يتواصل برواق الفنون "عائشة حداد" بالجزائر العاصمة معرض الفنان التشكيلي مباركي جيلالي، الذي يرحل من خلال مجموعة من أعماله الواقعية إلى عوالم ساحرة تعج بالتراث الجزائري العريق وسحر الطبيعة، وكذا أجواء نفسية ووجودية، بأسلوب ذي قيمة فنية وتقنية عالية. ويشمل معرض "لمسات فنية مع نسمات صيفية"، الذي افتتح في 26 جويلية الجاري في إطار النشاطات الثقافية لمؤسسة "فنون وثقافة" لولاية الجزائر، أزيد من 20 عملا فنيا ذي أحجام ومواضيع مختلفة تتقاطر من زواياها رائحة التراث وعناصر الثقافة والتراث المادي واللامادي الجزائري. وأنجز الفنان إبداعاته وفق تركيب لوني متماوج ذي رمزية ودلالات توحي بارتباط الفنان بجماليات التراث الوطني، مدرجا فيها الألوان الداكنة والحالمة من خلال انتهاج أسلوب بسيط مع إبراز الأضواء الساطعة والخافتة في توليفة غاية في الأناقة. وتتمحور الأعمال المعروضة حول التراث والأصالة الجزائرية من خلال إبراز المعالم التاريخية واللباس التقليدي، وكذا جمال الطبيعة وتنوع العادات والتقاليد الأصيلة التي يجسد تراثها الأصيل والثري بعناصره على غرار جلسات الرجال في القصور الطينية بالجنوب وواحات النخيل وينابيع المياه وشوارع القصبة، بكل ما تحمله من موروث شعبي. وما يلفت الانتباه في مجموعة اللوحات، ومنها بورتريهات لأطفال وشيوخ، هو التدرج المحكم في الألوان واستعمال أسلوب وتقنيات الاتجاه الواقعي، الذي يعكس اهتمام الرسام بالموروث العمراني لكل مناطق الوطن، سواء في قصبة الجزائر أو في قصور الجنوب وغيرها، إلى جانب موسيقى وتراث كل منطقة. ويعتبر المعرض محطة أخرى في مسار هذا الفنان الذي احترف التشكيل من خلال مشاركته في العديد من الورشات منذ سنوات طويلة، وهو بمثابة دعوة لعشاق الواقعية لاكتشاف لوحات تمنحهم فرصة التعرف على تجربة عصامية، تعمل على حفر مكانها ضمن التجربة التشكيلية الجزائرية وتقديم نفس جديد واع، هو بمثابة جسر ثابت للحفاظ على قيم الجمال والفن والأصالة وتقديمها للجيل الجديد. وتم إنجاز أغلب الأعمال المعروضة بتقنية الأكريليك (الألوان المائية) والألوان الزيتية إضافة إلى تقنية الحبر الصيني الذي منح العمل بعدا جماليا عميقا، وخصوصا من خلال استخدام اللون البنفسجي، الذي يظهر في لوحة بدون عنوان واجهة بحرية مليئة بالصخور وقت الغروب، إلى جانب توظيف مادة القهوة في تجسيد تفاصيل البورتريهات كخيار تقني فني مغاير جديد. وأشار الفنان في هذا الإطار أنه "يميل في أعماله الفنية المعروضة للمدرسة الواقعية بشكل ملفت، باعتبارها أداة للافتخار بثراء وكنوز التراث الجزائري العريق، وملاذا أيضا للغوص في مواضيع عديدة، وهذا للتعبير عما يجول في أعماقه من أفكار ومشاعر". وأضاف أن مسيرته الفنية انطلقت منذ سنوات طويلة بالعاصمة، وقد شارك بعدها في العديد من المعارض الفردية والجماعية داخل الجزائر وخارجها..