وضع سياسة طاقوية صلبة.. هذا ما ننتظره من منتدى الجزائر للغاز تتمتّع الجزائر اليوم بكامل سيادتها الوطنية، منذ قرار التأميم التاريخي للمحروقات الصادر في 24 فيفري 1971، عن الرئيس الراحل هواري بومدين، تاريخ استرجاع السيادة الوطنية، من خلال استعادة الجزائر لكامل ثرواتها الباطنية وبسط سيّادتها الكاملة دون نقصان على كل خيراتها، ومن ثمّ الشروع في الوصول إلى التأسيس لصناعة نفطية وغازية، توصلت اليوم إلى تحقيق حصيلة ايجابية للاستكشاف والإنتاج والتصدير عبر إمداد العالم بالغاز والنفط الجزائريين، واكتساب موثوقية عالية على المستوى العالمي، فرضتها احترافية "سوناطراك" والتزامها بمقتضيات الشراكة. شدّد عميد كلية المحروقات والطاقات المتجدّدة وعلوم الأرض والكون بولاية ورقلة، البروفيسور عبد المجيد دبي، على أن تأميم المحروقات يعتبر مكسبا وجب الحفاظ عليه، حيث كان قرارا سياديا يحمل عدة دلالات، تتعلق باسترجاع السيادة الوطنية التي ضحى من أجلها ملايين الشهداء، فهو قرار لا يمكن ربطه بأيّة مساومة، فضلا عن أنه قرار اقتصادي سمح للبلد بالتحكم في موارده الطاقوية. جزائرية خالصة.. وأبرز العميد دور السواعد الجزائرية ومساهمتها في تأميم المحروقات، منذ 53 سنة مضت، حين قرّر الرئيس الراحل هواري بومدين، التأميم، مشيرا إلى أن هذا القرار أعطى الفرصة للكفاءات الجزائرية للبروز والتحكم في تكنولوجيا الاستكشاف والتنقيب، وكذلك في الإنتاج ونقل المحروقات وتقنيات التصدير على مدار ال53 سنة الماضية. وعن أهم الشركات في مجال المحروقات، قبل الإعلان عن قرار بسط السيادة الوطنية كاملة، أشار المختص في المجال الطاقوي، وجود كل من الشركة الوطنية للمحروقات "سوناطراك"، التي تأسست سنة 1963، والتي تحوّلت إلى مجمّع وسّع من نطاق أنشطته ليشمل جميع جوانب الإنتاج والاستكشاف والاستخراج والنقل والتكرير. وقد نوّعت في أنشطتها، مثل البتروكيمياويات وتحلية المياه والطاقات المتجدّدة، حيث أصبحت الشركة الجزائرية اليوم تصنف كأهم شركة في القارة الإفريقية. إلى جانب الشركة الوطنية للبحث والاستغلال التعديني "سوناريم" التي تأسست سنة 1968، وشركة الكهرباء والغاز الوطنية (سونلغاز) عام 1969، وهي كلها شركات ساهت وتساهم في ضمان السيادة الطاقوية للجزائر. الدرع الحامي لاقتصاد الوطن.. وأبرز البروفيسور دبي، أن احتياطيات الجزائر المثبتة من النفط بلغت نهاية 2020، عشرة مليارات برميل سنويا، ترعاها "سوناطراك"، حيث تعمل الجزائر جاهدة على تحقيق الأمن الطاقوي، وتعزيز إستراتيجية الأمن الطاقوي، ما يوضح أسباب تخصيص ميزانية كبيرة للاستثمار بحلول عام 2026، من قبل شركة سونطراك، بقيمة إجمالية تبلغ 40 مليار دولار. موازاة مع اكتشافات جديدة واستثمارات وطموحات الشركة التي تعد بين أبرز الأدوات التي تسمح للجزائر بالتأسيس لاقتصادها الجديد، وتعتبر الدرع الحامي له، مؤكدا أن تأميم المحروقات الذي كرس بسط السيادة الوطنية على الموارد الطبيعية، يعد مكسبا واجب الحفاظ عليه من خلال العمل على الدفع بسوناطراك، للاضطلاع بدور الريادة في مجال تطوير صناعة مستقبلية منخفضة الكربون. الأمن الطاقوي والتنمية المستدامة من جانب آخر، أشار البروفيسور دبي إلى أن الأمن الطاقوي، يمكن التطرّق إليه من باب التنمية المستدامة التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس باحتياجات الأجيال القادمة، ومنه الأمن الطاقوي، والمرتكز على ثلاثة محاور أساسية وهي جودة البيئية والمساواة الاجتماعية، الكفاءة الاقتصادية والإنتاج والاستهلاك الطاقوي الوطني. عن مصادر الطاقة من جانب آخر، تحدث دبي عن الغاز الطبيعي، وقال إن الاستهلاك المحلي يقدر ب 38%، فيما يتمّ تصدير 36% من الإنتاج، مبرزا "المجهودات الجبارة التي تبذل من أجل ترشيد الاستهلاك، حيث إن الكل معني بالمسؤولية أفرادا كانوا أم مؤسسات عمومية وخاصة، إلى جانب إدماج أنواع أخرى من مصادر الطاقة في السياسة الطاقوية الوطنية، وهذا لتعزيز موارد البلاد من العملة الصعبة وتدعيم الخزينة العمومية من تصدير الغاز". وحيال هذا الوضع، يلح عميد كلية المحروقات بورقلة، على ضرورة تكثيف البحوث العلمية والتقنية من أجل رفع نسب الاسترجاع وتحقيق اكتشافات جديدة، وهذا لن يكون إلا عن طريق تكتلات وطنية قارية ودولية. وأوصى المتحدث بوضع سياسة طاقوية صلبة من أجل ضبط تسعيرات للغاز والبترول تتماشى مع المنطق الاقتصادي للدول بعيدا عن الهيمنة والسيطرة، وقال: هذا ما ننتظره من القمة السابعة لرؤساء دول وحكومات منتدى الدول المصدرة للغاز التي تنعقد بالجزائر نهاية الشهر الجاري، مؤكدا في السياق، أن "الهدف يتمثل اليوم، وفق روح 24 فيفري 1971، الشروع في الانتقال الطاقوي عن طريق التطوير والاهتمام أكثر بالطاقات المتجدّدة، لا سيما الشمسية، كما ينبغي التحكم في سلسلة القيم انطلاقا من إنتاج خلايا الألواح الشمسية". وبهذا الخصوص، أشار دبي أنه وحسب الأبحاث الحديثة، فإنه ومن الآن إلى آفاق سنة 2050، فإن التحول الطاقوي من الطاقة الأحفورية إلى الطاقات المتجدّدة، يتطلب إنتاج حوالي 490 مليون طن من معدن الألمنيوم، وهذا من أجل صناعة أجهزة طاقوية جديدة لإنتاج الطاقة من مصادر الطاقات المتجددة، هذه الصناعة تنبعث منها كميات هائلة من غازات الاحتباس الحراري، مبرزا كذلك، أن الحل يكمن في بعض النقاط التي يمكن التحكم فيها أهمها الطاقة الشمسية، وكمثال على ذلك الصحراء الجزائرية التي تمثل مساحة أكثر من 2 مليون كم2، وطبيعة تضاريسها وساعات التشميس السنوية التي تفوق 3500/ساعة/سنة، والتشعيع الشمسي السنوي البالغ حوالي 2650 (كيلو واط/ م2/ السنة).