وقعت الجزائروالصين مؤخرا، على "الخطة الخماسية الثانية (2022-2026) للتعاون الإستراتيجي الشامل"، تزامنا مع تقدمها رسميا بطلب الانضمام لمجموعة "بريكس" الذي أعلنت بكين بخصوصها دعمها اللاّمشروط لعضوية الجزائر. كما وقع، الاثنين، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج رمطان لعمامرة، ورئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح بالصين خو ليفانغ، عن بُعد على "الخطة التنفيذية للبناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق" و«الخطة الثلاثية للتعاون في المجالات الهامة 2022-2024". تعرف العلاقات الاقتصادية بين البلدين منحنًى تصاعديا منذ سنوات، مع إنجاز شركات صينية لعدة مشاريع ضخمة، ونمو التجارة البينية بين البلدين. تعمل الجزائروبكين على تطوير علاقتهما الثنائية بشكل فعال، خاصة مع توجه الصين نحو تجسيد مشروع الرئيس الصيني شي جي بينج الذي أطلقه عام 2013، "الحزام والطريق" الذي تعد الجزائر إحدى فواعله الرئيسة في إفريقيا.وفي هذا الصدد، قال أستاذ العلوم السياسية والاقتصاد السياسي الدكتور حسين سالم، المتخصص في الشؤون الصينية، إن علاقات التعاون الاقتصادية بين الجزائروالصين تمتاز بالتطور والاستمرارية في مختلف الميادين وهذا نظرا للتوافق الجزائري- الصيني في مختلف القضايا التي تهم البلدين، والتقارب الكبير في وجهات النظر منذ زمن بعيد، والذي أخذ عدة أبعاد تاريخية وسياسية واقتصادية وحتى ثقافية كذلك. وقال سالم، إنه إذا نظرنا للأبعاد الاستراتيجية للتعاون الصيني- الجزائر، فإن ذلك سيترجم لنا في الخطة المعلن عنها من طرف وزير الخارجية الجزائري ونظيره الصيني وهذا بتوقيع الخطة الخماسية الثانية والتي تشمل الإستراتيجية الشاملة للتعاون بين البلدين في مختلف القطاعات الاقتصادية والطاقوية والفضاء والمجالات الثقافية.بالمقابل، تهدف الإستراتيجية الاقتصادية بين البلدين في مجال التعاون إلى الاستمرارية وتكثيف قنوات الاتصال والتعاون بينهما وتمس جميع القطاعات، بالإضافة الى تعزيز الشراكة الاقتصادية والتبادل التجاري بين البلدين، ما يؤدي الى تعزيز نظرة استراتيجية موحدة موائمة للاستراتيجيات التنموية للبلدين من جهة، إضافة لتغطية احتياجات الاقتصاد الصيني الطاقوية من الجزائر وفتح أسواقها للمنتوجات الصينية ومع تزايد النمو الاقتصادي السريع لبكين ينمو الضغط عليها للحصول على النفط من الجزائر.وبحسب سالم، فإن الجزائر تحتل مكانة مميزة في استراتيجية الصين، حيث شهدت العلاقات التجارية الثنائية نموا كبيرا، خاصة في السنوات الاخيرة.وقال ذات المتحدث، إن النموذج الصيني الناجح في النمو الاقتصادي يعتبر تجربة فريدة من نوعها في العالم تفيد الجزائر من أجل تتبع خطواتها في التنمية الاقتصادية بخصوصية جزائرية. من جانبه قال البروفيسور إسماعيل دبش، رئيس جمعية الصداقة الصينيةالجزائرية، إنه يجب التأكيد على أن وصول العلاقات الجزائريةالصينية إلى المستوى الاستراتيجي بعد المصادقة على اتفاقية "الخطة الخماسية الثانية (2022-2026) للتعاون الإستراتيجي الشامل" و«الخطة التنفيذية للبناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق" و«الخطة الثلاثية للتعاون في المجالات الهامة 2022-2024"، ناتجة عن عاملين هما إرادة الجزائر بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون، في تنويع الاقتصاد الوطني والدخول مباشرة في الاستثمار واكتساب التكنولوجيا، بحيث لا تبقى الجزائر رهينة فقط التبادل التجاري. وأكد دبش، أن الجزائر تعمل على تقليص الاستيراد وتعمل على تطوير عديد القطاعات، صيدلة، طاقة، طاقات متجددة، فوسفات ومعادن. وبحسب دبش، ترى الجزائر أن الصين دولة واعدة وأثبتت جدارتها وقدرتها واستعدادها لدعم برامج الجزائر في هذا الاتجاه. حيث ان مستوى هذا التعاون ناتج عن مرجعية سياسية وتاريخية تجمع البلدين منذ أكثر من ستة عقود، إذ أدّت الصين دورا أساسيا في دعم حرب التحرير الجزائرية. كما أدتّ الجزائر دورا كبيرا في استرجاع الصين لمكانتها في الأممالمتحدة، ولهذا نجد العلاقات الجزائريةالصينية وصلت للمستوى الاستراتيجي سنة 2014، ودخلت الجزائر في مبادرة الحزام والطريق وتوقيع الخطة الخماسية الإستراتيجية الثانية و«الخطة التنفيذية للبناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق" و«الخطة الثلاثية للتعاون في المجالات الهامة 2022-2024"، وهذه كلها آفاق تؤسس لأن تكون للجزائر والصين علاقات أقوى. بالمقابل، يضيف دبش الى أن توقيع هذه الاتفاقيات، مع رغبة الجزائر الانضمام إلى منظمة "بريكس"، يمثل خيارا استراتيجيا، خاصة مع توجهات الجزائر المتوافقة مع توجه بناء نظام دولي جديد أكثر توازنا، وقد رحبت الصين وروسيا بطلب الجزائر، حيث يمكن أن تكون الجزائر طرفا فاعلا في هذه المجموعة، خاصة وأنها تمثل قوة أمامية في المطالبة بترتيبات دولية جديدة يشارك فيها الجميع وتكون حاضرة فيها إرادات الدول، ولا تكون سجينة مجموعة دول ضد مجموعة دول. وبحسب دبش، فإن مستوى التعاون الاقتصادي بين الجزائروبكين مرشح لأن يتضاعف من تسعة إلى عشرة ملايير دولار التي سجلت في السنوات الأخيرة، إلى أرقام مضاعفة بعد توقيع هذه الاتفاقيات، وبالتالي تصبح الصين من بين الدول الكبرى التي تتعامل معها الجزائر، اقتصاديا وتجاريا وصناعيا وتكنولوجيا، خاصة مع توقيع الجزائر اتفاقية ثنائية مع الصين لاستغلال غارة جبيلات، واتفاقية أخرى لاستخراج الفوسفات، ومشروع ميناء الحمدانية وغيرها، وهي ما يُرشح نمو التعاون الاقتصادي الثنائي، ولتكون الجزائر منصة للتعاون الاقتصادي الصيني الأوروبي والإفريقي، عن طريق ميناء شرشال وغيره من الموانئ، والبنية التحتية الوطنية الجاهزة، للتوجه لتصدير السلع الجزائرية - الصينية للجوار الإقليمي.