استثمارات تصل إلى 15 مليار دولار لامتصاص الندرة لا ترخيص باستيراد أي علامة دون مشروع لتصنيعها محليا.. يتواصل تحدي الجزائر حول بعث الصناعات الميكانيكية من خلال التحفيزات التي تقرّها في كل مرّة سواء فيما تعلق بالمرافقة التنظيمية بدءا بقانون الاستثمار إلى دفاتر الشروط والمواد الصارمة التي يتضمنها، مما يؤكد جدية تعامل السلطات العمومية مع هذا المجال، فعلى سبيل المثال، فرضت وزارة الصناعة شرط إطلاق مشاريع استثمارية على المستوى الوطني، لتصنيع علامات سيارات، مقابل الترخيص باستيرادها، مما يضمن تصنيعها محليا ويوفر مناصب شغل لأيادي عاملة جزائرية وصفقات لشركات مناولة جزائرية. كما فتحت الجزائر أبواب الاستثمار في مجال الميكانيكا على مصراعيها أمام الشباب الجزائري الذي أثبت قدرته على الابتكاروالتطوير..خطوات عملية وإجراءات تنبؤ باهتمام جدي من طرف السلطات العمومية بالاستثمار في التصنيع الميكانيكي من أجل تلبية حاجيات السوق المحلية التي باتت متعطشة للعتاد الميكانيكي. تحدث الخبير الاقتصادي، الدكتور إسحاق خرشي عن حجم الفرص المتوفرة على مستوى السوق المحلية المتعطشة للمنتجات الميكانيكية من المركبات بنوعيها السياحي والنفعي، من خلال الطلب القوي على هذه الأخيرة، بعد طول انتظار وانسداد تجاوز الخمس سنوات، حيث يحوز ملف صناعة وتركيب السيارات على المساحة الأوسع من حيث الاهتمام والمتابعة من طرف الجهات المعنية، على رأسها وزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني ومصالح الجمارك الجزائرية، وغيرها من القطاعات ذات صلة بهذا النشاط الذي تمت إعادة بعثه بقوة، في نسخة جديدة تضمنت العديد من الإصلاحات الهيكلية والتنظيمية، بالإضافة إلى العديد من الامتيازات المشجعة للفاعلين الاقتصاديين ممن اختاروا الاستثمار في الصناعات الميكانيكية والخوض في مجالاتها، لا سيما صناعة السيارات، حيث أعلن وزير الصناعة، علي عون صراحة، أن استيراد سيارات "جاك" و«أوبل" لن يتم إلا بعد شروع هذه الأخيرة في النشاط الفعلي من خلال مشاريع لتصنيع العلامتين على المستوى الوطني. قطاعات بحاجة إلى تجديد حظيرتها ويرى خرشي، أن الانسداد الذي عرفه ملف السيارات منذ 2017، قد ترتب عنه شح للعرض وتوقف نهائي لأسواق السيارات أمام تراجع واردات الجزائر لهذا النوع من المنتجات الميكانيكية، وارتفاع أسعارها حيث تشير الأرقام التقريبية إلى أن حاجة السوق المحلية من السيارات تصل إلى 400 ألف/ السنة، لتحقيق معادلة التوازن بين العرض والطلب، مما سيعيد أسعار هذه الأخيرة إلى قيمتها التجارية الحقيقية، مع مراعاة المصلحة التجارية سواء للموزعين أو الوكلاء، بعد أن بلغت مستويات خيالية جراء غلق أسواقها لمدة 5 سنوات، تفاقمت خلالها حاجيات جميع القطاعات كالفلاحة والنقل والسياحة وغيرها دون استثناء. حيث باتت هذه الأخيرة، في أمس الحاجة لتجديد حظيرتها من المركبات التي تقدمها الصناعات الميكانيكية من شاحنات وجرارات وحافلات. وفي هذا الصدد ونظرا للحاجة الملحة لضمان الخدمة الإنتاجية واستمرارية النشاط الفلاحي، يقول خرشي، كانت السلطات العمومية قد أقدمت فيما سبق، بمنح رخص استيراد استثنائية للعتاد الفلاحي من أجل تجديد الحظيرة الفلاحية بمختلف التجهيزات من جرارات وآلات حصاد وغيرها، ما اعتبره الخبير الاقتصادي قرارا حكيما وضع المصلحة العليا للاقتصاد الوطني وحماية قطاعاته الحساسة فوق كل الاعتبارات وعلى رأس كل الأولويات. واستعان الخبير الاقتصادي بلغة الأرقام للتعبير عن حجم الاستثمارات الضخمة، حيث أشار إلى أن سوق الصناعات الميكانيكية بالجزائر تتطلب 15 مليار دولار لبعث مشاريع استثمارية لتهدئة التعطش المزمن الذي عرفته السوق المحلية والطلب المتزايد الذي تجاوز المليون مركبة بجميع أنواعها، مما سيسمح باستقرار الأسعار التي تحتاج إلى 20 ألف سيارة/سنويا، للعودة إلى توازنها النسبي وقيمتها التجارية الحقيقية المتداولة على مستوى الأسواق العالمية. وفي سياق متصل، نوّه إسحاق خرشي بالنقاط الايجابية التي تضمنها دفتر الشروط الجديد التي ستسمح بتسريع سد الفجوة بين العرض والطلب، حيث منح هذا الأخير الحق في استيراد المركبات من مختلف العلامات، حصريا للمتعاملين الاقتصاديين الذين سيشرعون في تصنيعها بالجزائر قريبا، بنسب إدماج حددتها وزارة الصناعة ب 5% ثم 10%، على أن تصل إلى 40% خلال 5 سنوات، لتحقيق صناعة ميكانيكية محلية حقيقية، مثل ما هو الحال بالنصبة للعلامتين "جاك" و«أوبل"، حسب ما تضمنه تصريح وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني مؤخرا، لدى زيارته لمصنع السيارات "فيات". أروقة اقتصادية ذات بعد تنموي وبالحديث عن التصنيع وتحقيق أعلى نسب إدماج ممكنة، ركز المتحدث على أهمية التطرق إلى المناولة كعنصر مهم في معادلة التأسيس لصناعة ميكانيكية حقيقية، مشددا على أهمية تقييم القدرات المحلية والإمكانيات التي توفرها المناولة وطنيا، من حيث عدد المناولين، قطع الغيار من أجزاء ومنتجات أساسية يتم تصنيعها محليا، على غرار المنتجات والمدخلات البلاستيكية التي تدخل في تصنيع السيارات، حيث اعتبرها خرشي، مجالا واعدا يمنح العديد من فرص الشغل، خاصة إذا ما اعتبرنا أن المركبة الواحدة تتضمن ما لا يقل عن 6 آلاف قطعة غيار، حسب الأرقام التقريبية. إضافة إلى حتمية تحديد مواقع الشركات المناولة على المستوى الوطني، حيث حبذ المتحدث تمركزها بمحاذاة المناطق الصناعية، مما سيمكن مستقبلا من تكوين رواق اقتصادي يمنح حركية وديناميكية اقتصادية لمكان تواجده وبالتالي تحقيق تنمية محلية واقتصادية على مستوى مناطق النشاط الاقتصادي التي غالبا ما تتمركز بأماكن معزولة تفتقد إلى المرافق الحيوية، وهي التعليمات التي تتكرر خلال الزيارات التفقدية لمسؤولي القطاعات المختلفة إلى أماكن تواجد المشاريع الاستثمارية، تنفيذا للأهداف التي سطرها رئيس الجمهورية، بجعل مناطق النشاط الصناعي مراكز انبعاث اقتصادي وتنموي. الصناعات الميكانيكية توطيد للمبادلات التجارية الخارجية بالنسبة لمستقبل الصناعات الميكانيكية بالجزائر، يتوقع خرشي، انتعاشا مرتقبا ورواجا لهذه الأخيرة على المدى القصير، بعد الانطلاق الفعلي في الإنتاج لمصنع "فيات" الذي بلغت نسبة تقدم الأشغال به 75%، بحسب تصريح وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني مؤخرا، حيث أعلن أن أوّل سيارة "فيات" مصنعة بالجزائر، سيكون شهر ديسمبر المقبل. إضافة إلى منح تراخيص لعلامات جديدة بالاستيراد فور مباشرتها بإطلاق مشاريع للتصنيع بالجزائر، مساهمة بذلك في الناتج المحلي الخام ورفع معدل النمو الاقتصادي. كما أن الحركية الاقتصادية التي تعرفها الصناعات الميكانيكية بالجزائر، ستسمح بتوطيد المعاملات التجارية ومضاعفتها بين الجزائر وشركائها الاقتصاديين من مختلف دول العالم، على غرار ايطاليا، الموطن الأصلي لعلامة "فيات"، حيث تضاعف حجم المبادلات التجارية بين الجزائروايطاليا، بعد الترخيص باستيراد سيارات العلامة "فيات" من 7 إلى 15 مليار دولار. إضافة إلى خلق مناصب الشغل وامتصاص البطالة من خلال شركات المناولة المتمثلة أساسا في الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، ما يعتبر فرصة حقيقية للشباب الجزائري للحصول على مناقصات تجنب الخزينة العمومية تكاليف استيراد ما يمكن تصنيعه بالجزائر بإمكانيات وسواعد جزائرية.