تُعد الصين أول شريك تجاري للجزائر بحوالي 10 ملايير دولار أمريكي منذ 2013، وأهم مستثمر بالجزائر من خلال الاستثمار في منجم الفوسفات بأولاد الحدبة ب7 ملايير دولار أمريكي بغية إنتاج وتصدير المخصبات والأسمدة الزراعية، وأهم مستثمر أجنبي في منجم الحديد بغارة جبيلات ب 2 مليار دولار أمريكي، فضلا عن عمل الجزائروالصين على إنجاز ميناء الحمدانية بشرشال، بمبلغ يصل إلى ستة ملايير دولار أمريكي. ناهز حجم الشراكة الاقتصادية سابقا بين بكينوالجزائر 33 مليار دولار أمريكي أنجزت بموجبها ما مجموعه 8.000 من الشركات الصينية ما قيمته 20 مليار من السكنات وجامع الجزائر ومطار الجزائر الجديد بحوالي 2 مليار دولار، فضلا عن 11 مليار دولار لصالح الشركات الصينية وُجه لإنجاز الشطر الأكبر من الطريق السيار شرق - غرب. يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية والمتخصص في الشؤون الصينية، الدكتور حسين سالم، إن العلاقات الجزائريةالصينية هي علاقات في تطور مستمر منذ اعتراف الصين بالحكومة المؤقتة سنة 1958، ولم تنقطع هذه العلاقات بعد الاستقلال، بل أخذت أبعادا أخرى سياسية واقتصادية وثقافية. وبرأي الأستاذ سالم، فإن الزيارة المرتقبة للصين ستحدث نُقلة نوعية جديدة في العلاقات الجزائريةالصينية والتركيز على المحتوى والتنوع أكثر للشراكة الإستراتيجية الشاملة التي يطمح البلدان لتجسيدها. والتعجيل في انجاز مشروعات هيكلية أتفق عليها في إطار الخطة الخماسية الثانية للشراكة الإستراتيجية 2022 - 2026 والخطة التنفيذية للبناء المشترك المتعلق بمبادرة الحزام والطريق بالإضافة الى الخطة الثلاثية 2022 - 2024 للتعاون في المجالات الرئيسية، مثل مشروع ميناء الجزائر وسط واستغلال منجم غار جبيلات بتندوف ومشروع استغلال وتحويل الفوسفات بولاية تبسة وواودي الكبريت بسوق أهراس... الخ. ويعول على الزيارة في جلب مستثمرين صينيين أكثر في ظل الفرص الواعدة التي يمنحها قانون الاستثمار الجديد تحت شعار رابح رابح. وأضاف الأستاذ سالم أن الجزائر تسعى من خلال هذه الزيارة إلى حث الصين باعتبارها عضوا في منظمة «بريكس» وحليفا استراتيجيا إلى ضرورة التعجيل بانضمام الجزائر الى هذه المنظمة التي من شأنها تعزيز اقتصاد الجزائر، خاصة مع مضي الصين في تنفيذ إستراتيجية الحزام والطريق والتي تعد من المشاريع الشاملة التي تهدف الصين الى تحقيقها، والتي تعتبر مدخلا لدمج الاقتصاد الصيني بالاقتصاد العالمي والاقتصاد الجزائري، ذلك أن الصين تعتبر الجزائر مركزا أساسيا بحكم أنها تمثل بوابة واسعة مفتوحة على إفريقيا، حيث تعد المبادرة خطوة إستراتيجية مهمة لتطوير وتعزيز الشراكة الاقتصادية والسياسية والعسكرية بين الصينوالجزائر. فلذلك المطلوب من الجزائر أن تستغل هذه الفرصة لتطوير اقتصادها وتنمية صناعتها لتعزز مكانتها لتصبح منافسا قويا في منطقة شمال إفريقيا. من جانبه، يشير أستاذ الاقتصاد الدكتور عثمان عثمانية إلى أن العلاقات الجزائريةالصينية، تاريخية وقوية، ليست وليدة التطورات الأخيرة، وسط توجه تحاول الجزائر من خلاله تعزيز شراكاتها مع دول أخرى خارج الشركاء التقليديين. فقد كانت الصين أول بلد غير عربي يعترف بالحكومة الجزائرية المؤقتة في عهد ماوتسيدونغ، كما دعمت الجزائر بشكل كبير وضع الصين في مجلس الأمن كعضو دائم. وهكذا تطورت العلاقات بعد الاستقلال لتتجاوز السياسة، وتنتقل إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، خاصة منذ عقد التسعينيات، حيث لم تتوقف العلاقات عن التطور إلى أن تعززت بالشراكة الإستراتيجية الشاملة سنة 2014. وحسب عثمانية، تُعد الجزائر الشريك التجاري الأهم للصين في منطقة المغرب العربي، وقد وصلت التبادلات التجارية بين البلدين إلى أكثر من 7 ملايير دولار أمريكي سنة 2022، كما تعتبر الصين المورد الأول للجزائر، متوقعا ارتفاع حجم هذه التبادلات خلال الفترة المقبلة. بالمقابل، أشار ذات المتحدث إلى أن مجال استغلال المناجم والنشاطات المرتبطة به، يُعد مجالا استراتيجيا للشراكة الجزائريةوالصينية، ففي السنة الماضية أمضى البلدان اتفاقية تعاون في مجال استغلال الفوسفات شرق الجزائر بقيمة 7 ملايير دولار أمريكي، تملك فيه الشركتان الصينيتان «هويوان» و»تيان أن» المتخصصتين في مجال الأسمدة ما يصل إلى 44 % من الأسهم. وتعتبر الجزائر - وفق عثمانية - شريكا محوريا للصين في مبادرة الحزام والطريق، حيث تحتل الجزائر موقعا استراتيجيا، قريبا من الأسواق الإفريقية وكذلك الأوروبية، ما يجعلها تستقطب جزءا هاما من الاستثمارات المرتبطة بهذه المبادرة. كما يعزز الانضمام المحتمل للجزائر إلى مجموعة بريكس من العلاقة بين البلدين، بالشكل الذي يعزز من مكانة الجزائر الإستراتيجية في منطقة شمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط.