نظمت دار الثقافة مولود معمري بتيزي وزو، أسبوعا ثقافيا تخليدا للذكرى المئوية لميلاد الكاتب والروائي مولود فرعون، حيث برمج بالمناسبة عدة نشاطات تتخللها محاضرات وعرض صور وبورتري ومؤلفات الكاتب الراحل الذي اغتيل سنة 1962 من طرف منظمة الجيش السري. انطلقت فعاليات الاحتفال بالذكرى المئوية لرحيل مولود فرعون بوضع اكليل من الزهور بمقبرة الراحل المتواجدة بمسقط رأسه بتيزي هيبل، وتواصلت أمس بتنظيم يوم دراسي تحت عنوان «التزامات مولود فرعون إبان الثورة الجزائرية» من خلال دراسة كتابه «الأرض والدم»، الذي تحدث فيها عن الاستعمار الفرنسي وقضية الاستقلال. وتنظم بالمناسبة محاضرة مرفوقة بنقاش حول ذات الكتاب بالمسرح الجهوي كاتب ياسين من تقديم السيدة جوهر امحيس، على أن يتم في حدود الساعة الثانية زوالا عرض فيلم مولود فرعون للمخرج اعلي موزاوي إلى جانب عرض مسرحية «الأرض والدم» من إنتاج ذات المسرح. وتتواصل الذكرى بتنظيم محاضرات أخرى يتحدث فيها المشاركون حول مؤلفات مولود فرعون وعرض شريط وثائقي من إنتاج التلفزيون الجزائري حول هذه الشخصية التي تركت ابداعات وموروث ثقافي كبير ونحت اسمه بالذهب من بين المع الكتاب الجزائريين ويعد مفخرة للجزائرئئ . ولد مولود فرعون في قرية تيزي هيبل بولاية تيزي وزو بالجزائر يوم 18 مارس سنة 1913 من عائلة فقيرة، اضطر أبوه إلى الهجرة مرات عدة للبحث عن العمل، لكن الفقر لم يصرف الطفل ولا أسرته عن تعليمه، فالتحق بالمدرسة الابتدائية في قرية تاوريرت موسى المجاورة، كان يقطع مسافة طويلة يومياً بين منزله ومدرسته سعياً على قدميه في ظروف صعبة. تحدى «مولود فرعون» ظروفه القاسية والمصاعب المختلفة بمثابرته واجتهاده وصراعه مع واقعه القاتم الرازح تحت نير الاستعمار الفرنسي، حيث استطاع التغلب على كل المثبطات والحواجز، مما أهله للظفر بمنحة دراسية للثانوي بتيزي وزو وفي مدرسة المعلمين ببوزريعة بالجزائر العاصمة ورغم وضعه البائس تمكن من التخرج من مدرسة المعلمين، واندفع للعمل بعد تخرجه، فاشتغل بالتعليم حيث عاد إلى قريته تيزي هيبل التي عين فيها مدرساً سنة 1935 في الوقت الذي بدأ يتسع فيه عالمه الفكري وأخذت القضايا الوطنية تشغل اهتمامه. وقد أعطى من علمه لأطفال قريته مثيلا له في القرية التي احتضنته تلميذا قرب مسقط رأسه بأقل من ثلاثة كيلومترات، وهي قرية تاوريرت موسى التي التحق بها معلما سنة 1946 في المدرسة نفسها التي استقبلته تلميذاً، وعين بعد ذلك سنة 1952 في إطار العمل الإداري التربوي بالأربعاء ناث ايراثن، أما في سنة 1957 فقد التحق بالجزائر العاصمة مديراً لمدرسة نادور في المدنية حالياً، كما عين في 1960 مفتشاً لمراكز اجتماعية كان قد أسسها أحد الفرنسيين في 1955، وهي الوظيفة الأخيرة التي اشتغل فيها قبل أن يسقط برصاص الغدر والحقد الاستعماري في 15 مارس سنة 1962، حيث كان في مقر عمله، مهموماً بقضاياً العمل و بواقع وطنه خاصة في المدن الكبرى في تلك الفترة الانتقالية حين أصبحت عصابة المنظمة المسلحة السرية الفرنسية المعروفة ب«أويس» تمارس جرائم الاختطاف والقتل ليلا ونهاراً، حيث اقتحمت مجموعة منها على «مولود فرعون» وبعض زملائه في مقر عملهم، ليسقط برصاص العصابة ويكون واحداً من ضحاياها الذين يعدون بالألوف، فتفقد الجزائر بذلك مناضلاً بفكره و قلمه. ترك مولود فرعون مؤلفات اختلفت بين الرواية والتأليف من ذلك كتابين أحدهما بعنوانئ «أشعار سي محند، أيام قبائلية» ويتكلم فيه عن عادات وتقاليد منطقة القبائل «ابن الفقير» كتبها في شهر أفريل سنة 1939 الذكرى الدروب الوعرة إلى جانب الأرض والدم وكلها تتكلم عن المعاناة الجزائرية تحت ظلام الاستعمار ومحاولاته في طمس هويته من تجهيل ونشر للمسيحية، إضافة إلى مجموعة رسائل ومقالات ذات الطابع الشخص من أقواله: أكتب بالفرنسية، وأتكلم بالفرنسية، لأقول للفرنسيين، أني لست فرنسيا.