تعمل الجزائر جاهدة على الدفع بعجلة الاقتصاد ومواكبة التطورات الحاصلة من خلال الاعتماد على الكفاءات الشابة وخريجي الجامعات، ولهذا الغرض عرفت جل الجامعات الجزائرية مؤخرا تنظيم ندوات وملتقيات حول المقاولاتية وريادة الأعمال، ويعد قانون "المقاول الذاتي" لبنة جديدة تضاف إلى الترسانة القانونية لتمكنه من تنظيم الأنشطة الاقتصادية الجديدة التي ظهرت مع بروز اقتصاد المعرفة والاقتصاد الرقمي، والتي لا تخضع لأي إطار قانوني، فضلا عن تحرير روح المبادرة المقاولاتية وتسهيل ولوج الشباب إلى سوق العمل عن طريق التوظيف الذاتي، من أجل ضمان التغطية الاجتماعية لأكبر عدد ممكن من الأفراد الذين ينشطون في السوق الموازية وإدماجهم في القطاع الرسمي. * إعداد: خديجة قدوار وذكرت تقارير رسمية أن الجزائر تحتل الريادة عالميًا من حيث عدد الأنشطة في 2022، ووفقًا للشبكة العالمية لريادة الأعمال "غلوبال أنتربرنرشيب نتورك"، فإنّ الجزائر نظمت أكبر عدد من التظاهرات مقارنة بباقي الدول في 2022 لاسيما خلال الأسبوع العالمي للمقاولاتية الذي جرى في نوفمبر الماضي، وذلك بواقع 2187 نشاطًا. واعتبرت وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمصغرة، في بيان لها أنّ هذه المرتبة جاءت نتيجة "الديناميكية التي يعرفها النظام البيئي للمقاولاتية والابتكار في الجزائر"، مشيرة إلى الدورات التكوينية التي قادتها مسرعة المؤسسات الناشئة "ألجيريا فانتور" في الأسابيع الماضية في مختلف جامعات البلاد، والتي شملت حوالي 110 ألف طالب، والذين نظّموا بدورهم عددا من الدورات والبرامج الجهوية بهدف الترويج للمفاهيم المقاولاتية وتحرير الطاقات الإبداعية. ومن خلال هذه المبادرات المتنامية في كل جهات البلاد، تسعى وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة إلى ترسيخ روح المبادرة وتكثيف العمل على مستوى النخب العلمية والطاقات الشابة، كما تهدف إلى الترويج للآليات والإجراءات التحفيزية لصالح حاملي المشاريع المبتكرة وأصحاب المؤسسات الناشئة في مختلف المجالات. * بوثلجة ل" الاتحاد": لابد من التجند لإنجاح المشاريع المسطرة في الميدان يرى الأستاذ والباحث، والمهتم بالشؤون الوطنية والدولية ، عبد الرحمان بوثلجة ، أنه لابد من التجند لإنجاح المشاريع المسطرة في الميدان، موضحا أن تحويل الإبداع والابتكار والاختراع العلمي والتكنولوجي إلى حقيقة يحتاج إلى أكثر من التحسيس والتكوين والتدريب ، كما أكد على أهمية إعادة النظر في خارطة التخصصات الجامعية وتوفير الظروف الملائمة. وأوضح بوثلجة في تصريح خاص ل" الاتحاد" أنه" شهدت 2022 حملات تحسيسية وترويجية لم تشهد لها بلادنا مثيلا لأهمية ولوج عالم المقاولاتية وريادة الأعمال من خلال إنشاء المؤسسات، خاصة الناشئة منها والمصغرة، من طرف هيئات رسمية على رأسها وزارة الاقتصاد الرقمي والمؤسسات الناشئة والمصغرة"، مشيرة إلى دعم الحكومة إلى هذا المجال. من جهة أخرى تحدث الأستاذ الجامعي عن قانون الاستثمار الجديد وعن المزايا التي حملها، ويرى أنه يهدف إلى جلب الاستثمارات الوطنية والدولية التي قد تساهم – حسبه- في تطوير الاقتصاد الوطني، وتابع" من جهتها لم تقصر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في هذا المجال، باعتبار أن عالم المقاولاتية يتطلب تكوينا جامعيا في تخصصات معينة خاصة تخصصات العلوم الدقيقة والتكنولوجية، التي تعتبر البيئة الطبيعية للابتكار والاختراع العلمي والتكنولوجي، الذي من المفروض تنشأ بناءا عليه مؤسسة هدفها حل مشكل ما أو إنتاج منتوج بعينه تحتاجه بلادنا خاصة في قطاعات الصناعة والفلاحة والخدمات، أو ميدان التكنولوجيات الحديثة". * متابعة حاضنات الأعمال والابتكار وأردف محدثنا بالقول" سنة 2022 شهدت التنصيب الفعلي للمجلس الوطني للبحث العلمي والتكنولوجيات، الذي يتكون أساتذة وباحثين في مختلف التخصصات في الداخل أو من هم ينشطون في الخارج ومن ممثلي شركات وطنية كبرى، والذي تعتبر المهمة الكبرى له هو تطوير البحث التطبيقي المفيد للاقتصاد الوطني، من خلال التنسيق بين مختلف القطاعات، وتشجيع المنافسة العلمية في الجامعات من أجل الابداع والاختراع، كما قامت وزارة التعليم العالي والبحث، خاصة منذ مجيئ الوزير كمال بداري بوضع عدة مشاريع ذات علاقة حيز التنفيذ، فإضافة إلى مشروعي شهادة جامعية مؤسسة ناشئة وشهادة جامعية-براءة إختراع، تم تنصيب لجنة وطنية لمتابعة حاضنات الأعمال والابتكار، وأعطيت تعليمات بتعميم حاضنات الأعمال في المؤسسات الجامعية، وتم مؤخرا طرح مشروع إنشاء مؤسسات فرعية بالجامعات، وكذا مكاتب دراسات"، مذكرا بتدشين أول مكتب دراسات مؤخرا، وصدرت نصوص ومراسيم تنظيمية لهذا الغرض. * ندوات وملتقيات حول المقاولاتية وريادة الأعمال كما تقام في مختلف الجامعات ندوات وملتقيات حول المقاولاتية وريادة الأعمال من تنظيم مخابر وكليات ومراكز بحث، وتابع" رغم أن كل المشاريع التي تم ذكرها تعتبر طموحة، وبإمكانها تغيير النظرة إلى المؤسسات الجامعية، كمؤسسات تمنح الشهادة وتؤمن الترقيات المهنية، إلى جامعات منتجة ومفيدة للاقتصاد والمجتمع, لكن التحدي ليس بالسهل"، وأضاف" تعتبر سنة 2023 السنة التي سيظهر فيها مدى نجاح المشاريع المذكورة، والذي يتوقف نجاحها حسب اعتقادي على مدى فعالية الأليات المستعملة والتجند لإنجاحها في الميدان بجدية، وإذا كانت تهيئة البيئة الحاضنة أمر ضروري لتأسيس الشركات والمؤسسات، فإن تحويل الإبداع والابتكار والاختراع العلمي والتكنولوجي إلى حقيقة يحتاج إلى أكثر من التحسيس والتكوين والتدريب في كيفية إنشاء المؤسسات الناشئة والمقاولاتية"، من جهة أخرى أكد على أهمية إعادة النظر في خارطة التخصصات الجامعية وتوفير الظروف الملائمة ووعي وتجند لكل الأسرة الجامعية لأن النجاح المطلوب -حسبه – هو أن تصنع المقاولاتية والمؤسسات بمختلف أنواعها رقما في مردود الاقتصاد الوطني، حتى لا تذهب المجهودات هباءا منثورا. ويشار أنه وقع رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، على قانون المقاول الذاتي، الذي صادق عليه البرلمان مؤخرا، كما وقع على قانون متمم للأمر المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، تكريسا لحق الاستفادة من عطلة لإنشاء مؤسسة بالنسبة للموظفين أو المتعاقدين الإداريين. ويهدف قانون المقاول الذاتي إلى تنظيم الأنشطة الاقتصادية الجديدة التي ظهرت مع بروز اقتصاد المعرفة والاقتصاد الرقمي، والتي لا تخضع لأي إطار قانوني إلى يومنا هذا، فضلا عن تحرير روح المبادرة المقاولاتية وتسهيل ولوج الشباب إلى سوق العمل عن طريق التوظيف الذاتي، من أجل ضمان التغطية الاجتماعية لأكبر عدد ممكن من الأفراد الذين ينشطون في السوق الموازية وإدماجهم في القطاع الرسمي. و من جانب آخر، يمنح هذا القانون فرصة للشركات الناشئة لتخفيض أعباءها وتمكينها من الاستعانة بمتعاملين مستقلين، والاستغلال المشترك للموارد البشرية بين العديد من الشركات، ويعتبر قانون المقاول الذاتي صيغة قانونية ملائمة من أجل تصدير بعض الخدمات الرقمية، مثل تطوير تطبيقات الويب والهاتف المحمول، والتسويق عبر الإنترنت، وإدارة منصات التواصل الاجتماعي والأنفوغرافيا، لا سيما في سياق اللوائح الجديدة التي أصدرها بنك الجزائر بخصوص الترخيص بتحويل كل عائدات تصدير الخدمات الرقمية من العملة الصعبة نحو الوطن، حسب وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة. وفي هذا الصدد، يتضمن القانون شروطا للحصول على صفة المقاول الذاتي، مثل بلوغ سن العمل، الجنسية الجزائرية، والإقامة في الجزائر. وسيتم تأسيس سجل وطني للمقاول الذاتي، وإنشاء مؤسسة عمومية تتكفل بمسك السجل الوطني للمقاول الذاتي لاستصدار بطاقة المقاول الذاتي ومراقبة الأنشطة التي تندرج في إطار هذا القانون، وإن هذا القانون الذي أثبت نجاعته في العديد من دول العالم من خلال تنظيمه للعديد من المهن والأنشطة المستجدة غير المهيكلة، سيتضمن امتيازات عديدة كمسك حسابات مبسطة، والإعفاء من القيد في السجل التجاري، زيادة على توفره لنظام ضريبي تفضيلي، وتوفير التغطية الاجتماعية، وإمكانية فتح حساب بنكي تجاري. من جهة أخرى، وقع رئيس الجمهورية على القانون المتمم للأمر المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، تكريسا لحق الاستفادة من عطلة لإنشاء مؤسسة بالنسبة للموظفين أو المتعاقدين الإداريين، والذي بادرت به وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي.و من شأن دخول هذين القانونين حيز التنفيذ "تشجيع الكفاءات الجزائرية على خوض غمار المقاولاتية والمساهمة في التنمية الاقتصادية للبلاد". * سهولة لولوج الشباب سوق العمل وتؤكد الحكومة أن مشروع القانون المتضمن القانون الأساسي للمقاول الذاتي سيسمح بتطوير روح المقاولاتية وتسهيل ولوج الشباب الى سوق العمل عن طريق التوظيف الذاتي، وهو ما جاء على لسان وزير اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمصغرة، ياسين المهدي وليد، مؤخرا، وقال ممثل الحكومة إن النص يرمي لتنظيم "الأنشطة الاقتصادية الجديدة" التي ظهرت مع بروز اقتصاد المعرفة والوسائل الرقمية, "والتي لا تخضع لأي إطار قانوني إلى حد اليوم", على غرار تطوير التطبيقات والتجارة الالكترونية وتسيير منصات التواصل الاجتماعي.