60 ألف جمعية وطنية ومحلية معتمدة غير ناشطة ميدانيا 80 بالمائة من الجمعيات تموت سنويا ارتبط ظهور الجمعيات في الجزائر بفترة التعددية الحزبية، حيث فتح المجال أمام مختلف الفعاليات لإنشاء جمعيات لممارسة أدوار مختلفة في عديد المجالات، غير أن الواقع اليوم يؤكد أن هذه الجمعيات لا تختلف عن كثير من الأحزاب، من حيث كونها هياكل بلا روح، ثبت فشل الكثير منها في لعب دورها على أكمل وجه، وعجزت حتى عن جعل المواطن يلتف حولها. لكن وبالرغم من ذلك فإن عددها تزايد بشكل فاق كل التوقعات، وذلك بسبب الامتيازات التي يحظى بها كل من يستطيع إنشاء جمعية، ما جعل هذه الجمعيات تدور في فلك المناسباتية، وانحصرت أدوارها في المصالح الشخصية الضيقة، والأكثر من ذلك فإن الكثير من القائمين عليها تورطوا في تجاوزات وفضائح نطالعها على صفحات الجرائد بشكل يومي. «الأيام» ومن خلال هذا التحقيق تسلط الضوء على واقع الجمعيات في الجزائر، عددها، أهدافها، الإمكانيات التي تتوفر عليها، و«العراقيل» التي تعترضها في الميدان. تشير الأرقام الرسمية إلى وجود أكثر من 60 ألف جمعية وطنية ومحلية معتمدة غير ناشطة ميدانيا، وذلك من أصل نحو 78 ألف جمعية قانونية في مختلف القطاعات، فيما يوصف عمل الأقلية المتبقية بالموسمي كونه مقترن فقط بالمناسبات الدينية والوطنية، مما يفسر فشلها في لعب دورها كقناة حقيقية للتعبئة الدائمة، وكقوة اقتراح فعالة ومؤثرة، وعجزها في مد جسور التواصل فيما بينها وتشكيل نسيج جمعوي قوي ومؤثر· هذا وعرفت الجزائر منذ التسعينات ''انفجارا جمعويا'' كبيرا، حيث توجهت اهتمامات المواطنين نحو قطاعات جديدة مثل حقوق الإنسان، حقوق المرأة، الدفاع عن المحيط والبيئة، إضافة إلى جمعيات مهنية، ويحتل قطاع المهن المختلفة حسب أرقام مستقاة من وزارة الداخلية والجماعات المحلية، الصدارة بوجود 3205 جمعية وطنية ومحلية، يتبعه قطاع التضامن الوطني ب 12219 أغلبها جمعيات خيرية تسعى لتقديم يد العون للفقراء والمصابين بمختلف الأمراض، يليهما كل من قطاعي الشؤون الدينية والتربية ب 12805 جمعية محلية فقط، و14100 على التوالي، كما يسجل ارتفاع نوعي في عدد لجان الأحياء الذي وصل إلى 17057، حيث يرجع العديد من الأخصائيين الاجتماعين هذا العدد الكبير إلى مدى وعي وإدراك الشعب بضرورة التحرك الفردي المنظم في شكل تكتلات جمعوية، من أجل تحسين مستواه المعيشي بعدما يأس من التفافة الدولة وتكفلها بمشاكله· وفي سياق متصل أثبتت دراسة أعدها مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية، أن أكثر من 75 من الجمعيات الناشطة ظهرت في الفترة الممتدة بين 1990 و2004، وعقب التسهيلات القانونية التي منحتها الدولة لتشكيل جمعيات، بعد سنوات من العوائق والإجراءات البيروقراطية التي كانت مفروضة عند طلب الحصول على اعتماد رسمي هذا التساهل أدى إلى تدفق الطلبات على إنشاء جمعيات خيرية تعنى بتحسين الأوضاع المتردية لملايين الجزائريين، ففي ذات الصدد بينت دراسة المركز مدى سطوة وسيطرة الجمعيات الخيرية والخدماتية، حيث يتكون النسيج الجمعوي الحالي حسب نفس الدراسة من 43 بالمائة جمعية اجتماعية، 8.27 بالمائة ثقافية، 7.13 بالمائة رياضية، في حين تشكل الجمعيات المطلبية مثل حقوق الإنسان وحقوق المرأة ومحاربة الرشوة وحماية المستهلك نسبة قليلة، وبالرغم من العدد الكبير للجمعيات إلا أن أغلبها يبقى في حالة سبات عميق، ولا يظهر إلا في المواعيد الانتخابية والمناسبات الدينية والاجتماعية، الأمر الذي يرهن استمرارية نشاطها الذي يطغى عليه الطابع الموسمي من جهة، ومن جهة أخرى أصبحت العديد من الجمعيات تختفي فجأة لعدم تمكنها من الحفاظ على وتيرة عمل متواصلة، وعلاقة دائمة بمنخرطيها نتيجة الفساد وغياب الشفافية في تسييرها إداريا وماديا، وهو ما أدى إلى تفسخ العلاقة بين المجتمع والجمعيات التي هي حسب العرف الناطق الرسمي بلسانه. انعدام الثقة هذا أفقد العديد من الجمعيات مصداقيتها حتى تعذر على المئات منها إعادة تجديد مكاتبها لعدم تمكنها من استقطاب أعضاء جدد، لاكتمال النصاب القانوني من أجل تنظيم جمعية عامة، في المقابل يتساءل العديد من المتتبعين للشأن الاجتماعي، عن سبب بقاء الوزارة الوصية صامتة إزاء هذه الوضعية المتعفنة، واكتفائها بمنحها اعتمادات جديدة دون وضع هيئة تتكفل بمراقبة النشاط الجمعوي الفعلي وليس المناسباتي· رؤساء يدافعون عن جمعياتهم: ركودنا سببه عجزنا المادي يطرح العديد مشكل عجز الجمعيات عن إعادة إنتاج ذاتها ماديا واجتماعيا، حيث تعتمد على دعم الدولة مما يجعلها رهينة لها ويعطيها صلاحية التحكم في مشاريعها ونشاطاتها وتوجهاتها، ففي ذات السياق يبرر العديد من رؤساء الجمعيات غياب نشاطهم الميداني، بعجز ميزانيتهم على تمويل مشاريعهم المسطرة نتيجة ضعف الغلاف المالي الذي تخصصه الدولة كمساعدة مادية لتفعيل الحركة، ففي ذات السياق أكد العديد من رؤساء الجمعيات أن الإجراءات البيروقراطية، وكذا عدم اعتراف الدولة بهم كهيئة شرعية رغم اعتمادهم قانونيا وكذا تهميشهم وعدم الأخذ بمقترحاتهم عند تسطير مختلف البرامج التنموية، جميعها مشاكل رهنت ديمومة النشاط الجمعوي، الأمر الذي دفع بالعديد من الجمعيات إلى البحث عن صيغ جديدة لتمويل مشاريعها من الخارج، حتى وإن اتهمهم العديد بأن تلك المشاريع بعيدة عن اهتمامات المجتمع الجزائري، إضافة إلى أن بعض النشاطات تدخل في إطار التبشير المسيحي أو حماية الأقليات، وتشير الدراسة التي أعدها مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية، إلى أن نسبة التعاون بين المنظمات غير الحكومية والبنك العالمي في الجزائر تقدر ب 72 بالمائة من المشروعات التي يقيمها البنك الدولي، كما تؤدي بعض التمويلات الكبيرة وفي غياب الشفافية وحسن التسيير والثقافة المدنية إلى انتشار الفساد والصراعات بين الأعضاء، نتيجة عدم كفاءة المسيرين الجمعويين في التسيير وفي ظل غياب الشفافية· جمعيات أولياء التلاميذ ببجاية في حاجة إلى تدعيم وتوعية يتم تأسيس جمعية أولياء التلاميذ على مستوى كل مؤسسة تعليمية،ابتدائي، متوسط وثانوي، وفق القانون 90 /31 الصادر بتاريخ 04/12/1990، وقد تم إصداره في الجريدة الرسمية رقم 53 بتاريخ 05/12/1990، وتخضع الجمعية للقوانين المعمولة بها، ولغرض غير مربح، كما يشتركون في تسخير معارفهم ووسائل لمدة محددة أو غير محددة، من أجل ترقية الأنشطة ذات الطابع المهني، الاجتماعي، العلمي، الديني، التربوي، الثقافي والرياضي على وجه الخصوص، ويتمثل دورها في مساعدة المؤسسة ماديا ومعنويا، مساعدة التلاميذ المحتاجين، تشجيع التلاميذ الموهوبين لتحفيزهم على المزيد من العمل والاجتهاد، تقديم اقتراحات تهدف إلى تحسين الحياة المدرسية في المؤسسة، توثيق الروابط بين المدرسة وأولياء التلاميذ والسلطات الوصية، الدفاع عن مصالح التلاميذ المادية والمعنوية. كما أنها غير مخولة لها قانونا في التدخل في القضايا التربوية والإدارية، كونها من اختصاص المسؤولين المؤهلين لهذا الغرض، لكن جل هذه الجمعيات على مستوى المؤسسات التعليمية، منقوصة العمل الميداني، فقلما ما نجد جمعية مؤهلة وفاعلة وفق ما ينص عليه لقانون السالف الذكر، إن نية المشرع الجزائري تكمن في أن تلعب هذه الجمعيات دورا هاما في هذا المجال، حتى يكون عمل الأولياء مكملا لوظيفة المدرسة، التي تتكفل بتنظيم حياة التلاميذ وتتولى توجيههم وتربيتهم وتنشئتهم وفق الأهداف التي جاءت بها المنظومة التربوية، لكن وإن كانت الدولة تسهر على تطبيق القوانين، والعمل على احترامها من قبل الشركاء والفاعلين في الحقل التربوي، سعيا منها لتبليغ رسالة العلم المقدسة من جهة، والإشراف على عملية التربية والتكوين من القسم التحضيري إلى غاية المرحلة النهائية من التعليم الثانوي من جهة أخرى، وفي هذا الشأن سعينا للإحاطة بالموضوع وتوسيع المعلومات من خلال الواقع الميداني الذي يظهر مدى مساهمة هذه الجمعيات في تفعيل الدور التكاملي والتنسيقي المنوط بها. رئيس جمعية أولياء التلاميذ بإحدى ثانويات سطيف "إن جمعية أولياء التلاميذ إطار تنظيمي هام، يجمع أولياء التلاميذ حول أهداف نبيلة اجتماعية في ظاهرها، تربوية في جوهرها وإنسانية في تضامنيتها، لذا فإن تفعيلها على مستوى المؤسسات التربوية أمر في غاية الأهمية، فإنها القناة الرئيسية الرامية للتواصل بين الأولياء والمسؤولين القائمين على المدرسة، فهذا التكامل وهذا التعاون يرمي إلى خلق فضاء يجمع الجميع في دائرة واحدة عنوانها خدمة التلاميذ، وتنشيط العمل الثقافي، التربوي، الترفيهي والرياضي، إلى جانب القيام بعمليات تضامنية لفائدة التلاميذ المعوزين والفقراء، وفي هذا الشأن فإن الجمعية تساهم في العديد من الأعمال الخيرية والتربوية، مثل شراء الجوائز للتلاميذ والمشاركة في مختلف الأنشطة التي تنظم من قبل المؤسسة، والشيء الإيجابي والجديد هو ما تقدمه الجمعية في إطار تجسيد مشروع المؤسسة، لكن ما يلاحظ عادة هو عدم اهتمام الأولياء أنفسهم بالجمعية، وأحيانا لا يكترثون للأعمال التي تشارك بها رغم أن الفائدة تعود بالدرجة الأولى على أبنائهم، وفي المقام أتمنى أن تنظم الجهة الوصية أياما إعلامية لصالح الأولياء، وذلك لتحسيسهم بضرورة المساهمة في مثل هذه الجمعيات، وكذا إشراك وسائل الإعلام السمعية والبصرية في إبلاغ هذه الرسالة التوعية"، ورغم ذلك فقد صرح بأنه متفائل جدا بمستقبل المدرسة الجزائرية التي تمكنت مؤخرا في وضع قاطرتها فوق السكة، لتتجه نحو عالم يحمل مستقبل زاهر للأجيال القادمة. عضو في جمعية أولياء التلاميذ بابتدائية في عنابة يقول "إن المدرسة لا يمكن أن تحقق نتاج إيجابية بمعزل عن جمعية أولياء التلاميذ، هذه الأخيرة التي يجب عليها أن تتحمل مسؤولياتها كاملة لتساعد المعلمين، وتنسق معهم وتشارك في مختلف التظاهرات التي تنظم لصالح التلاميذ، فهناك صلة وطيدة بين دور المدرسة والجمعية، فعلينا أن نحاول قد المستطاع إيجاد صيغة توافقية بين الهيئتين، كما أن الجمعية يحق لها أن تدافع عن التلاميذ، فمثل المشكل الذي يعانون منه من جراء الكتب الكثيرة وصعوبة حملها يوميا، وعدم توفر النقل المدرسي في بعض المناطق، حماية التلاميذ من حوادث المرور وغيرها من الأمور التي تحتاجها المدرسة، حتى تجد آذانا صاغية لمثل هذه المشاكل، لكن الحقيقة أننا مازلنا بعيدين كل البعد عن هذا التفكير الذي لا يحتاج إلى أدنى مجهود، يكفي فقط أن تتوفر الإرادة ونتكاثف جميعا لنحقق مصلحة التلميذ التي هي فوق أي اعتبار، ويضيف بأن الدولة قادرة على تقديم يد المساعدة لأي عمل يضمنه القانون". تمويل 131 مشروعا جمعويا من أصل 388 مودعا من بين أهم مصادر التمويل التي تعتمد عليها الجمعيات الجزائرية، الإعانات المقدمة لها من الهيئات الرسمية، المتعاملين الاقتصاديين وحتى الهيئات الرسمية الأجنبية على غرار الاتحاد الأوروبي الذي يخصص ميزانية سنويا ليس للجمعيات الجزائرية فحسب وإنما لكل الجمعيات عبر العالم· وبهذا الخصوص أكد المنسق الوطني للنشاطات بمشروع دعم الجمعيات الجزائرية للتنمية الذي يموله الاتحاد الأوروبي، أنه ما من شروط مفروضة على الجمعيات فيما يخص إنجاز نوعية محددة من المشاريع كشرط أساسي لتقديم الدعم المالي، موضحا بأن اللجنة الوطنية التابعة لوزارة التضامن هي المكلفة بدراسة وإقصاء جميع الملفات المودعة من قبل الجمعيات، وذلك من أجل الاستفادة من الدعم المالي لإنجاز مشاريعها إذا لم تستوفي الشروط الضرورية، مشيرا بهذا الخصوص إلى أن قيمة الغلاف المالي التي منحها الاتحاد الأوروبي بموجب الاتفاقية الموقعة مع وزارة التضامن لبرنامج 2007/2010، في إطار إعادة تفعيل وإحياء العمل الجمعوي المحلي بلغت 486 مليون دينار، لإنجاز 131 مشروعا من بين 388 مشروعا مقدما في مختلف القطاعات موزعة عبر 38 ولاية، حيث أضاف المتحدث أن الاتحاد الأوروبي يمول 80 بالمائة من المشروع، في حين تتكفل الجمعيات بتغطية بقية المبلغ، الأمر الذي دفع حسب المتحدث إلى انسحاب عدد كبير من الجمعيات، بعد الموافقة على تمويل مشاريعها بسبب عجز ميزانيتها على توفير المبلغ المطلوب نظرا لارتفاع الكلفة الإجمالية للمشاريع المرتبطة بنوعية هذه الأخيرة· أما عن نوعية المشاريع المنجزة فقد أكد ذات المصدر أنها تنوعت من جميع القطاعات، إلا أن القطاع الاجتماعي استحوذ على الأغلبية إذ حصل على حصة الأسد من الغلاف المالي، من خلال تمويل 46 بالمائة من المشاريع الموجهة أساسا إلى ترقية المرأة الريفية والشباب، وكذا بعض المشاريع المخصصة لفك العزلة عن الشباب في المناطق النائية، أي ما يعادل 51 مشروعا أغلبها مخصص لإنشاء مراكز لتكوين الشباب والنساء في مهن مختلفة، في حين أنجز 24 مشروعا آخر متنوعا بين ثقافي ورياضي بنسبة 18 بالمائة، بينما انحصرت بقية المشاريع الممولة بين حماية المحيط البيئي وتطوير المستوى المعيشي، وكذا الحفاظ على التراث والتنمية الاجتماعية وترقية التنمية المستدامة بنسب متفاوتة بين 14 و11 بالمائة· ولم يقتصر البرنامج على دعم الجمعيات، حيث قام الاتحاد الأوروبي أيضا حسب المتحدث ذاته بتنظيم دورات تكوينية، إذ استفاد نحو 777 شخصا منهم 217 امرأة من التكوين حول كيفيات التسيير المالي والإداري للجمعيات، إضافة إلى تكوين 224 عونا تابعا لمختلف الهيئات الإدارية حول كيفية المراقبة الميدانية للجمعيات المستفيدة من الدعم، وكذا حول كيفية صياغة التقارير الدورية المرفوعة إلى الجهة الأجنبية المعنية· تشكيل لجنة لمتابعة صرف أموال الاتحاد أوضح المنسق الوطني للنشاطات بمشروع دعم الجمعيات للتنمية، أن وزارة التضامن الوطني وضعت قبل إطلاق المشروع نظاما صارما حتى لا تتمكن الجمعيات من اختلاس أو تحويل الإعانات المالية التي استفادت منها، والتي تراوحت حسب المتحدث بين 280 و500 مليون سنتيم، مضيفا أن هذا النظام أثبت نجاعته لحد الساعة، حيث لم تسجل أي تجاوزات في هذا السياق حسب تقارير المندوبين الجهويين، في انتظار مقارنتها مع تقرير الخبرة المحاسبية، وذلك قبل رفعه إلى الاتحاد الأوروبي كتقييم شامل لجميع المشاريع· وارتكز نظام المراقبة المالية حسب المنسق الوطني للنشاطات، على إلزام الجمعيات بتقديم تقارير فصلية تكون مرفقة بوثائق وفواتير لتبرير صرف أي مبلغ مالي، إضافة إلى تنظيم خرجات ميدانية فجائية يقوم بها المندوبين الجهويين لمعاينة المشروع ميدانيا، ومقارنة مدى تطابقه مع المعايير المعمول بها، تتوج بصياغة تقارير ترفع إلى لجنة المتابعة بوزارة التضامن الوطني، الأمر الذي سد حسبه كل الثغرات لهدر أموال الاتحاد الأوروبي كمقدمة لتفعيل الحركة الجمعوية في الجزائر، ومن المنتظر أن تحل خلال الأسابيع القليلة القادمة لجنة من "بروكسل" لمعاينة بعض المشاريع على أرض الواقع، وكذا من أجل فحص مدى مصداقية التقارير المالية والأدبية التي رفعتها الجمعيات المستفيدة، ومقارنتها بتقارير الخبرة المحاسبية، بعد قيام وزارة التضامن بتعيين محاسبين معتمدين للتدقيق في التقارير المالية للجمعيات· الآلاف من المشاريع تبحث عن ممول جديد كشف القائم على مصلحة التنمية الاجتماعية بوزارة التضامن، أن هناك الآلاف من المشاريع التنموية التي سطرتها الجمعيات الوطنية والمحلية، المودعة في أدراج المصلحة المعنية تبحث عن صيغ جديدة لتمويلها بعد توقف الاتحاد الأوروبي عن تقديم مساعداته المجانية بانتهاء مدة الاتفاقية الموقعة، حيث أعلن المتحدث أن الوزارة الوصية تجري مباحثات على قدم وساق مع مختلف الهيئات المحلية والدولية، من أجل الظفر باتفاقية تسمح بتمويل عمليات إنجاز، ولو جزء صغير من تلك المشاريع حتى تكون بديلة للاتحاد الأوروبي، ففي ذات السياق أوضح نفس المتحدث أن الإجراءات المعقدة التي يتبعها الاتحاد الأوروبي، من أجل إعادة التوقيع على اتفاقية جديدة تتطلب سنوات قد تصل إلى خمس أو ست سنوات، مما يعني أن تجديد الاتفاقية لن يكون قبل سنة 2015، الأمر الذي يحتم على الوزارة الوصية البحث عن إيجاد بدائل عملية تضمن سيرورة الفعل الجمعوي· الاتحاد الأوروبي يستثني الجمعيات الدينية والرياضية يشترط الاتحاد الأوروبي عدم استفادة أي جمعية دينية أو رياضية من المساعدات المالية المجانية، التي يمنحها في إطار الاتفاقية الموقعة مع الحكومة الجزائرية، حيث أرجع العديد أن هذا الاستثناء يعود إلى خوف الاتحاد الأوروبي من إمكانية استغلال تلك الإعانات في نشاطات متطرفة باسم الإسلام، ولا تمت بصلة للتنمية الاجتماعية شأنها شأن الجمعيات الرياضية التي تحولت في الآونة الأخيرة إلى مؤسسات تتاجر بأموال للإعانات والمساعدات التي تحصل عليها هنا وهناك، هذه المخاوف دفعت الاتحاد إلى تخفيض قيمة الإعانات المالية المقترحة من 60 مليار دينار إلى قرابة 500 مليون دينار· كيفية الحصول على دعم الاتحاد اشترطت اللجنة الوطنية المكلفة بدراسة المشاريع، على مستوى وزارة التضامن بموافقة الاتحاد على أن توجه الإعانات للجمعيات التي أنشأت بداية من تاريخ الفاتح من سبتمبر 2006، لكن شريطة أن تكون نشيطة إذ هي مطالبة بتقديم سيرة مفصلة حول النشاطات التي قامت بها، تكون مرفقة بدراسة وافية عن المشروع الذي تعتزم إنجازه· جمعيات لمجرد استغلال النفوذ لا يختلف اثنان في أن هناك العديد من الجمعيات عبر الوطن، لا تجد مبررا لوجودها غير استغلال الصفة من أجل المصالح الشخصية، فقد تحولت العديد من الجمعيات الناشطة في ميادين عدة، نشاطها الخيري إلى مهنة تزاول من خلالها عمليات النصب والاحتيال، وكذا كغطاء لاختلاس أموال من المفترض توفيرها للمواطنين، الأمر الذي أفقد العمل الجمعوي الشرعية الاجتماعية، ففي ذات الصدد أصبحت الجمعيات الناشطة في القطاعين الثقافي والرياضي في القائمة السوداء، فهذه الأخيرة تحولت في السنوات الأخيرة إلى وسيلة يقصدها الشباب للانتقال إلى الضفة الأخرى، بمبالغ مالية ضخمة تحت غطاء إحياء التظاهرات الثقافية بالخارج، وفي ظل غياب أرقام رسمية حيث تعذر علينا الحصول عليها بالرغم من الاتصالات المتكررة بجميع الأطراف المعنية، فإن العديد من الانتهازيين يفضل المتاجرة بمشكلات المواطنين كل واحد على طريقته الخاصة· والمثير للانتباه هو أن السلطات العمومية المعنية بهذا الملف، لم يسبق لها وأن أنجزت تحقيقات داخلية من أجل معاقبة كل المتلاعبين بسمعة العمل الجمعوي في الجزائر، بالرغم من الإقرار بأن هناك مئات الجمعيات التي لا تزاول نشاطا إلا في المناسبات أو بالأحرى من أجل استغلال النفوذ الذي تمنحه الجمعية لأغراض خاصة·