مع دخول عمليات الإنقاذ في ليبيا أسبوعها الثاني، أمس الاثنين، تواصل فرق الإسعاف الليبية بمساندة فرق أجنبية انتشال عشرات الجثث، رغم ارتفاع الأمواج قبالة سواحل درنة، ورغم تراجع آمال العثور على ناجين. خوفاً من انتشار الأمراض عَقب الفيضانات المدمّرة التي أودت بحياة آلاف السكان، بدأت السلطات بعملياتِ تطهيرٍ لمدينة درنة، حيث بلغت المساحةُ الإجمالية للمنطقة التي غمرتها السيولُ والفيضانات ستةَ كيلومترات مربعة. ووجد الليبيون الذين جرفت الفيضانات منازلهم في مدينة درنة بشرق البلاد قبل أسبوع أنفسهم محاصرين بين مطرقة البقاء في المدينة وتحمل نقص المياه واحتمال إصابتهم بالعدوى وسندان الفرار منها عبر مناطق جرفت الفيضانات ألغاما أرضية إليها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، إنّ المشردين يعيشون في ملاجئ مؤقتة أو مدارس أو يكتظون في منازل أقاربهم أو أصدقائهم. وأضاف أنّ مياه الفيضانات نقلت الألغام الأرضية وغيرها من الذخائر التي خلفها الصراع على مدار السنوات الماضية، ممّا يشكّل خطرا إضافيا على آلاف النازحين المتنقلين. وجرفت المياه مناطق بأكملها في درنة، التي يقدر عدد سكانها بنحو 120 ألف نسمة على الأقل، أو غطتها بالوحل. وأفادت وسائل إعلام رسمية أن ما لا يقل عن 891 بناية دُمرت في المدينة، فيما قال رئيس البلدية إن 20 ألف شخص ربما يكونون قد لقوا حتفهم جراء هذه الكارثة. مخاطر تحدق بسدّين آخرين في الأثناء، أعلن مسؤول ليبي تقسيم مدينة درنة إلى 3 مناطق حسب حجم الضرر، في وقت حذرت فيه الأممالمتحدة من مخاطر تحدق بسدين آخرين شرقي البلاد. وقال رئيس غرفة عمليات طوارئ صحة المجتمع، إن التقسيم تمّ بحسب حجم الضرر الذي لحق بكل منطقة، وهي كالتالي: المنطقة الأولى: وهي المنطقة المتضررة ولا يمكن العيش فيها، ويجب أن تخلى من السكان، عدا فرق الإنقاذ والإسعاف. المنطقة الثانية: وهي المنطقة الهشة التي غمرتها المياه، ولكن العيش فيها يشكل خطورة على الأفراد. المنطقة الثالثة: وهي القابلة للعيش. كما حذّر المسؤول من استعمال مياه الشرب التي مصدرها شبكة المياه الحكومية في درنة خشية تلوثها. وفي سياق متصل، حذر مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من مخاطر تحدق بسدين آخرين شرقي ليبيا، بعد أن ورد أنهما يتحملان كميات هائلة من الضغط المائي عقب إعصار "دانيال" الذي ضرب المنطقة قبل أسبوع. وذكر مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أن السدين المعنيين هما سد "وادي جازة" الواقع بين مدينتي درنة وبنغازي، وسد "وادي القطارة" قرب بنغازي. في المقابل، قالت السلطات الليبية إنّ كلا السدين في حالة جيدة، ونقل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية عن السلطات الليبية قولها إنه يجري تركيب مضخات في سد جازة لتخفيف الضغط عليه. الاتحاد الأفريقي يتحرّك في الأثناء، أعلن الاتحاد الأفريقي، تفعيل آلية لإدارة الحوادث بهدف تقديم الدعم لليبيا في جهود التصدي لتداعيات السيول العارمة التي ضربت شرق البلاد، بما يشمل نشر فريق من الخبراء لتقديم المساعدة. وقال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، في بيان، إن إدارة الزراعة التابعة للمفوضية بالاشتراك مع عدد من الجهات التابعة للاتحاد، قامت بتفعيل آلية إدارة الحوادث في إطار دعم الاتحاد للاستجابة الوطنية في ليبيا بما يشمل عقد اجتماعات منتظمة مع البعثة الليبية الدائمة لدى الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا. وأضاف البيان أن المفوضية ستنشر أيضا فريق خبراء من عدة قطاعات تشمل إدارة الزراعة والتنمية الريفية والاقتصاد الأزرق والبيئة المستدامة، وإدارة الصحة، والمراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، وذلك لمواصلة تقديم الدعم لدولة ليبيا. وجدّد فكي النداء إلى الدول الأعضاء والشركاء الدوليين من أجل "زيادة الدعم بشكل عاجل، تضامنا مع دولة وشعب ليبيا"، من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة في أعقاب الدمار الذي أصاب البلاد.