شهدت المؤسسات الناشئة في الجزائر تطورا ملحوظا خلال سنة 2023، يجعل منها قطاعا واعدا بفضل جملة التدابير المتخذة من طرف السلطات العليا والنصوص التشريعية التي تم اعتمادها لدعم ومرافقة هذا المجال، مما أعطى دفعا قويا لإنشاء نظام بيئي مقاولاتي مبني على المبادرة والابتكار والمعرفة. حفزت التدابير الشباب الجزائري على الانخراط في رحلة المقاولاتية، أحيانا حتى قبل تحصله على الشهادة الجامعية، حيث تم وضع هذه القرارات بكل حكمة من طرف وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة التي أنشأها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، سنة 2020، ليدمج بها لاحقا قطاع المؤسسات المصغرة. وبفضل هذه القرارات، صارت الجزائر «تتوسط الترتيب القاري في مجال المؤسسات الناشئة، بعدما كنا آخر دولة في إفريقيا في هذا المجال»، بحسب تصريحات رئيس الجمهورية في خطابه للأمة الذي ألقاه مؤخرا أمام غرفتي البرلمان، والذي ذكر خلاله بأن السلطات العمومية قد أولت «اهتماما خاصا» بإنشاء نظام بيئي وطني للمؤسسات الناشئة. يعتبر إصدار قانون المقاول الذاتي، أواخر السنة الماضية، من أهم الإجراءات التي عززت روح المقاولاتية وسهلت دخول الشباب إلى سوق العمل، حيث يهدف إلى ضمان تغطية اجتماعية لأكبر عدد ممكن من الأفراد الذين ينشطون في السوق الموازية وإدماجهم في القطاع الرسمي، فضلا عن تضمن هذا التشريع امتيازات عدة، على غرار توفير التغطية الاجتماعية ونظام ضريبي تفضيلي ب5٪، تم تخفيضه إلى 0,5٪ في إطار قانون المالية لسنة 2024. كما سيتم، مطلع سنة 2024، إطلاق «الوكالة الوطنية للمقاول الذاتي» و»منصة المقاول الذاتي» التي ستكمن عددا كبيرا من الشباب الذين يمارسون أنشطة مربحة خارج الإطار الرسمي بالانخراط في الاقتصاد الرسمي. علاوة على ذلك، تم دمج المقاولاتية بشكل مباشر في الوسط الجامعي، بالتعاون المشترك بين وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، عبر استحداث «شهادة المؤسسة الناشئة»، من خلال إنشاء جهاز «شهادة مؤسسة ناشئة، شهادة براءة اختراع»، إضافة إلى إنشاء صفة «الطالب المقاول» و»شهادة الطالب المقاول». المؤسسات الناشئة الجزائرية مثال يقتدى به إفريقيا أثنى رئيس الجمهورية «على الحركية التي تعرفها منظومة التعليم العالي في تحفيز الطلبة لخلق مؤسساتهم الناشئة»، وأمر بمواصلة «التنسيق على هذا المستوى»، لخلق جيل جديد من المقاولين؛ جيل جامعي نزيه ووطني ينطلق بالجزائر نحو العولمة. وتم إطلاق 84 مركز تطوير للمقاولاتية عبر مختلف جامعات الوطن، وتخصيص 1200 مكتب كفضاءات لإيواء المؤسسات الناشئة المستحدثة من طرف الطلبة، وكذا تنصيب مجلس علمي للذكاء الاصطناعي، بمشاركة كفاءات جزائرية من داخل وخارج الوطن. أما بخصوص المرافقة المالية، فعملت الحكومة على تنويع فرص التمويل لفائدة الشباب المقاولين، على خلاف ما كان عليه الوضع سابقا، أين كان التمويل يعتمد على القروض البنكية فقط. وهو ما تعكسه تغطية تكاليف إيداع براءات الاختراع على الصعيدين الوطني والدولي، وإطلاق منصة رقمية مخصصة لطلبات اعتماد مستشار الاستثمار التساهمي، قصد تسهيل تمويل حاملي المشاريع والمؤسسات الناشئة، عبر توفير عدد أكبر من الممولين.