رهان على المعلومة الدّقيقة لرسم السّياسة المستقبلية والي بومرداس، أمس، إشارة انطلاق عملية الاحصاء العام للفلاحة الذي يدوم إلى غاية 17 جويلية القادم بمشاركة مختلف المتدخلين في القطاع والأعوان المسخّرين في الميدان عبر كل المقاطعات المتواجدة بالدوائر والبلديات، حيث تمّ تسخير كافة الامكانات المادية والبشرية للقيام بهذه المهمة الاستراتيجية الرامية الى جمع معلومات ومعطيات دقيقة ومضبوطة عن الأنشطة والشعب الفلاحية وعدد الناشطين. أطلقت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية ثالث عملية كبرى للإحصاء الفلاحي بعد تلك التي جرت سنة 1973 وسنة 2001، وهذا تحت شعار "معلومة دقيقة..تنمية مستدامة"، حيث تمثّل هذه الحملة الجديد أهمية استراتيجية خاصة بالنظر إلى ما يمثل هذا القطاع الحيوي من أهمية اقتصادية في الواقع المعيش، خاصة بعد أن تحوّل "الغذاء" إلى حقل للصراعات والنزاعات الدولية، وسط تحديات كبيرة لضمان أمنها الغذائي الذي يعتبر جزءا أساسيا من سيادة القرار السياسي، وهي الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها الجزائر من خلال عودة الاهتمام بهذا القطاع الحيوي، وجعله ضمن الأولويات الاقتصادية عن طريق تشجيع الاستثمار الفلاحي خصوصا في شعبة المحاصيل الكبرى بالجنوب ومناطق السهوب، مع تحيين المنظومة التشريعية المتعلقة بقانون الاستثمار ومرافقة الفلاحين والمتعاملين الاقتصاديين. وبهدف تحقيق هده الأهداف الكبرى كان لزاما القيام بعملية إحصاء شامل للنشاط الفلاحي في الميدان، تشمل عدد المستثمرات الفلاحية في كل ولاية والمساحة الصالحة للزراعة المستغلة فعليا، إضافة إلى إحصاء الناشطين في كل شعبة منتجة سواء في الإنتاج الفلاحي النباتي والثروة الزراعية أو الحيوانية من أجل إعداد بطاقة تقنية شاملة وقاعدة بيانات دقيقة تساعد على اتخاذ القرار السليم، سواء في مجال ترقية النشاط وتوسيعه، أو من حيث ترشيد عملية الدعم الفلاحي الذي تقوم به الدولة لصالح الفلاحين والمستثمرين الذين ظلوا يمثّلون - في السنوات الماضية - إشكالية كبيرة نتيجة حالة الغموض في طريقة توزيع الدعم، في ظل استمرار شكاوى المنتجين الحقيقيين، الذين يطالبون في كل مرة بإعادة النظر في العملية حتى يستفيد الفلاح الحقيقي وليس فئة الطفيليين. واعتبر خبراء في المجال الاقتصادي، أن عملية الإحصاء الشامل للفلاحة جاءت هذه المرة في ظرف اقتصادي حسّاس يمر به العالم ككل، وبدرجة أكبر الدول النامية التي خرجت منهكة من تبعات جائحة كورونا، وهي اليوم تبحث عن أدوار جديدة في الخارطة الاقتصادية العالمية، ومنها الجزائر التي شقّت طريقها نحو هذا الهدف، والتوجه بخطى ثابتة نحو تحقيق اكتفائها الذاتي في مجال الحبوب، بفضل الإنتاج الوفير الذي حققته ولايات الجنوب هذا الموسم، والمساهمة في ضبط عملية توزيع المنتجات الفلاحية في الأسواق الوطنية حسب الطلب وصولا إلى مرحلة تصدير الفائض. بومرداس..نموذج رائد كغيرها من ولايات الوطن، سخّرت ولاية بومرداس كل الامكانات المادية والتأطير البشري لإنجاح عملية الإحصاء الفلاحي العام، منها 111 عون ومراقب، حيث سبق الموعد تنظيم عدة دورات تكوينية لفائدة الأعوان المسخرين الذين نزلوا إلى الميدان لمباشرة المهمة والشروع في جرد وإحصاء عدد المستثمرات الفلاحية المستغلة وغير المستغلة التي تقدر بأزيد من 20 ألف مستثمرة ما بين فردية وجماعية، وأخرى تابعة للخواص موزعة عبر 32 بلدية، والعمل على جرد وتقييم القدرات الإنتاجية والإمكانات الموجودة من عقار وعتاد وسبل تطويرها مستقبلا. كما سبق الموعد تنظيم عدة حملات تحسيسية وأيام إعلامية لفائدة الفلاحين بولاية بومرداس، كان آخرها اللقاء التحسيسي الجهوي الذي أشرف عليه الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين، حيث دعا الأمين العام عبد اللطيف ديلمي كافة الفلاحين والناشطين في القطاع "إلى أهمية التعاون وتسهيل المهمة لأعوان الإحصاء، وتقديم معلومات صادقة ودقيقة لإنجاح المهمة"، خاصة وأنّ الولاية تعتبر رائدة في المجال وتحتل المرتبة السادسة وطنيا من حيث نسبة المساهمة في الإنتاج الفلاحي بمبلغ قارب 100 مليار دينار بالأخص في بعض الشعب التي تعتلي صدارة الترتيب الوطني، منها شعبة إنتاج عنب المائدة التي تقدم حوالي 3 ملايين قنطار بنسبة تعدت 50 بالمائة من الانتاج الوطني، الخضروات، الاشجار المثمرة، وغيرها من المنتجات التي تمون السوق المحلي والوطني.