عند كل موسم صيف، تحصد الشواطئ العشرات من الأرواح، وتتحوّل بذلك الخرجات الترفيهية والاستجمام للعائلات عبر الشواطئ إلى أحزان ومآتم حقيقية، وتبرز الإحصائيات المقدمة من طرف مديرية الحماية المدنية بسكيكدة ل«الشعب"، حجم الخطر الذي يهدّد سلامة المصطافين وبالأخص في الشواطئ غير المحروسة والصخرية. أرجعت الملازم الأول، ايمان مرواني، المكلفة بالإعلام والاتصال بمديرية الحماية المدنية لسكيكدة، ارتفاع معدلات الغرق في الشواطئ لعدم التزام المصطافين ورواد الشواطئ بتعليمات وقواعد السباحة، وتفضيلهم المغامرة في شواطئ تمنع فيها السباحة رغم خطورتها، والبعض الآخر يقصد الشواطئ خارج أوقات الحراسة، الأمر الذي يجعل سلامتهم في خطر كبير. وبحسب الحصيلة المؤقتة المتعلقة بموسم الاصطياف تمّ تسجيل إلى حدّ الآن، غرق 8 أشخاص بالشواطئ غير المحروسة، و4 غرقى بالشواطئ المسموحة بها السباحة، 3 منهم خارج أوقات العمل، والغريق الرابع تعرض إلى سكتة قلبية، حسب تصريح الطبيب المناوب، بالإضافة الى 3 غرقى بالمسطحات المائية، وحسب المصالح الحماية المدنية، فإن حالات الغرق على غرار الغريقين بشاطئ الرميلة رقم 3 ببلدية المرسى، تتراوح اعمارهم بين 21 و23 سنة، بشواطئ غير محروسة وممنوعة السباحة. المغامرة ونقص الوعي وراء ارتفاع حالات الغرق تؤكد المكلفة بالإعلام والاتصال على مستوى الحماية المدنية بسكيكدة، بأن من الأسباب الرئيسية في ارتفاع حالات الغرق بالشواطئ، هو عدم احترام المصطافين للرايات المرفوعة على مستوى الشواطئ، حيث إن عدم احترام المصطافين لقواعد السباحة والرايات المرفوعة في الشواطئ، يؤدي إلى ارتفاع عدد حالات الغرق. وأشارت الملازم الأول - في ذات السياق - إلى أنه في العديد من الحالات يتمّ رفع في الشواطئ الراية الحمراء التي تمنع السباحة وتؤكد خطورة البحر، لكن بالرغم من ذلك يغامر العديد من الأشخاص بحياتهم ويدخلون البحر للسباحة غير مكترثين للأمر، ويعرضون بذلك حياتهم للخطر، وتكون النتيجة في الأخير الغرق المحقق. وأضاف نفس المصدر سببا آخر وهو عدم احترام المصطافين للمسافات المسموحة للسباحة، ويغامرون بحياتهم بالسباحة لمسافات طويلة، وهذا الأمر أيضا يؤدي في الكثير من الحالات إلى الغرق، إلى جانب عدم تقيد المصطافين بالسباحة خلال فترات تواجد الحراسة التي يضمنها سباحو الحماية المدنية، بحيث يتمّ مع كل موسم اصطياف توظيف سباحين موسميين لمراقبة الشواطئ ومرافقة المصطافين والتدخل في حالات التبليغ عن وجود غرقى، لكن العديد من رواد الشواطئ لا يحترمون مواقيت عمل سباحيّ الحماية المدنية. وأضافت مرواني، أن مصالح الحماية المدنية وككل موسم صيفي، تنظم حملات تحسيس وتوعية جوارية، لفائدة المصطافين، على مستوى 32 شاطئا محروسا بالولاية، ويتمّ من خلالها تقديم تعليمات وإرشادات، ونصائح، فيما يخص أخطار السباحة، لاسيما عندما لا تحترم. ضجيج الشواطئ المحروسة.. حجة ضعيفة يقول أحد المصطافين من ولاية ام البواقي بشاطئ العسكري 01 غير المحروس بكورنيش "سطورة"، أن السبب الرئيسي لاختياره لهذا الشاطئ، يتمثل أساسا في البحث عن الهدوء، لأن الشواطئ المحروسة مكتظة والإقبال عليها كبير، كما يرى البعض الآخر من الذين التقت يهم جريدة "الشعب"، أن الشواطئ غير المحروسة نظيفة وجميلة، لاسيما الصعبة المسالك، مع اعترافه أن السباحة في أماكن غير محروسة يشكّل خطرا كبيرا على الأرواح. ورغم الحملات التحسيسية، فإنّ بعض المصطافين يضربون تلك النصائح والتوجيهات عرض الحائط، فتراهم يقبلون على الشواطئ الصخرية غير المحروسة، وأغلب أولئك المصطافين، كما أشار، أحد المصطافين من الولايات المجاورة، ما يؤدي إلى وقوع حوادث مميتة، سيما أنّ البعض لا يعي خطورة السباحة في مثل تلك الأماكن. ويرى البعض الآخر من المصطافين، أن سبب اختيار العائلات للشواطئ غير المحروسة بالرغم من الأخطار، وافتقارها للمرافق الضرورية للاصطياف، بحثا عن "الحُرمة"، لكون بعض العائلات تلجأ إليها لما تعرفه الشواطئ المحروسة من الاكتظاظ والاختلاط، أما عن الشواطئ الصخرية فيقول نفس المتحدث أنها مقصد الشباب من محبي المغامرة، ومنهم من يزاوج بين الاستجمام وصيد السمك بالسنارة. السباحة في شواطئ غير محروسة مخالف للشرع أوضح أمين المجلس العلمي الدكتور محمد حمروش، بخصوص حكم السباحة في الشواطئ غير المحروسة، بأن السباحة في البحر والمسابح وغيرها للرجال أو النساء من الأمور المباحة إن أمنت منها الفتنة ولم يترتب عليها مفاسد ولا مضار شرعية أو أخلاقية. وأضاف أن السباحة يشترط فيها أيضا أن لا تعرض صاحبها لأضرار بدنية قد تؤدي بحياته أو تعرضه للهلاك أو الموت، كالسباحة في الأماكن الممنوعة أو الشواطئ غير المحروسة، كما نرى كثيرا من الشباب، خاصة في هذه الأيام الشديدة الحرارة، يفضلون السباحة فيها بدعوى المغامرة أو البحث عن السكينة والهدوء، إلا أنها لا تخلو من الخطورة بل قد تؤدي بروادها إلى الهلاك المحقق. وأكد الدكتور محمد حمروش، أن ديننا نهانا أن نعرض أنفسنا إلى مثل هذا الهلاك وأمرنا بحفظ أنفسنا وعدّ الحفاظ على النفس إحدى الضرورات التي جاء الإسلام لحمايتها والحفاظ عليها، وحرّم تعريضها للهلاك أو الخطر، فالسباحة في مثل هذه الأماكن هو تعريض للنفس لهذه الخطورة كالموت والهلاك، لأنها شواطئ صخرية خطيرة من جهة، ولتعرضهم لضربات الشمس وهو خطر آخر يهدّدهم لافتقار هذه الشواطئ للشمسيات الضرورية، وللحراس وأعوان الحماية، وكذا التسمّمات الغذائية لانعدام وسائل حفظ الطعام وغيرها من الأضرار، وكل ذلك فيها مخالفة لما جاء في ديننا الحنيف. ومن هذا المنطلق يقول محمد حمروش، وجب على المسلم ألا يعرض نفسه لهذا الخطر، وألا يلحقه بغيره من أصدقائه أو أهله وأقاربه، وعلى المسؤولين أن يمنعوا مثل هذه الأخطار والمغامرات حفاظا على الأرواح والأنفس.