها، والاهتمام بمختلف صيغ الاستثمار الوقفي وأساليب تمويله، والبحث في كيفية تفعيل تلك النصوص القانونية والتنظيمية عمليا، وكيفية تطوير النظام المالي والنقدي الذي يتماشى وطبيعة الاستثمار الوقفي. واستنادا على دراسات الباحثين المشاركين في الملتقى، أشار المتحدث لعدة نقاط أهمها، ضرورة دراسة تجارب التشريعات المقارنة الرائدة في مجال الاستثمار الوقفي لاكتساب الخبرات الميدانية، تحيين النصوص القانونية بما يتماشى والتطورات الاقتصادية في الجزائر، من خلال إنشاء مؤسسات وقفية حديثة لتدعيم مشاريع اقتصادية تساهم في تحقيق الإقلاع الاقتصادي، ومرافقة المستثمرين في هذا المجال حفاظا على ثروة الأملاك الوقفية في الجزائر. وتبرز أهمية هذا القطاع من حيث الأصول الضخمة التي يسيطر عليها، إذ لم يعد يُنظر إليه على أنه ديني حصري، بل أصبح من الواضح أن الأوقاف، بالمعنى الاقتصادي، أصبحت تمثل صناعة بإمكانها أن تفتح مجالات استثمارية كبيرة فيما يتعلق باقتصاد المعرفة، الأمر الذي يستدعي مراعاة هذا الجانب وربطه بمجال ريادة الأعمال. ومن هنا يضيف الأستاذ الدكتور نذير شوقي، بات من الضروري تسليط الضوء على الوقف الاستثماري والدور الذي يلعبه في الاقتصاد بصفة عامة، وفي دعم وتمويل المؤسسات الناشئة بصفة خاصة. وشدّد رمضان شينون، رئيس جمعية نور اليتيم للتكفل باليتامى والطفولة المسعفة بعاصمة الأهقار، خلال مداخلته بالمناسبة، على وجوب التحول من عائلات مستحقة للزكاة إلى عائلات مانحة لها من خلال إقحام الأرامل في عالم المؤسسات الناشئة، وتشجيعها على الإنتاج والتكفل الذاتي، وذلك طبقا لشعار الملتقى "مؤسسة مبتكرة، أرملة منتجة". وعليه، يضيف رئيس الجمعية، يجب رفع سقف التحدي بتدريب الأرامل على تطبيق المثل الصيني الشهير"لا تعطيه سمكة، بل علّمه كيف يصطادها" من أجل تحقيق الاستدامة في تلبية الحاجيات الضرورية في الحياة. كما طالب عبد الباسط عزاوي مدير حاضنات الأعمال بالجامعة، بضرورة تشريح هذا القطاع وفق سبل علمية توضح كيفية استثمار الأملاك الوقفية تماشيا مع مميزات السوق، وما تعرفه من ابتكارات تستدعي تدخل خبراء ورجال القانون من أجل تحليل علمي وعملي يراعي درجة المخاطرة، ويضمن عملية الربط بين قطاع الشؤون الدينية والأوقاف وريادة الأعمال في الجزائر. كما نوّه مدير حاضنات الأعمال بتنظيم ورشة تكوينية على هامش الملتقى في موضوع المؤسسات الناشئة لفائدة أفراد عائلات اليتامى تحت إشراف حاضنات الأعمال بجامعة تامنغست.