تبخرت أوهام المتربصين بالبلاد وسقطت مخططاتهم بادراك الشعب الجزائري لخلفيات وأبعاد التحريض الذي سعوا لتأجيجه باستهداف الشباب الجزائري وبالأخص أولئك الذين يتطلعون لأوضاع اجتماعية واقتصادية ايجابية في الولايات الجنوبية التي استفادت من عناية متميزة خصتها بها الدولة من خلال إرساء جملة من القرارات العملية التي تصب في إطار إعادة بناء سوق العمل بما يضفي شفافية أكبر على عروض الشغل وكذا تكافؤ لفرص وإنهاء وضع غير سوي لطالما عبث فيه وكالات المناولة التي أصبحت تحت الأضواء وتخضع للمراقبة القانونية الصارمة خاصة بالنسبة للأجور. و ألقت القرارات المتخذة على مستوى الوزير الأول بظلالها على عالم التشغيل في ولايات تعد القلب النابض للجزائر والتي يفتخر أبناؤها جيلا بعد جيل بما أنجزه السلف الصالح عل امتداد المسيرة الوطنية للجزائر سواء خلال الحركة الوطنية وبالأخص أثناء الثورة التحريرية المجيدة التي أنهت حقبة استعمارية غاشمة وحرص سكان الجنوب على أن الوحدة الوطنية خيار ابدي ولا مجال للمناورة حتى أحبطوا مؤامرة ديغول الشهيرة في محاولته اللعب على أوتار الجغرافيا أو خلال معركة البناء التي دشنتها الجزائر مباشرة مع السنوات الأولى لاسترجاع السيادة الوطنية فأرست برامج التنمية الشاملة التي ترمي للنهوض بالإنسان الجزائري حيثما كان وعلى امتداد الوطن ولا تزال المسيرة متواصلة. لم يتأخر إدراج الجنوب في الإستراتيجية التنموية الوطنية بالرغم من صعوبة التضاريس وقساوة المناخ ولا يزال الكثير يتطلب الانجاز وهو أمر طبيعي بالنظر لتنامي الاحتياجات وتطور الطموحات وضمن هذه الروح البناءة تحمل البرامج المسطرة القابلة للتعميق باستمرار الكثير من الفرص ضمن مسار الاستثمار الجواري المرتكز على الحضور الفعلي والملموس للدولة في انتظار أن ينخرط القطاع الوطني الخاص في ديناميكية الاستثمارات خارج المحروقات من خلال إطلاق مشاريع صغيرة ومتوسطة في قطاعات مختلفة أبرزها الفلاحة والاستصلاح الزراعي الواسع والسياحة إلى جانب الصناعة التقليدية ومختلف المهن ذات الصلة بالصناعات العديدة بإدماج مراكز التكوين المهني في استيعاب الطاقات البشرية المحلية التي تحتاج إلى إعادة تأهيل ومرافقة قبل الإدماج في عالم الشغل. ولعل هذا الأخير الأوفر حظا هذه المرة بانتشاله من حالة الفوضى والارتجال إلى مرحلة الشفافية والوضوح بما يضمن عدالة أكثر في الفوز بمنصب عمل لأبناء المناطق عبر الجنوب الذي عرف سكانه كيف يسحبون البساط من تحت أقدام أطراف حاولت عبثا جرهم إلى مساحة من الضبابية والغليان بترويج مغالطات وتشويه لمفاهيم وتسويق لشعارات فيها حق من جانب لكن من وراءها يريدون باطلا لن يقبل به أبناء الصحراء كل الصحراء الجزائرية التي أدمجتها الدولة منذ فجر الاستقلال بل منذ سنوات الثورة في البعد الوطني الراسخ من كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية ومن ابرز المؤشرات لذلك إطلاق وانجاز طريق العابر للصحراء ومضاعفة الاستثمار في المحروقات وإنتاج المياه الباطنية وغيرها من البرامج التي قربت المسافات بين الجهات وأسقطت الخلفيات من الذهنيات ولعل مدرسة الخدمة الوطنية من اكبر الأدوات المكرسة لخيار انصهار الفوارق مهما كانت وبناء انسجام يجب أن يحصن باستمرار. لقد عبر المواطنون باختلاف مشاربهم عن انشغال ينبغي أن يتابع وفقا للآليات التي أحدثتها السلطات العمومية للدولة بمشاركة مفتوحة على مختلف الأطراف المعنية وفي ظل مناخ من الهدوء والتفاعل الايجابي الباعث للأمل في انجاز الأهداف المسطرة لبعث سوق الشغل من جديد بمختلف الصيغ انطلاقا من ضبط مسارات التوظيف بالمؤسسات القائمة بكسر البيروقراطية وإنهاء التداخل بما يضمن للمواطن كل حسب مستواه ومؤهلاته الحق في العمل ومن ثمة الإمساك بضمانه أساسية للاستقرار الاجتماعي وكذا يحمل المتعامل الاقتصادي بغض النظر عن طابعه القانوني مسؤولية الالتزام بالقواعد الجديدة في التشغيل واداراك العواقب التي تنجر عن عدم العمل بها ومن الآن فصاعدا فان الاستحقاق المهني سيكون المعيار الحاسم في تصحيح ومعالجة معادلة عروض وطلبات العمل .