عادت القضية الصحراوية هذا الأسبوع إلى واجهة الأحداث من خلال الهبة التضامنية الدولية الواسعة مع الشعب الصحراوي الذي ما زال يعاني جور الاحتلال وتواطؤ المجموعة الدولية وإجحاف من يسيرون دواليب الهيئات الأممية ويمنعون عنه حقه في تقرير مصيره ونيل استقلاله وبناء دولته. لقد عادت القضية الصحراوية هذه الأيام مع تحديد موعد محاكمة المعتقلين السياسيين الصحراويين ال 24 فيما يعرف بقضية “اكديم ازيك" أمام محكمة عسكرية، ومعها ارتفعت الأصوات منددة بإمعان الاحتلال المغربي في خرق حقوق الإنسان بالأراضي المحتلة، ولتطالب بتوسيع مهمة بعثة المراقبة الأممية “المينورسو" إلى مراقبة هذه الحقوق التي أصبحت عملية اغتصابها ممنهجة وتتم بدون حسيب أو رقيب، خاصة وأن الشرعية الدولية أصبحت مصابة بعمى الألوان ولا يمكنها أن ترى الفضائع التي يتعرض لها الصحراويون. في الواقع إذا كانت حادثة الهجوم على مخيم “اكديم ازيك" الواقع قرب العيون في نوفمبر 2010 واعتقال أزيد من عشرين صحراوي نراهم اليوم يساقون أمام محكمة عسكرية، قد دفعت بالقضية الصحراوية إلى قلب الحدث، فإنها بالمقابل جاءت في الوقت المناسب لتلفت الانتباه بجدية أكبر إلى هذه القضية التي باتت عرضة للتهميش والطمس وقبل ذلك وبعده لمؤامرة يحيكها بدهاء الاحتلال المغربي بتواطؤ مع دول فاعلة لفرض سلطته على الإقليم الصحراوي. لقد مرّ اليوم 38 عاما على احتلال الصحراء الغربية، ولم يبزغ في الأفق نهاية للنفق، فالمغرب مازال متشبثا بالأراضي الصحراوية، معتبرا الصحراويين المصرين على استعادة حقهم مجرد انفصاليين متمردين يريدون تفتيت وحدة المملكة الترابية، والصحراويون من جهتهم متمسكون بحقهم في تقرير مصيرهم وفقا لما نصت عليه القرارات الدولية، وبين الجانبين هناك طرف ثالث يدعم كفة المحتل الذي يبدو بأنه استحلى حالة اللا حرب واللا سلم ويريد تمديدها لأطول مدة ممكنة حتى يرسخ سلطته على الإقليم الصحراوي بالتقادم، وحتى مبادرة الحكم الذاتي التي يحاول العرش التمويه بها، فهي تؤكد الاحتلال و«تشرعنه" لا أكثر ولا أقل... بعدما يقارب أربعة عقود من الاحتلال تحول النزاع الصحراوي من قضية ساخنة إلى أخرى جامدة لهذا يجب على الشعب الصحراوي والمتضامنين معه في كل مكان تكثيف تحركاتهم في اتجاه المنظمة الأممية حتى تتحمل مسؤوليتها، فالقضية الصحراوية مسجلة منذ 1963 في لوائحها كقضية تصفية استعمار، وقد أدرجتها ضمن خانة المستعمرات الواجب تحريرها ومنح شعبها حق تقرير مصيره، كما أنها لا تنظر إلى المغرب إلا كقوة استعمارية غير شرعية. من الضروري إذن الضغط على هذه الهيئة التي دأبت على ممارسة مسؤولياتها بانتقائية وانحياز، لكي تنفذ قراراتها الخاصة بالقضية الصحراوية وعلى رأسها اللائحة الصادرة في نوفمبر 1974 والتي تقضي بتنظيم استفتاء لتقرير المصير في الصحراء الغربية تحت إشرافها. القضية الصحراوية هي اليوم بين سندان محتل متغطرس وشرعية نائمة أو متواطئة، وصبر الصحراويين حتما سينفذ ليعيدوا النظر في مسألة وقف القتال ويعلنوا العودة إلى السلاح، مما يفتح أبواب جهنم على المنطقة التي تعيش أجواء توتر خطيرة بفعل الأزمة المالية، فمتى يستعيد الصحراويون أرضهم وحقهم ؟