ربيقة يقف على الإستعدادات الأخيرة للملحمة الفنية التاريخية "روح الجزائر"    مراد يستقبل سفير ايطاليا بالجزائر    مشروع السكة الحديدية بشار-تندوف-غارا جبيلات: رخروخ يعرب عن " ارتياحه" لتقدم الأشغال    محافظة الطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية تنظم يوم الخميس ورشة حول إزالة الكربون في القطاع الصناعي    تيغرسي: مشروع قانون المالية 2025 يتضمن مقاربة إجتماعية بأهداف اقتصادية    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 42 ألفا و792 شهيدا    بونجار: برنامج عمل اللجنة الوطنية للوقاية من مرض السرطان ومكافحته يرمي إلى تقليص عدد الإصابات والوفيات    البويرة.. وفاة شخص وإصابة آخر في حادث مرور بالطريق السيار شرق-غرب في بلدية بودربالة    بلمهدي يؤكد على أهمية الحفاظ على المخطوطات القديمة وتثمينها    الاحتلال الصهيوني يواصل جرائم الإبادة في شمال قطاع غزة لليوم ال19 على التوالي    الميزانية المقترحة تضمن مواصلة جهود تجسيد الالتزامات    باسكوا: الجزائر قوة إقليمية    تبّون مدعو لزيارة سلوفينيا    يحيى السنوار من ثائر إلى أسطورة    وقفة بدار الصحافة في العاصمة    السنوار رفض عرضاً لمغادرة غزّة    هؤلاء أبرز 20 لاعبا انخفضت قيمتهم السوقية    انتقادات لاذعة لمحرز    بورحيل يشارك في ورشة عمل حول حماية البيانات    زيتوني يزور هيئة المناطق الحرة القطرية    منظّمات وجمعيات ترافع لتسقيف الأسعار    دراسة مشروع قانون حماية ذوي الاحتياجات الخاصة    إنتاج 492 ألف قنطار من البطاطا الموسمية    كلمات جزائرية تغزو إنجلترا!    الصحافة الجزائرية تحتفل بيومها الوطني    وزارة الإنتاج الصيدلاني تُحذّر..    برنامج عمل اللجنة الوطنية للوقاية من مرض السرطان ومكافحته يرمي إلى تقليص عدد الإصابات والوفيات    وزارة الصناعة تتخذ عديد إجراءات    تذكروا "بيغاسوس".. الجوسسة باستعمال التكنولوجيا أمر واقع    قرار اللجنة الرابعة الأممية انتصار تاريخي آخر للقضية الصحراوية    بلعابد يشارك في اجتماع إدارة مركز اليونيسكو للتميز في التعليم    بحث فرص ترقية التعاون الصناعي بين الجزائر والهند    وديتان للمنتخب الوطني للسيدات بنيجيريا    لجنة الانضباط تعاقب 3 أندية وتوقف الحارس ليتيم    قرارات هامة لصالح طلبة علوم الطب    صادي يجري محادثات مع شخصيات بأديس أبابا..قرارات هامة في الجمعية العمومية للكاف    آدم وناس مطلوب في أودينيزي وسمبدوريا الإيطاليين    9 محتالين يجمعون تبرعات باسم مرضى السرطان    القبض على محترفي سرقة الهواتف    260 إصابة بالكيس المائي    التحكيم في قفص الاتهام، احتجاجات بالجملة و"الفار" خارج التغطية    مجلس الجامعة العربية يدين تقويض عمل المنظمات الإنسانية في غزة    أنابيب نقل الغاز الجزائرية ضمان لأمن الطاقة الأوروبي    "المساء" ترصد ما خققه الثقافة والفنون في 4 سنوات    الطبعة 18 من 26 إلى 30 أكتوبر    الأمم المتحدة تحذّر من تدهور الأوضاع في فلسطين    مسؤول في هيرتا برلين يصف مازة ب"جوهرة" النادي    توسيع طاقة تخزين الأدوية في 3 ولايات    سطيف.. استفادة أزيد من 60 ألف طالب جامعي من التأمين الاجتماعي    أيام حول الانتساب للضمان الاجتماعي في الجامعة    "نوبل" تنتصر لتاء التأنيث    الرئيس يأمر بإنجاز فيلم الأمير    التميّز والجمال عنوان "شظايا من الضفتين"    مختصون: هكذا نجعل للدراسة قيمة في حياة أبنائنا    الابتلاء من الله تعالى    نعمة الأمن لا تتحقق إلا بوجود 4 مقومات    هكذا نزلت المعوذتان على النبي الكريم    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب مستمرة والعيون ترصد العملية السياسية
سنة من أزمة مالي
نشر في الشعب يوم 19 - 03 - 2013

قبل سنة وتحديدا في 22 مارس 2012، قاد النقيب »سانوغو« إنقلابا عسكريا أطاح بالرئيس» أمادو توماني تورى« الذي كان يستعد لتنظيم إنتخابات رئاسية لم يترشح لها .
ورغم أن الإنقلاب أجهض الديمقراطية الفتية التي بدأها »توري«، وأدخل البلاد في حالة شعور مؤسساتي فإن الأسوأ، لم يكن هذه النتيجة على خطورتها، بل كان قرار »الحركة الوطنية لتحرير الأزواد« اعلان انفصال الشمال في 6 أفريل الماضي بغرض تأسيس دولة التوارق على مساحة تساوي ثلاثة أرباع مساحة مالي .
وحتى يزداد الوضع تأزما، دخلت المجموعات الإرهابية التي كانت تتخذ من المنطقة موطىء قدم ونشاط واختباء، على الخط وسيطرت على بعض الإنفصاليين وأصبحت الآمر والناهي في الشمال الذي بات تحت رحمة مجرمين لا هم لهم سوى فرض إرهابهم وعنفهم وتعسفهم ضد المدنيين الأبرياء الذي فضل الكثير منهم الفرار بجلدهم إلى دول الجوار مشكلين مأساة إنسانية لم تكتمل فصولها بعد خاصة مع تطور الأزمة إلى تدخل عسكري قد يطول أكثر من المتوقع، بالنظر إلى التجارب السابقة، فكل الحروب التي أعلنت ضد الإهاب إنتهت إلى مأزق حقيقي بعد أن تعذر الإنتصار فيها أو الخروج منها .
قبل سنة إذن إستيقظ الشعب المالي على وقع إنقلاب عسكري أعاد عقارب الزمن إلى الوراء، وأدخل البلاد في حالة من القلق والخوف والترقب، كما أدت الحركة الإنفصالية التارقية في الشمال وما أعقبها من هيمنة المجموعات الإهابية إلى دق ناقوس الخطر وإلى تحريك المجموعة الدولية قصد تطويق الأزمة وإنقاذ البلاد من إنفجار ستمتد شظاياه إلى الجوار والساحل برمته في حال وقوعه.
إنقلاب في الجنوب وانفصال في الشمال
وأول ما شرعت فيه المجموعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) التي تولت مهمة حل الأزمة المالية، هو العمل على إجهاض الإنقلاب والعودة بمالي إلى الشرعية المؤسساتية حتى وإن كان بشكل انتقالي .
وقد استطاعت العقوبات التي تم فرضها على الإنقلابيين أن تأتي آكلها، حيث سلم العقيد »سانوغو« مقاليد السلطة التي استولى عليها بالقوة إلى الرئيس الإنتقالي »ديونكوندا تراوري« .
لكن فيما تم حل مسالة الانقلاب باجهاضه، اخدت معظلة الشمال تكبر ككرة الثلج خاصة بعد أن تحالفت بعض المجموعات التارقية المسلحة مع الإرهابيين الذين فرضوا قانون الغاب في المنطقة بزعم تطبيق الشريعة الإسلامية . وعثوا فسادا وتدميرا لكل المباني الدينية كمراقد أولياء الله الصا لحين، بل وأحرقوا في تومبكتو مخطوطات نادرة تؤرخ للإسلام الذي يدين به أغلب الماليين، وليس هذا فقط، بل بدأ الإرهابيون يتحرشون بالسكان وينفذون في حقهم أحكاما لا إنسانية كقطع الأيدي والجلد وحتى القتل ....
الحل العسكري يفرض نفسه
باختصار، لقد شكلت المجموعات الإرهابية دولة داخل دولة، مستقوية بالسلاح الذي عادت به الكتائب التي كانت تقاتل إلى جانب القائد الليبي الراحل، وامتد التهديد يشمل دول الجوار التي وجدت نفسها في عين الإعصار، كما أصبح المشهد الإنساني قاتما بفعل النزوح الجماعي للماليين .
وأمام هذا المأزق توالت مقترحات الحل وبرزمن خلال ذلك موقفان متباينان حد التناقض ، الأول حصر المخرج في مقاربة سياسية تقوم على مد يد الحوار إلى المجموعات التارقية التي تنبذ العنف والإنفصال، وإطلاق مفاوضات معها قصد إشراكها في عملية سياسية تحدد مستقبل البلاد وتستجيب لمطالبها الشرعية في التنمية وفعلا لقد جنحت بعض الحركات الإنفصالية إلى التسوية السلمية، وطلقت المجموعات الإرهابية وبدأت بشائر الإنفراج تلوح من بعيد .
أما الموقف الثاني، فأعطى أولوية الحل للخيار العسكري، وهكذا وفي الوقت الذي كانت فيه الأطراف المروجة للخيار السياسي وعلى رأسها الجزائر تقطع أشواطا هامة في طريق إقتناع الإنفصاليين بالعدول عن تفتيت الوحدة الترابية لمالي، كان دعاة خيار القوة تتقدمهم فرنسا يقرعون طبول الحرب، حيث دفعت باريس السلطات المؤقتة في باماكو للإستنجاد بمجلس الأمن قصد فرض تدخل عسكري لتحرير الشمال المالي من قبضة الإرهابيين وهو ماتضمنه القرار رقم 2085 الذي صدر في ديسمبر الماضي والذي بررت به فرنسا حربها التي أعلنتها في 11 جانفي .والمفارقة العجيبة أن القوات الفرنسية وهي تشق طريقها نحو الشمال، لم تجد أثرا للإرهابيين الذين فروا هاربين للإختباء في جبال إيفوغاس، ما يعني أن الحرب وإن حررت المدن الشمالية، فإنها لم تقض على الإرهابيين الذين سيمددون من عمر التدخل العسكري الذي بدأ يؤرق فرنسا لتكاليفه المادية الباهضة، ولخسائره البشرية، فمصرع خمسة جنود فرنسيين هو ثمن باهض بالنسبة لباريس التي يبدو جليا بأن تدخلها تحت راية مكافحة الإرهاب، يخفي ما يخفيه من دوافع تعكس رغبتها الجامحة في العودة إلى مستعمرتها القديمة وترسيخ نفوذها على المنطقة و هيمنتها على ما تنام عليه من ثروات ....
الرهان على العملية السياسية
سنة تمضي منذ تفجر الوضع في مالي،و طول هذه المدة، تعاقبت الاحداث من إنقلاب على السلطة الشرعية، إلى انفصال في الشمال وهيمنةالجماعات الإرهابية عليه، فتدخل عسكري فرنسي وكارثة إنسانية لا يلتفت إليها أحد ..... واليوم هناك حديث عن رغبة فرنسية في إلقاء المهمة بحجر الأمم المتحدة، وهناك أيضا بشائر عملية سياسية تشمل إجراء انتخابات عامة شهر جويلية القادم، ومباشرة مفاوضات مع الشمال قصد حل كل مشاكله المطروحة وهي كثيرة وتتطلب صدقا وإرادة سياسية قوية ....
والحقيقة أنه دون تلبية المطالب المشروعة للشمال الذي ظل دائما يعيش التهميش السياسي والغبن الإقتصادي والإجتماعي، فإن مالي ستبقى مهددة في أمنها ووحدتها، ومن خلالها سيظل الساحل كله على فوهة بركان قابل للإنفجار في أي لحظة ومع كل ما تعيشه من تطورات وصعوبات، فالأمل كبير في أن تتجاوز دولة مالي محنتها وتستعيد استقرارها، لكن يبقى من الضروري على الدول المقتدرة أن تدعمها ماديا لدفع عجلتها الإقتصادية، فبدون تنمية، ستظل ترزخ تحت خط الفقر وما يجره من آفات وقلاقل واضطرابات .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.