خطوة جبّارة في طريق دعم الصادرات خارج المحروقات سعياً لتعزيز حضورها في الأسواق الإفريقية وتذليل العقبات أمام المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين ونظرائهم في إفريقيا، افتتحت الجزائر أول بنكين لها في الخارج منذ الاستقلال. الخطوة التي وُصفت بالتاريخية، تأتي غداة إقرار ترسانة قوانين تم إعدادها خصيصاً لدعم مناخ الاستثمار في الجزائر، وتعزيز فرص حضور المنتجات الجزائرية في إفريقيا، وترقية حجم الصادرات خارج المحروقات. بنك الاتحاد الجزائري الذي تحتضنه العاصمة الموريتانية نواكشوط، يُعدُّ أول بنك جزائري في الخارج، وهو نِتاج شراكة مثمرة بين 04 بنوك عمومية برأس مال قدره 50 مليون دولار. تربط الجزائروموريتانيا مذكرة تفاهم للتشاور السياسي، تشهد طفرة اقتصادية وتبادلاً تجارياً متزايداً منذ افتتاح المعبر الحدودي البري مصطفى بن بولعيد شهر أوت من سنة 2018، وقد تعزّزت هذه الشراكة بإطلاق أول بنك خارج الجزائر منذ الاستقلال بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، أعقبها افتتاح البنك الجزائري السنغالي في داكار. إطلاق بنكين جزائريين في الخارج، سيكون لهما إسهامٌ فاعل ومشاركة حيوية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في موريتانيا والسنغال، من خلال تلبية مختلف الاحتياجات التي تعبر عنها المؤسسات الاقتصادية الجزائرية ونظيرتها في هاذين البلدين، عن طريق إطلاق منتوجات وخدمات مالية متنوعة تتسم بالنوعية وبالسرعة المطلوبة في تقديمها خدمةً للمتعاملين الاقتصاديين، كما سيسمحان للمتعاملين الجزائريين بالاستثمار في موريتانيا والسنغال وتسويق منتجاتهم بكل أريحية. ثمّن يحياوي بيغا مالك شركة أنفدوا للتصدير افتتاح الجزائر لبنكين خارجيين لها في كل من نواكشوط وداكار، واصفاً الخطوة ب "الجبّارة" التي تدعم الصادرات الجزائرية نحو الأسواق الإفريقية. قال بيغا إن إطلاق بنك الاتحاد الجزائري في موريتانيا، يعكس إرادة البلدين في تطوير علاقتهما البينية وتنويعها والمضي بها الى الأمام، حتى تصل الى المستوى الذي يناسب عمق العلاقات بين الشعبين الجزائري والموريتاني. أشار المتحدث الى أن إطلاق بنك الاتحاد الجزائري والبنك الجزائري السنغالي له دلالات سياسية واقتصادية عميقة، ويمثلان تجسيداً واقعياً لسياسة رئيس الجمهورية الرامية الى دعم كل ما قد يزيد من صادرات الجزائر نحو الدول الإفريقية، منوهاً الى أن هذه الخطوة هي إثبات للامتداد الجزائري داخل عمقها الإفريقي، وتعزيز حضورها في أسواق هذه الدول، من خلال إنشاء مؤسسات مصرفية جزائرية في دول الجوار. المتحدث وهو يعدّد إيجابيات فتح بنوك جزائرية في الخارج، ذكّر بالمخاطر التي كانت تحدق بالمصدّرين وبأموالهم المنقولة براً، مشيراً الى أن المتعامل الاقتصادي الجزائري كان يكلّف سائق الشاحنة بشحن الأموال بالعملة الصعبة والمرور بها عبر المعبر الحدودي البري مصطفى بن بولعيد، حتى يتمكن من استخراج شهادة إدخال العملة المذكورة ثم إيصالها للبنك بتندوف. نوّه المتحدث الى أهمية وجود بنك جزائري في الخارج، والذي سيغني عن نقل الأموال بالطرق التقليدية، وسيقلل من هامش المخاطرة بنقل الأموال براً ومن مخاطر إتلافها أوتعرضها لأي عوارض في الطريق. وفي معرض رده على سؤال ل "الشعب" حول إشكاليات صرف العملات الأجنبية مقابل الدينار، أوضح يحياوي بيغا أن وجود بنك جزائري في نواكشوط وداكار لن يُحدث فرقاً في هذه المسألة، باعتبار أن صرف الدينار الجزائري في الخارج يعترف بالقيمة المعروفة عندنا في السكوار، ففي ظل غياب تعويم للدينار فإن المصدّر يصرّف الدينار الجزائري بما قيمته أكثر من 21 ألف دينار جزائري لكل 100 أورو، وأن سعر الدينار الجزائري في الخارج يوافق السكوار ولا يوافق البنوك على حد تعبيره. دعا المتحدث الى ضرورة دراسة مسألة الصرف خاصة بالنسبة للمصدّر، "فلا يمكن أن يتساوى المصدّر مع المستورد في ثمن الصرف"، معرباً عن أمله في أن تتمكن السلطات العليا بالبلاد وخاصة وزارة المالية في إيجاد حلول لهذه المعضلة، أوالسماح للمصدّرين بزيادة كمية سحب الأموال الصادرة من البنوك في الجزائر. قال يحياوي بيغا إن البنك الجزائري في موريتانيا سيعكف على تسهيل إيصال الأموال من والى الجزائر، كما سيقوم بنزع المخاطر التي قد تواجه المصدّرين الجزائريين، ولن يكون للبنك أي تأثير على مسألة قيمة الصرف، والتي يحتاج لها المصدّر من أجل دعم تنافسية السلع الجزائرية في الأسواق الإفريقية والتقليل من قيمة خسارة الصرف بالنسبة للمصدّر. استطرد المتحدث قائلاً: إن المصدّر الجزائري سيظل يخسر 40% من قيمة الصادرات نظراً لقيمة الصرف الموجودة في الجزائر، وهذا يحتاج الى قرارات إضافية أخرى من طرف الحكومة. يرى بيغا أن المطالب والانشغالات المتعلقة بالتصدير والمصدّرين ستظل قائمة، وهو أمر موجود حتى في الدول العظمى والاقتصاديات الكبرى، معرباً في الوقت ذاته عن ثقته في السلطات العليا التي أبدت اهتمامها بشكل جدي بمشاكل المصدّرين وتقوم بإزالة العقبات الواحدة تلو الأخرى، وهو ما يحفّز المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين ويدفعهم الى الاستمرار في هذا النهج الاقتصادي، ومواصلة تعزيز حضور السلع الجزائرية في الأسواق الإفريقية. اختتم المتحدث القول بالتأكيد إنّ أكبر مطلب للمصدّرين وأهم نقطة قد تدعم الصادرات الجزائرية هو التأكيد على عدم خسارة المصدّر لفارق الصرف، فقيمة صرف الدينار الحالية تدعم المستوردين فقط، فالمستورد يدفع 150 دينار لقاء 01 أورو، في حين أن المصدّر يدفع 220 دينار في الخارج عن كل أورو. مجدداً التأكيد على أن "أهم قرار سيقوي من مكانة السلع الجزائرية في الخارج وقدرتها على التنافسية، هو تغيير قيمة الصرف الحالية، وهو انشغال يختزل كل مشاكل المصدّرين".