لم تُخمد نيران حرب الإبادة الصهيونية في غزة رغم مرور 138 يوما من الهجمات الدموية التي حوّلت حياة الفلسطينيين إلى جحيم حقيقي، فالوضع الإنساني بات كارثيا وسوء التغذية وانتشار الأمراض ينذران بانفجار وفيات الأطفال، فيما تسدّ أمريكا بكلّ قوّتها منافذ الشرعية الدولية، وتعمل على إجهاض كلّ مشروع قرار يطرح أمام مجلس الأمن بهدف وقف التنكيل بأطفال ونساء ورجال القطاع الجريح، الذي ينتظر مرحلة تصعيد أخرى ستكون مدينة رفح التي تؤوي مليون ونصف مليون نازح مسرحا لها في الايام القادمة. ككل يوم منذ السابع أكتوبر، واصلت المقاتلات الصهيونية أمس غاراتها مستهدفة عدة منازل في مدينة غزة ومحافظات الوسطى وخانيونس ورفح، وسط اشتباكات ضارية بين المقاومة وجيش الاحتلال أثناء تقدمه في حي الزيتون جنوبغزة. ودعا الجيش الصهيوني سكان منطقتي الزيتون والتركمان في حي الشجاعية إلى إخلائهما نحو منطقة المواصي جنوب القطاع، ومنطقة المواصي الواقعة جنوب شرقي وادي غزة، غير مؤهلة لاستقبال النازحين على الإطلاق، لاسيما أنها بالأساس مجرد أراض زراعية. وكثّفت قوات الاحتلال قصفها المدفعي والجوي في حي الزيتون، تمهيدا لتوغل آليات عسكرية في شارع 8 وفي منطقة "المصلبة"، وتمركزت آليات الاحتلال قرب مسجد علي بن أبي طالب في الحي. وشهدت مدينة خانيونس سلسلة غارات جوية شرق وغرب المدينة، بالتزامن مع القصف المدفعي المكثف، وجرى انتشال عدد من الشهداء شمال وشرق وجنوبالمدينة. وامتد قصف الاحتلال إلى مدينة رفح التي تؤوي أكثر من مليون نازح، واستهدفت الطائرات الصهيونية منزلا يعود لعائلة "جرغون" شرق المدينة. مستشفيات بلا كهرباء من جانبها، أكدت وزارة الصحة في غزة أن الاحتلال لا يزال يتعنت في وصول المساعدات الطبية والوقود إلى مستشفيات شمال غزة، مشيرة إلى أن المستشفيات باتت بلا كهرباء. من ناحية ثانية، أقرّ الجيش الصهيوني بمقتل عسكري من لواء المظليين متأثرا بجراح أصيب بها قبل أيام في معارك جنوبي قطاع غزة، وبذلك يرتفع عدد عساكره القتلى منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر الماضي إلى 575. دعوات لعدم مهاجمة رفح ويُثير احتمال الهجوم على رفح قلق المجتمع الدولي، إذ دعت 26 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي من أصل 27، الإثنين، إلى "هدنة إنسانية فورية" في غزة، مطالبة الاحتلال بالإحجام عن أي عمل عسكري في رفح. لكن الآمال في التوصل إلى هدنة تتضاءل مع إصرار الكيان الصهيوني على إكمال إبادته حتى النهاية، كما أن جهود وقف إطلاق النار تصطدم بموقف أمريكا المعرقل على مستوى مجلس الأمن الدولي، حيث روّجت الولاياتالمتحدة مسبقا لاستعمال حق " الفيتو" ضدّ مشروع القرار الذي أعدّته الجزائر، والذي ينصّ على وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة ويعارض التهجير القسري للفلسطينيين. المجموعة العربية تدعم مشروع الجزائر هذا، وقد طلبت المجموعة العربية في الأممالمتحدة دعم مشروع القرار، الذي تقدمت به الجزائر لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتم التصويت عليه أمس. وقالت المجموعة العربية في بيان، مساء الاثنين، إن مشروع القرار الذي تقدمت به الجزائر سيدعم المفاوضات التي تجريها الولاياتالمتحدة ومصر وقطر، خلافا للادعاءات الأميركية. وأضافت أنّ على مجلس الأمن الدولي أن يقدم على اتخاذ خطوات، وألاّ يتجاهل نداءات المجتمع الدولي والرأي العام العالمي. وأشارت إلى أنّ أي مبرّر لن يكون كافيا لتفسير تقاعس مجلس الأمن الدولي، موجهة دعوة إلى جميع أعضاء مجلس الأمن لدعم مشروع القرار الجزائري الذي يطالب بوقف إنساني عاجل لإطلاق النار في غزة.