يواصل جيش الاحتلال بوتيرة عالية حملة القصف المدفعي والجوي على مدينة خانيونس جنوبيّ قطاع غزة، مع دخول الحرب يومها ال129، وسط حشد عسكري وسياسي لهجوم بريعلى مدينة رفح التي تأوي قرابة 1.3 مليون نازح من وسط وجنوب القطاع المدمر. لا تزال المستشفيات الرئيسية في خانيونس (أبرزها مجمع ناصر الطبي ومستشفى الأمل) تخضع للحصار والاستهداف المستمر، في ظل مخاطر عالية تحيط بكل من يحاول التحرك أو التنقل داخل ساحات هذه المستشفيات التي تأوي آلاف النازحين ومئات المرضى والجرحى. والحال لا يختلف في وسط قطاع غزة وشماله، إذ لم تتوقف منذ أشهر الغارات الجوية، وإن كانت قد تراجعت وتيرتها في الآونة الأخيرة، فيما جعلت التوغلات البرية لأفراد ودبابات جيش الاحتلال حياة المدنيين على المحك، خصوصاً أولئك المضطرين إلى جلب مياه أو طعام لعائلاتهم التي تواجه مجاعة وصلت إلى مستويات خطيرة. وتسجّل حالات غير محصورة لاستشهاد مدنيين برصاص قناصة جيش الاحتلال، أو بنيران الدبابات التي تستهدف المركبات والمنازل وتجمعات بشرية. ووصلت حصيلة ضحايا الحرب الوحشية على غزة حتى اليوم إلى أكثر من 100 ألف ضحية بين شهيد وجريح ومفقود، جلّهم من النساء والأطفال. وتترافق حملة القصف الوحشية مع اشتباكات عنيفة على مدار الأيام بين المقاومة وجيش الاحتلال في شمال القطاع ووسطه وجنوبه. وتتركّز الاشتباكات في جنوب غرب مدينة غزة شماليّ القطاع، وفي مدينة خانيونس جنوباً. تحذيرات من اجتياح رفح وعلى صعيد التهديد باجتياح رفح، قال مسؤول صهيوني رفيع لهيئة البث الصهيونية، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أبلغ "حكومة الحرب" بأنه يجب إنهاء العملية البرية في المدينة مع حلول شهر رمضان في العاشر من الشهر المقبل. وطلب نتنياهو، السبت، من رئيس أركان الجيش، إعادة تعبئة قوات الاحتياط استعداداً لشنّ الهجوم البري على رفح. وقال إن جيشه سيضمن «ممراً آمناً» للمدنيين، قبل الهجوم المرتقب. وذكر نتنياهو أن مناطق في شمال رفح «تم تطهيرها، ويمكن استخدامها كمناطق آمنة للمدنيين»، على حدّ قوله. وردَّ نتنياهو على المنتقدين القلقين بشأن مصير المدنيين في حال شن هجوم على رفح، قائلاً: «أولئك الذين يقولون إننا يجب ألا ندخل رفح مُطلقاً، يقولون لنا في الواقع إنَّنا يجب أن نخسر الحرب، ونترك (حماس) هناك». في الأثناء، تتوالى التحذيرات العربية والدولية من إقدام الاحتلال على اجتياح رفح وتتزايد الدعوات لتحرك عاجل لمجلس الأمن لمنع أي توغل صهيوني في الجيب الصغير المكدّس بالنازحين. وقد دعت الكثير من الدول العربية إلى انعقاد عاجل لمجلس الأمن الدولي لمنع الكيان الغاصب من تنفيذ كارثة إنسانية ضد الفلسطينيين، محذرة من تداعيات اقتحام محتمل للمدينة الحدودية التي تعتبر "الملاذ الأخير لمئات الألوف من المدنيين الذين أجبرهم العدوان الصهيوني الوحشي على النزوح".وشددت الدول العربية على "رفضها القاطع وإدانتها الشديدة لترحيل الفلسطينيين قسرياً". وجددت، "مطالبتها بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار". الوضع لا يحتمل المزيد من الضحايا هذا، وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إن "الوضع الإنساني في مدينة رفح الفلسطينية الحدودية مع مصر لا يحتمل المزيد من التدمير والضحايا"، مشدداً على "أهمية التوصل إلى حلول للخروج من الأزمة الحالية، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني". وحذر شكري، من "اتساع رقعة الصراع في المنطقة، وتداعيات ذلك على استقرارها". بدورها، قالت وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" إن الهجوم الصهيوني العسكري المحتمل على مدينة رفح "وصفة لكارثة". وقال المفوض العام للوكالة، فيليب لازاريني، في منشور على حساب "أونروا" عبر منصة "إكس": "الكثيرون من أهالي رفح، يعيشون في ملاجئ بلاستيكية مؤقتة بالشوارع". واختتم حديثه بالقول إنني "لم أعد أجد الكلمات لأصف الوضع". كما قال منسق المساعدات الإنسانية بالأممالمتحدة مارتن غريفيث إن معاناة سكان مدينة رفح لا يمكن تصورها. حلفاء الكيان ضدّ تصعيده وحتى ألمانيا التي تعتبر من أشدّ الدّاعمين لحرب الإبادة على غزة، فقد قالت على لسان وزيرة خارجيتها، أنالينا بيربوك، إن "المحنة في رفح لا تصدق بالفعل 1.3 مليون شخص يبحثون عن الحماية من القتال في منطقة صغيرة جداً، ومن شأن أي هجوم يشنّه الجيش الصهيوني على رفح أن يشكل كارثة إنسانية في طور التكوين". وأدان وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، من جهته الهجمات الصهيونية على مدينة رفح، وطالب الكيان "بوقف فوري لإطلاق النار". وطالب ألباريس، "بوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الأسرى، واحترام القانون الإنساني والقانون الدولي، والسماح بدخول المساعدات". كما أعرب وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، السبت، عن شعوره ب«القلق العميق" إزاء احتمال شن هجوم عسكري صهيوني على مدينة رفح، حيث "يلجأ أكثر من نصف سكان غزة إلى المنطقة". أما مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، فقد حذر من أنّ هجوماً محتملاً لجيش الاحتلال على رفح في جنوب قطاع غزة سيشكل "كارثة إنسانية تفوق الوصف". وقال إن "استئناف المفاوضات للإفراج عن الأسرى ووقف الأعمال العدائية هو السبيل الوحيد لتجنب وقوع مذبحة".