قانون العقوبات المعدّل..حماية أكبر للمرأة عاد اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة بتاريخ 25 نوفمبر هذه السنة ليكون امتحانا صعبا لكل المنظمات الإنسانية والحقوقية العالمية التي هزمتها شجاعة المرأة الفلسطينية وصمودها في وجه آلة القتل الصهيونية، وأثبتت أنّها قادرة على حماية نفسها وشرفها، والدفاع عن أرضها وحقوقها بعيدا عن الشعارات الجوفاء التي ترفعها هذه المنظمات، كما أثبتت الكثير من الدول ومنها الجزائر التزامها الكامل بالمواثيق والاتفاقيات التي صادقت عليها وأقرّتها الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ تاريخ تحديد هذا اليوم كمناسبة لرقية دور ومكانة المرأة في المجتمع، وأهمية حمايتها من كل أشكال العنف. جدّدت الجزائر على لسان وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة كوثر كريكو، خلال قمة أوزباكستان موقف الجزائر الداعم لحماية المرأة وترقيتها، وإشراكها في كل مناحي الحياة بما فيها المجال الاقتصادي والمساهمة في خلق الثروة عن طريق ترسانة القوانين التي سنّت خصيصا لضمان حقوقها الاجتماعية كحق التعليم، العمل والمشاركة الايجابية والفعالة إلى جانب الرجل، إضافة إلى مختلف البرامج واليات الدعم والتضامن الوطني في إطار حماية الأسرة والفئات الهشة في المجتمع بفضل سياسة الدعم المباشر والمنح الجزافية التي استفادت منها هذه الفئة كمنحة البطالة، والمنحة المخصصة لفئات بدون دخل وكبار السن وغيرها. إلى جانب مجهودات الدولة في مجال ترقية المرأة الجزائرية، ومرافقتها للاستفادة من آليات وبرامج التضامن الوطني، والانخراط في معترك الحياة السياسية والاقتصادية كعنصر فاعل ومساهم في مسار التنمية المحلية، أشادت وزيرة التضامن بالمناسبة بأهم المكاسب التي حقّقتها المرأة في السنوات الأخيرة بفضل ترسانة القوانين والتدابير التي جاءت لحمايتها من كل أشكال العنف اللفظي والجسدي وحتى الاجتماعي والاقتصادي بفضل المواد الصريحة الني نصّ عليها دستور 2020، أهمها المادة 40 التي نصّت على "حماية المرأة من كافة أشكال العنف الجسدي واللفظي في كل الأماكن والظروف، وتمكينها من فرص الإدماج الاجتماعي والمهني عن طريق المرافقة وتوفير وسائل الدعم". وقبل هذا عرفت المنظومة القانونية والتشريعية المتعلقة بحماية المرأة من ظاهرة العنف والاستغلال غير القانوني وهضم الحقوق وإشراكها في المجتمع، بحسب الكثير من المختصين وخبراء القانون الكثير من المكاسب والتعديلات لإثرائها وتحيينها مع المتغيرات الجديدة حتى تواكب تطورات المجتمع الجزائري في كل المجالات، كان من أبرزها "قرار تعديل قانون العقوبات سنة 2015 بهدف حماية المرأة وتجريم العنف بكل أشكاله، حيث شدّد القانون 19/15 لسنة 2015 المعدل والمتمم للأمر 66/156 المتضمن قانون العقوبات تجريم خاص لكل الاعتداءات التي تقع ضد المرأة بداية من البيت والأسرة الى الشارع وأماكن العمل. عقوبات صارمة لجنحة العنف الجسدي لقد ساهمت هذه الترسانة الجديدة التي أكّد عليها دستور 2020 وقانون العقوبات المعدل في تحقيق عدة مكاسب قانونية واجتماعية، ومعالجة الكثير من الفراغات التي تركتها القوانين السابقة، خصوصا ما تعلق بالشق الاجتماعي والأسري وحتى المهني، وما تعانيه المرأة من مضايقات وتحرشات في أماكن العمل، مع تشديد العقوبات وتجريم العنف بكل أشكاله، أبرزها العنف الجسدي الأكثر شيوعا في المجتمع الجزائري، حيث حدد المشرع الجزائري في المادة 266 مكرر ضوابط وعقوبات صارمة تتراوح ما بين سنتين الى خمس سنوات في حالة الاعتداء المفضي إلى عجز لمدة 15 يوما، وقد تصل العقوبة الى 20 سنة في حالة حدوث عاهة مستدامة، وغيرها من العقوبات المقترحة حسب حجم الجرم المرتكب ضد المرأة، وكلها دعائم جاءت لتحمي هذه الفئة الهشة والحساسة في المجتمع، وتمكينها من حقوقها المهضومة بسبب تركيبة المجتمع وتسلط الرجل. وتبقى هذه المناسبة العالمية المرتبطة بحقبة سوداء وأحداث أليمة تعود لسنة 1960، حيث شهدت حقوق المرأة منذ عقود وعلى مرّ التاريخ الكثير من الانتهاكات، خصوصا في البلدان التي عانت من وليلات الاستعمار منها الجزائر، وهذا قبل المصادقة على القرار رقم 104/48 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي جعلت 25 نوفمبر من كل سنة يوما للاحتفال بالمرأة ودورها الأساسي في التنشئة الاجتماعية وبناء الأسرة والحفاظ على تماسكها، ويقابل هذا الدور واجب الحماية من كل أشكال العنف المتحور والمتجدد بتحول المجتمعات وتطورها التكنولوجي التي أوجدت جرائم جديدة مستحدثة عرفت بالجريمة الالكترونية ومظاهر الابتزاز، وهي سلوكيات تستوجب تحيينا وتكييفا مستمرا لقانون العقوبات من أجل توفير حماية كاملة للمرأة حتى تستمر في أداء رسالتها النبيلة في المجتمع بعيدا عن كل الضغوطات والإكراهات.