لعل أول ما يشد انتباه متصفح موقع وزارة الداخلية الجزائرية هو العدد الهائل للجمعيات الثقافية والذي يتجاوز 8449 جمعية ثقافية وفنية منها 8305 جمعية محلية، وبولاية باتنة فعدد الجمعيات يتجاوز ال 3000 جمعية على اختلاف اهتماماتها، كما أحصت مصادر ل" الشعب “ وجود أكثر من 100 بعاصمة الاوراس، ورغم أن هذه الأرقام الرسمية، تؤكد أن عدد الجمعيات المحسوبة على الثقافة في الولاية خاصة والجزائر عامة كبير وكان يفترض أن يكون الحضور الفعلي لهذه الجمعيات قويا في الساحة. الحقيقة في الواقع مختلفة تماما بل وبعيدة عما هو موجود، حيث يقتصر دور الجمعيات في الساحة، حسب الاستطلاع الذي أجرته “الشعب" أثناء التحضير لهذا الملف على المناسباتية وحب الظهور خاصة عندما يكون والي الولاية حاضرا أو من ينوب عنه، ويضاف إلى الواقع “ المر “ للجمعيات بباتنة، تراجع دور هذه الهياكل المدنية في احتضان الأنشطة الثقافية ومواكبة الحراك الاجتماعي والرهانات المعول مواجهتها. وهو ما يفسر حقيقة تحول أغلب، إن لم نقل كل الجمعيات من مهمة تفعيل الحركة الثقافية والتجاوب مع أفكار الرأي العام وتطويره ثقافيا، إلى مجرد أبواق تتراشق فيما بينها تطاردها لعنات “غياب الدعم ونقص الاهتمام" من المسؤولين الذين يؤكدون بدورهم أن الجمعيات الثقافية قد أفل نجمها وانحرفت عن أدوارها الفعلية. اقتربت “الشعب" من خالد بن نية رئيس إحدى الجمعيات الثقافية باتنة والمعروف بنشاطه الكبير في الولاية للوقوف على حقيقة وواقع الجمعيات الثقافي، حيث أشار إلى أن جمعيته الموسومة ب “ الشباب للفنون والموسيقى"، ، تأسست في31 جانفي 2009، تحمل رقم اعتماد 08/09 ذات طابع فني ثقافي موسيقي، هي الجمعية الوحيدة ولائيا المهتمة بالموسيقى الشبابية، وتلعب دورا مهما في تفعيل الحركة الثقافية بالولاية، بالإضافة إلى التبادل والتواصل بين مختلف الجمعيات الولائية والوطنية، وأخيرا تعريف الشباب بمختلف الاجناس الثقافية، مع السعي إلى تكوين جيل مثقف موسيقيا وفنيا. كما قال بن نية ل«الشعب" أنه “اختير مؤخرا من طرف 60 جمعية ثقافية بالولاية كمنسق ولائي للدفاع عن انشغالات هذه المنابر الثقافية المهمة التي تأتي على رأس الأهداف التي تسعى جاهدة “الشباب للفنون والموسيقى" لتحقيقها، لإعطاء نفس للثقافة في الولاية ببلدياتها ال61 لفائدة المجتمع المدني، وإحياء عدة مواعد تاريخية وثقافية ووطنية وغيرها، وترقية الموسيقى وتحفيز الشباب على النجاح فيها، اضافة وبالموزاة مع ما سبق ذكره ترقية النشاطات الثقافية. وكشف محدثنا عن وجود برنامج ثري بالنشاطات في مختلف أصناف الموسيقى الشبابية والتراثية التي تخدم الثقافة الأوراسية، نافيا بذلك التهم التي توجهها الإدارة للجمعيات بأنها مناسباتية. غياب الدعم، مشاكل المقرات والصراعات وراء تراجع دور الجمعيات يعتبر غياب المقر و نقص الدعم المادي والمعنوي أكثر، حسب تصريح بن نية ل«الشعب"، من بين الأسباب التي حالت دون تحقيق الأهداف المرسومة وهو ما جعل الجمعية تعاني كثيرا، “لذا يجب وضع حد وردع لكل من يعرقل البرامج الشبابية منها الثقافية والرياضية، والحث على العمل لدعم الجمعيات التي لها برامج تخدم الشباب وتخدم الوطن. وخاصة أن معظم الجمعيات الناجحة على غرار جمعيتي هي اليوم شبه مسجونة بسبب المحيط الذي نعمل فيه، إضافة إلى غياب التكوين والوعي الثقافي لدى القائمين على الشؤون الثقافية، حيث أصبحت اليوم مجرد هياكل للبحث عن أشياء والتصارع على مواقع لا علاقة لها بالثقافة". وإذا كان السيد “ بن نية “ يقرّ بأن عمل الجمعيات لا يمكن أن ينجح في ظل غياب مشروع ثقافي واضح ومتكامل يخدم به الجميع، فإنه يعترف أيضا، أن العمل الجمعوي يعنى أول ما يعنيه النضال والالتزام بالدفاع عن الهدف من الوجود في إطار مخطط واضح المعالم، من خلال فرض مكانة الجمعية في الساحة. وأضاف ذات المتحدث ل “الشعب" أن “الكثير من نشطاء الجمعيات لا يملكون ثقافة في التسيير الإداري والمالي تجعلهم يعرفون حقوقهم، هذا ما يؤدي بالهيئات البلدية والولائية إلى تخصيص الجزء الخاص بتمويل الجمعيات الثقافية وتوجيهه لتمويل الرياضة، لأن أغلب الجمعيات بصفة عامة لا تعرف كيفية المطالبة بحقوقها". الإدارة تتحمل جزءا كبيرا في تراجع دور الجمعيات يرفض خالد بن نية أن يحمل الجمعيات الثقافية “وحدها “ مسؤولية تراجع دورها، مؤكدا حق الجمعيات الثقافية في الحصول على الدعم، بما في ذلك المقرات، مستغربا، وجود مقرات بدور الشباب بالولاية باتنة والبلديات فارغة والجمعيات تعاني من أجل البحث عن مقر، حيث حمل في هذا الشأن الجهات الوصية بعاصمة الأوراس التداعيات والنتائج السلبية التي تعرف في النشاط الجمعوي، قائلا “لكن هذا لا يعني أن الجمعيات بريئة من تهمة المناسباتية ، فالحقيقة والواقع يؤكد وجود جمعيات “ المحافظ “ التي تستغل الفرص للحصول على الدعم المالي، ثم يختفي رؤساؤها دون أن يقدموا أي نشاط، مطالبا الجهات الرسمية بسحب الاعتماد من كل جمعية لا تقدم نشاطا. مشاريع ضخمة لم تر النور... تأسف رئيس جمعية “ الشباب للفنون والموسيقى “ بباتنة من عدم مشاركة ملحمته “ همسات الأجيال “ ، في احتفالات خمسينية الاستقلال خاصة وأن حسبه، ولايته على غرار وزارة الثقافة رفضتا، تبني المشروع الضخم، متسائلا عن المعايير المتبعة من قبل الجهات المختصة في اختيار الأعمال، مؤكدا أن اللجنة الولائية للتحضير لاحتفالية الخمسينية لا يوجد من بين أعضائها أي فنان يمكن له تقييم الأعمال الفنية والثقافية المقدمة للمشاركة في هذه المناسبة التي منحت لها مدة عام تتضمنها نشاطات مختلفة للتعريف بالتاريخ الوطني. ويضاف إلى هذا التهميش المبرمج، حسب محدثنا إقصاء جمعيته من مختلف التظاهرات الثقافية رغم أنها مثلت الولاية في عديد المهرجانات الولائية والوطنية، أحسن تمثيل على غرار مهرجان الأغنية الشاوية بخنشلة. الأبواب مفتوحة للدعم ويبقى العمل هو الفاصل.. إعطاء الموضوع حقه انتقلنا إلى الطرف الآخر في القضية، حيث أكدت الآنسة “ بكاي أمال “ نائب رئيس المجلس الشعبي البلدي بباتنة المكلفة بالثقافة، أنها لن تتأخر في تقديم الدعم لكل جمعية ترغب في تفعيل الحركة الثقافية بالولاية من خلال فتح المشاركة في النشاطات الثقافية الوطنية أو الدينية المقامة بالولاية أمام الجميع دون استثناء والفاصل سيكون آداء تلك الجمعيات في الميدان.