شهد قطاع الفلاحة في الجزائر تحوّلات مهمة، ما أدّى إلى زيادة رأس المال الفلاحي وإمكاناته بشكل كبير، حيث تجاوز الناتج المحلي الفلاحي في الجزائر عتب ال30 مليار دولار سنة 2023 مساهما بأكثر من 14 ٪ في الناتج المحلي الإجمالي، وتماشيا مع هذه التطورات، أطلقت الجزائر في أمس، الإحصاء العام للفلاحة، وهو الثالث من نوعه بعد إحصائي 1973 و2001. يهدف هذا الإحصاء الشامل إلى جمع بيانات دقيقة وحديثة حول مختلف جوانب القطاع الفلاحي في البلاد، بما في ذلك البنية الهيكلية، وأنماط الإنتاج، والموارد البشرية، والإمكانات الفلاحية، وذلك باستخدام أحدث التقنيات الرقمية. من خلال جمع البيانات وتحليلها بشكل منتظم، يوفّر الإحصاء قاعدة بيانات شاملة ودقيقة حول القطاع الفلاحي في الجزائر، حيث تعتبر هذه البيانات أساسية لاتخاذ القرارات المستنيرة التي تخص القطاع، وتوجيه الاستثمارات بشكل أمثل، ممّا يساهم في تعزيز الإنتاجية وتحسين جودة المنتجات، وتوجيه الدعم الذي تقدمه الدولة للفلاح الحقيقي، وإسقاط المتطفلين على القطاع. كما يساعد الإحصاء في تحديد احتياجات وتحديات صغار الفلاحين بدقة في مختلف أنحاء الوطن، ممّا يمكّن الحكومة من تقدير الدعم الموجه لهم. بفهم أفضل لظروفهم واحتياجاتهم، حيث يمكن تطوير برامج دعم فعالة تساعدهم في زيادة إنتاجيتهم وتعزيز تنافسيتهم في السوق، كما أنّ توفير بيانات دقيقة حول الإنتاج الفلاحي واحتياجات الاستهلاك، يساهم في وضع استراتيجيات فعالة لتحقيق الأمن الغذائي على المديين القصير والمتوسط. ويمكن من خلال هذه البيانات تحديد المناطق التي تحتاج إلى تعزيز الإنتاج، وتحسين توزيع المنتجات الزراعية لضمان توفير الغذاء بشكل مستدام. علاوة على ذلك، تشكّل البيانات المجمعة من عمليات الإحصاء موردًا ثمينًا للباحثين في مختلف الجامعات الجزائرية، حيث يمكن استخدامها في تطوير البحوث الزراعية وتحسين تقنيات الإنتاج. هذا يساهم في تعزيز التطورات التكنولوجية في القطاع الفلاحي، وتحسين كفاءة استخدام الموارد الطبيعية. بشكل عام، يعتبر الإحصاء العام للفلاحة أداة حيوية لتعزيز الاستدامة وتطوير القطاع الفلاحي، حيث يساهم في توجيه السياسات والبرامج الزراعية بشكل فعّال وتحسين جودة حياة الفلاحين وتحقيق الأمن الغذائي للمجتمع. ويحمل الإحصاء العام للفلاحة هذا العام، مقارنة بالمحطات السابقة، العديد من المميزات، حيث يتميز بالشمولية التي تغطي جميع المستثمرات الفلاحية في البلاد بما في ذلك المناطق النائية وكذلك الدقة، حيث يتم استخدام أحدث التقنيات الرقمية لضمان دقة البيانات وصحتها، ضف إلى ذلك السرعة، حيث يتم جمع ومعالجة البيانات بسرعة وكفاءة وشفافية، حيث تكون جميع البيانات متاحة للجمهور. وفي ظل التحديات التي تواجه القطاع الفلاحي بالجزائر، خاصة مشكلة الجفاف، يأتي الإحصاء العام للفلاحة كخطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة الفلاحية، وتعزيز دور الفلاحين كمنتجين حقيقيين ومؤثرين في المشهد الاقتصادي الوطني. من خلال جمع البيانات بشكل دقيق ورقمنتها بالكامل في إطار مشروع الرقمنة الشاملة الذي أطلقته الجزائر منذ سنوات ويحظى بمتابعة شخصية من رئيس الجمهورية، حيث سيتمكّن صانع القرار من توجيه الدعم الفلاحي بشكل أفضل، ووضع استراتيجيات فلاحية تلبي احتياجات السوق وتضمن الاستدامة البيئية. كما أنّ الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة وتطوير القدرات البشرية في مجال الإحصاء الفلاحي يعكس التزام الحكومة بتحقيق التنمية المستدامة، وتحقيق الأمن الغذائي للمواطنين.