شكّلت الزيارة التاريخية التي قادت رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبّون إلى ولاية تندوف نقطة تحوّل حقيقية في المسار التنموي بالولاية، والتي تمخّض عنها برنامج تكميلي حمل في جعبته العديد من المشاريع التي مسّت جُلّ القطاعات ذات الصلة بالحياة اليومية لمواطني الولاية. حظيت قطاعات عدّة على غرار، الطاقة بنصيب وافر من البرنامج التكميلي الذي خصّ به رئيس الجمهورية ولاية تندوف بغلاف مالي بلغ 29.5 مليار دينار، تضاف إلى البرنامج الحالي الجاري إنجازه، والذي خُصّص له مبلغ مالي معتبر ناهز 49 مليار دينار. باشرت الجزائر منذ أربع سنوات في تجسيد رؤية اقتصادية تهدف الى التكيّف ومسايرة السياق الدولي الرامي الى خفض نسبة انبعاث الغازات الدفيئة والاستجابة في نفس الوقت للطلب المتزايد على الطاقة، وترتكز هذه الاستراتيجية على حماية البيئة بالدرجة الأولى، إلى جانب تنفيذ محاور التنمية المستدامة من خلال الاعتماد على تكنولوجيات الطاقة الشمسية. وقد اتّخذت الجزائر في هذا الصدد عدّة إجراءات ملموسة للمساهمة في الجهد العالمي للحفاظ على البيئة ومكافحة الاحتباس الحراري كجزء من التزامها باتفاقية الأممالمتحدة، وتوفير طاقات نظيفة بأقلّ تكلفة وجهد حفاظاً على المورد الطاقوي الوطني، وتعزيز البنية التحتية الوطنية ومناطق الانتاج الاستراتيجية بطاقة مستدامة. الرؤية الاستشرافية لرئيس الجمهورية منحت الأولوية لحلول الطاقة الشمسية لتموين منطقة غار الجبيلات بالطاقة الكهربائية، بهدف خلق فرص اقتصادية وثروات جديدة وكذلك توفير فرص عمل إضافية، وفي هذا السياق، ونظراً للموقع الجغرافي والطبيعة الصحراوية لمنطقة غار الجبيلات، تمت برمجة مشروع لإنجاز محطة للطاقة الشمسية بقدرة إنتاجية تصل الى 200 ميغا واط مع القدرة على تخزين فائض الانتاج. هذا المشروع الأضخم من نوعه بالولاية، اختيرت له الأرضية المناسبة على مقربة من قرية غار الجبيلات (140 كلم جنوب عاصمة الولاية)، ومن المقرر أن تنطلق به أشغال الانجاز بعد فتح الأظرفة يوم 28 من الشهر الجاري، وسيعمل فور دخوله حيّز الخدمة على تموين منطقة غار الجبيلات ومنشآتها الانتاجية والصناعية بالطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيلها. مشروع رُصد له غلاف مالي ضخم، تُدرك السلطات العليا حجم التغييرات التي سيُحدثها في المنطقة، وهو استمرار لمسلسل التنمية التي بدأت بوادرها تتجلى في الأفق وقد سخّرت السلطات المحلية بالولاية كل الامكانيات والتسهيلات اللازمة للشروع في انطلاق المشروع في آجاله المحدّدة طبقاً لدفتر الشروط والمواصفات التقنية المتعلقة به. جذبت الحركية التنموية التي تشهدها ولاية تندوف العديد من المشاريع النوعية في مجال الطاقة الشمسية، فإلى جانب الشروع في تعميم استغلال الطاقة الشمسية في العديد من المؤسسات التربوية بالولاية، شُرع مؤخراً في إنجاز محطة جديدة للطاقة الشمسية بحي الحكمة بطاقة إنتاجية تصل الى 11 ميغا واط تُضاف الى محطة قديمة تعمل حالياً على تزويد مدينة تندوف ب 09 ميغا واط من الكهرباء. تتربع مشاريع الطاقة الشمسية بولاية تندوف في مقدمة سلم اهتمامات السلطات المحلية، نظراً لإمكانياتها المعتبرة التي تزخر بها الولاية والحجم الساعي الكبير لسطوع الشمس بالمنطقة. ومن المرجّح أن تكون ولاية تندوف حين تجسيد كل المشاريع الطاقوية، فاعلاً أساسياً في مجال الطاقة الشمسية والقيام بدور رئيسي في مسار تعميم استغلال الطاقة الشمسية في إطار تجسيد التحوّل الطاقوي الذي تصبو اليه السلطات العليا بالبلاد، وتكمن هذه الرؤية فيما تم تحقيقه على أرض الواقع من مشاريع رائدة من شأنها التخفيف من التكلفة الباهظة لإنتاج الكهرباء بالطريقة التقليدية المعتمدة على توربينات المازوت. وتمتلك ولاية تندوف مقومات أساسية لتبوء تلك المكانة، بدايةً من مناخها الصحراوي، إضافة الى البنى التحتية والمنشآت القاعدية الكفيلة بتخزين وتوزيع الطاقة الكهربائية المنتَجَة، ممّا يجعلها مرشّحة لأن تتحوّل إلى فاعل في القطاع.