أكد خبراء أن التجارب النموذجية التي تخوضها الجزائر في مجال الزراعة ''الذكية'' خلال السنوات الأخيرة،'' كلّلت بالنجاح''، وتعكس مدى التحكم في الحلول المبتكرة التي ساعدت على تطوير وتحسين الإنتاج الفلاحي وزيادة المردودية، ما يؤشر على أن هذا التوجه الرامي للرفع من فرص تحقيق الاكتفاء الذاتي و ضمان الأمن الغذائي المستدام، كفيل بتجسيد المزيد من الأهداف المسطرة للسلطات العمومية. أعد الملف: عبد الحكيم أسابع وشدد الخبراء على ضرورة تقديم المزيد من التسهيلات والمرافقة، اللازمة لحاملي المشاريع في هذا المجال من أجل توسيع استعمال ما يتيحه الذكاء الاصطناعي من حلول مبتكرة، لتطوير القطاع الفلاحي في بلادنا، والتوجه نحو تكريس السيادة الاقتصادية الوطنية وفق التوجهات الجديدة لبرنامج رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون ومخطط عمل الحكومة. وفي هذا السياق تواصل فرق البحث على مستوى مزارع نموذجية – حسب الحوارات التي أجرتها النصر مع عدد من الفاعلين ضمن هذا الملف- تطوير أنظمة سقي ''ذكية'' وصيانة أنظمة أوتوماتيكية للبيوت البلاستيكية وأنظمة أخرى خاصة بالبحث في الميدان الفلاحي، فضلا عن تركيب أنظمة تهوية وأجهزة تكييف داخل البيوت البلاستيكية التي تسمح للمهندسين الزراعيين بالحصول على المزيد من النتائج، في إطار مواكبة التطورات الحاصلة في مجال الزراعة ‹› الذكية››. و الزراعة الذكية، عبارة عن نظام يعتمد على التكنولوجيا المتقدمة في قطاع الفلاحة، بطرق مستدامة ونظيفة وترشيد استخدام الموارد الطبيعية لا سيما المياه، ومن أبرز سماتها اعتمادها على نظم إدارة وتحليل المعلومات، باستخدام الحوسبة والتطبيقات الذكية، لاتخاذ أفضل قرارات الإنتاج الممكنة، بأقل التكاليف، ومكافحة الآفات والفيروسات التي تسبب الأمراض للمزروعات، ومراقبة التربة، والمحاصيل، إذ يتلقى الفلاحون والمستثمرون في القطاع الفلاحي من خلال تلك التطبيقات، التي ابتكرها وصممها خبراء جزائريون، إرشادات و توصيات سهلة الإتباع في مجال الري، واستخدام المبيدات والتسميد وغيرها من الممارسات الزراعية المستعملة لتحسين المحصول، وزيادة المردودية بتكاليف أقل.وفي هذا السياق تتوجه جهود الجزائر، التي تبذل على أكثر من صعيد لإعطاء أهمية كبيرة للبحث العلمي المتخصص في مجال الزراعة، من خلال حث الباحثين على ربط معظم الأراضي الزراعية بالتقنيات الرقمية الجديدة، الكفيلة برفع مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الخام التي بلغت في 2021، نحو 13 بالمائة . و قد تعهدت الحكومة في أكثر من مناسبة بتقديم الدعم والمرافقة اللازمة من أجل إنجاح التحولات الجارية في القطاع الزراعي، عبر توسيع المساحات المسقية وتحسين الاستغلال الرشيد للأراضي الزراعية، من خلال رقمنة برامج القطاع، وتطوير الزراعة في المناطق الريفية، و تقديم التسهيلات اللازمة للشباب الراغب في الاستثمار الزراعي.ومن بين أبرز عناصر السياسة الجديدة للحكومة في ذات السياق، القرار المتخذ لإنشاء مدرستين وطنيتين للزراعة، للمساهمة في ربط المشاريع الزراعية بالأبحاث العلمية الحديثة. و تعمل الجزائر على تشجيع الابتكار الزراعي ، بهدف إدخال تقنيات جديدة، من خلال حث الباحثين على ربط معظم الأراضي الزراعية بالتقنيات الرقمية الجديدة في إطار المخطط الجديد للتنمية الفلاحية لآفاق 2025، 2030، 2035، ما من شأنه أن يحدث ثورة في مجال الفلاحة من خلال دمج المعرفة والتقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي. ويحفز هذا الدعم الطلبة والخريجين من المدرستين الوطنيتين للزراعة، على محاولة ابتكار طرق علمية مختلفة تساهم في زيادة المنتوجات الزراعية و تنوعها وتحقيق الاكتفاء الغذائي، ويتحقق ذلك من خلال منح الدولة كل التسهيلات للفريق المبتكر في مجال استحداث المؤسسات الناشئة والاستفادة، من التمويل لتجسيد هذا المشروع الرامي للرفع من الإنتاج ،كما ونوعا في الجزائر مع ترشيد الطاقة. من جهة أخرى تأخذ الزراعة الذكية بعين الاعتبار التطور السريع في التكنولوجيا، من خلال تعميم الطاقات المتجددة في الري واستخدام الطاقة الشمسية في الضخ بدلا من المحركات الزيتية، لتوفير ما يتراوح بين 15 إلى 40 بالمائة من استخدام الطاقة. ويكتسي الاستعمال الواسع للطاقات المتجددة في الميدان الفلاحي – في مخطط عمل الحكومة - طابعا استراتيجيا، لمساهمته في الأمن الطاقوي و أيضا الغذائي للجزائر، فقد سبق و أن أكد وزير الانتقال الطاقوي و الطاقات المتجددة، أن اللجوء إلى الطاقات المتجددة سيسمح للفلاحين بالاستفادة من الطاقة بأقل تكلفة، علاوة على تقليص الفاتورة الطاقوية. ويكتسي التكوين في إطار ذات الجهود، أهم حلقة، في تحقيق الأهداف المسطرة، وهو لا يقتصر على المهندس والطلبة الجامعيين، بل يشمل فتح دورات تدريبية وتنظيم ملتقيات وندوات تكوينية للفلاحين والمستثمرين لمساعدتهم على استخدام الحلول التكنولوجية المتطورة والطاقة المتجددة، في القطاع الزراعي. * الخبير الزراعي محمد باديس نستخدم حلولا رقمية في مكافحة أمراض النباتات و تحسين المردودية أكد الخبير الزراعي محمد باديس، على أهمية احترام المسار التقني في الزراعات الاستراتيجية على وجه الخصوص، وكشف عن توجه مخابر الشركة متعددة الجنسيات في المجال الزراعي، التي يعمل بها وتنشط في الجزائر على تطوير حلول ذكية لمساعدة الفلاحين على تتبع خطوات المسار التقني عن بعد. وأوضح السيد محمد باديس، في تصريح للنصر، أن احترام الفلاحين للمسار التقني ضروري جدا باعتبار أنه يسمح برفع معدل الإنتاج أكثر فأكثر، مشيرا إلى أن هذا المسار في فرع الحبوب مثلا يخص سلسلة متكاملة، وتشمل عمليات الحرث وتحضير التربة للبذر باحترام عمق معين أثناء التقليب وكذا مراحل هامة مثل استعمال الأسمدة والبذور ومعالجة وإزالة الأعشاب الضارة ومكافحة الأمراض الطفيلية. ولهذا يعمل مهندسو ذات الشركة - كما ذكر - على تكثيف عمليات الإرشاد لفائدة الفلاحين سيما من خلال الحلول الذكية، ومرافقتهم بهدف تحسين المردودية، كمّا ونوعا من أجل الاستجابة لحاجيات الجزائريين وتحقيق الاكتفاء الذاتي وكمرحلة بعيدة المدى تحقيق منتوج قابل للتصدير وتنافسي. ونظرا لتعذر اتصال المهندسين الزراعيين والخبراء والتقنيين بالكثير من الفلاحين العاملين في مناطق معزولة أو بعيدة فإن الشركة – يضيف المتحدث - عادة ما تستغل تنظيم الملتقيات التكوينية والأيام الدراسية والمؤتمرات الإرشادية لجمع أكبر عدد من الفلاحين من أجل رفع مستواهم التقني في شعبة الحبوب للمساهمة في رفع الإنتاج والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه المادة، وأيضا للتعريف بهذه التطبيقات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي ، من أجل تقديم الإرشاد اللازم والحلول العملية لمكافحة الأعشاب الضارة التي تلحق أضرارا كبيرة، باعتبار أنها كثيرا ما تكون مأوى للحشرات والأمراض الضارة. وتتيح هذه التطبيقات المجانية، للفلاح التقاط صور للنباتات الضارة سواء أحادية الفلقة أو ثنائية الفلقة أو صور بعض الأعراض التي تعاني منها المزروعات بتحميلها على الفور، لكي يتلقى في وقت قياسي التشخيص المناسب وطرق التدخل المناسبة. * رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين الزراعيين منيب أوبيري سنطلق منصة للإرشاد و تبادل المعلومات بين الفلاحين كشف رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين الزراعيين، منيب أوبيري، أن الاتحاد بصدد التحضير لإطلاق منصة رقمية، خلال ال 15 يوما القادمة ستمكن الفلاحين من خلال تطبيقاتها الذكية من تبادل المعلومات المتعلقة بالتقنيات الحديثة التي تستعمل في العمل الفلاحي سعيا لتحقيق تنمية فلاحية رائدة في البلاد. وأكد أوبيري على أهمية انخراط الفلاحين والمهنيين في مسعى استعمال التطبيقات الذكية في المجال الفلاحي، سيما في مجال الإرشاد الفلاحي، والوصول للمعلومات الزراعية المناسبة لاحتياجاتهم في الوقت الفعلي ومراقبة الأحوال الجوية، والإجابة على انشغالات الفلاحين المختلفة، معربا في ذات الوقت عن أمله في أن تتدخل الدولة من أجل تعميم استعمال الأجهزة والنظم الذكية الخاصة بالعمل الفلاحي نظرا لارتفاع أسعارها.وأكد المتحدث على أهمية إعداد قاعدة بيانات وتوفير أجهزة ونظم الاستشعار من أجل استغلالها في تطوير مختلف المزروعات وتفادي حدوث الآثار المدمرة لعديد الكوارث المرتبطة بالتقلبات المناخية من جفاف و فيضانات.وشدد رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين الزراعيين في هذا السياق على أهمية إدخال التكنولوجيات الحديثة من أجل متابعة جيدة للمسار التقني الذي دعا إلى ضرورة توسيع استعماله. كما أبرز أهمية اللجوء إلى استعمال نظم وحلول ‹› الري الذكي ‹› لأهمية اقتصاد المياه في ظل الجفاف ونقص الموارد المائية، مبرزا أهمية استعمال النظم الذكية التي تتيح الاستعمال العقلاني والمدروس للأسمدة في مختلف المزروعات. من جهة أخرى أكد السيد أوبيري على الأهمية القصوى لاستخدام مختلف الأجهزة الذكية بصفة مستدامة التي تمكن الفلاح من الاقتصاد في جل مدخلات الإنتاج أي التحكم فيها بتقنيات عالية، مبرزا في ذات الوقت الضرورة القصوى لاستغلال الطائرات المسيرة ‹›الدرون ‹› في الاستطلاع على مستوى المساحات الشاسعة من أجل استشعار نقص المياه أو الأماكن المريضة ما يوفر الجهد والوقت للفلاحين والمستثمرين. نظم الري الذكية تقتصد كميات تصل إلى 60 بالمئة من المياه و أكد ذات المتحدث، أن التغيرات المناخية وما ترتب عنها من تراجع في وفرة الموارد المائية بسبب تذبذب تساقط الأمطار وشحها و ارتفاع درجات الحرارة، التي كثيرا ما تتسبب في موجات جفاف مُضرة بالفلاحين، دفعت إلى البحث عن بدائل لترشيد استهلاك المياه و الزيادة في الإنتاجية، ما حتم اللجوء إلى البحث عن الحلول المبتكرة التي تم تطويرها.وبينت التجارب التي اعتمدت على استخدام التكنولوجيا و الأنظمة الحديثة في الري أو ما يعرف ب ‹› الري الذكي››، تحكما أكبر في استعمال الموارد المائية في سقي المزروعات المختلفة، ما ساعد من جهة أخرى في زيادة المردودية، باعتبار أن نظام الري الذكي الذي يعمل وفق أجهزة استشعارية ترصد كل المعطيات المتعلقة بالتربة و النبتة، و يتم التحكم به عن طريق تطبيق على الهاتف، بما يسمح بعرض احتياجات النبات للمياه، و بالتالي يتم تقديم الجرعات المناسبة لها. * صاحب المؤسسة الناشئة '' أيتاك ''المهندس نسيم إلمان '' ري تاك '' نظام ذكي لاقتصاد المياه في السقي توصلت الشركة الناشئة '' أيتاك '' التي تم تأسيسها سنة 2016 إلى ابتكار حل تكنولوجي تحت مسمى ''ري تاك '' خاص باقتصاد المياه أثناء سقي مختلف المزروعات، سواء داخل المساحات الزراعية المغطاة أو في الهواء الطلق. وأوضح صاحب المؤسسة الناشئة المهندس، الصناعي، نسيم إلمان، أن هذا الحل النموذجي الذي تم تطويره وتجربة مدى نجاعته في إحدى المزارع بولاية البليدة بالتنسيق مع الوكالة الوطنية للتسيير المدمج للماء '' أجير''، عبارة عن نظام ذكي لقياس الماء (une cende )، والتحكم في السقي وقادر على اقتصاد حوالي 60 بالمائة من الماء مقارنة مع طرق السقي العادية. وأشار المتحدث إلى أن '' ري تاك '' هو حل متكامل يتيح أثناء استخدامه إمكانية متابعة مستوى الماء داخل الخزان، و وضع نظام تحكم أمثل للمياه بتكلفة منخفضة و الارتقاء بأداء الفلاحين و تطوير خبرتهم المهنية و الرفع من الإنتاج فضلا على أنه يتيح للفلاح اكتساب معارف متطورة للسقي لاسيما في مجال اقتصاد الماء و الحفاظ على هذه الثروة.وفي سياق ذي صلة كشف روبورتاج أنجزه مستشار الغرفة الوطنية للفلاحة، الخبير الزراعي أحمد ملحة، لفائدة قناة اليوتيوب للغرفة، عن نظام ذكي آخر للري يتم استعماله على مستوى مزرعة مشماشة بولاية الطارف. وحسب ما جاء في الروبورتاج فإن هذا النظام الذي يجري التحكم فيه من خلال تطبيق يتم تحميله على الهاتف النقال، يساعد من جهة أخرى على إيصال الأسمدة السائلة للنباتات. * رئيس الغرفة الوطنية للفلاحة محمد يزيد حمبلي رقمنة القطاع ضرورة للقضاء على البيروقراطية كشف رئيس الغرفة الوطنية للفلاحة محمد يزيد حمبلي، عن مشروع يوجد حيز التنفيذ يعنى بإنشاء قاعدة رقمية تعرف ب ''غرفتي'' لرقمنة كل السجل الفلاحي بإشراك كافة الغرف الفلاحية الولائية، مؤكدا على أهمية الرقمنة في مسار عصرنة القطاع الفلاحي، وذكر أن هذا المسعى سيسمح برفع مردودية مختلف المؤسسات والهياكل التابعة للقطاع و يقلص من الأعباء البيروقراطية لفائدة جميع الفاعلين النشطين في القطاع الفلاحي بالمساهمة أكثر في الجهود المبذولة من أجل تشجيع تنويع الاقتصاد الوطني. وأوضح حمبلي في حوار للنصر، أن تجسيد هذا التوجه سيسمح بتحقيق الأهداف الأساسية للقطاع و ذلك يتضمن تسهيل الإجراءات الإدارية و إمكانية الحصول على المعلومة سيما بالنسبة لأصحاب القرار و مختلف المتدخلين في القطاع من فلاحين و مربين و متعاملين اقتصاديين و باحثين و الطلبة. النصر: ما هي أهداف مشروع رقمنة قطاع الفلاحة التي تشرفون على إنجازها؟ حمبلي: كما تعلمون الزراعة في الجزائر واحدة من القطاعات الداعمة للاقتصاد الوطني وعليه فإن عملية التطوير المستمر لهذا القطاع وإدارته تعتبر من أهم المجالات التي تسهر الدولة عليها، من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي الوطني و كذا الدفع بعجلة الاقتصاد. ومن أهم العوامل التي تسعى الدولة إلى تطبيقها في قطاع الفلاحة هي الرقمنة ومحاولة تبسيط العمليات الإدارية للفلاح والمستثمر، والتي تعتبر مكسبا كبيرا للقطاع عن طريق ربح الوقت و كذا الإسراع في تقدم المشاريع الضخمة منها والصغيرة. ومن أهم العوامل التي تساعد في رقمنة القطاع الزراعي الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، من أجل القضاء على البيروقراطية الإدارية التي أثقلت حياة الفلاح، لذلك جاء حرصنا على رقمنة تطبيقات المعلومات المهنية للفلاحين، نظرا لأهمية وضع أنظمة معلومات للتحكم في الإنتاج الفلاحي لوضع استراتيجيات مستقبلية أكثر دقة في المجال. وفي هذا الصدد تعمل الغرفة الوطنية للفلاحة منذ فترة على رقمنة السجل الفلاحي، لا سيما أننا نحصي حوالي 1.3 مليون فلاح منخرطين في الغرفة، ونسعى من خلال هذا المشروع للوصول إلى وضع قاعدة بيانات رقمية، لتسهيل الوصول إلى المعلومة في وقتها، مما سيسمح لنا بوضع أسس صحيحة لإستراتيجية تنمية فلاحية حقيقية مرتبطة بالمهني. فبواسطة رقمنة القطاع يكون هناك اتصال أحسن وأمثل مع المهنيين في القاعدة، وعن طريق المعلومة الصحيحة نستطيع وضع خطط واستراتيجيات. وتشمل قاعدة بيانات المنظومة الزراعية التي نشتغل عليها المخزون الغذائي، ومخزون الحبوب الزراعية، وكذا الثروة الشجرية والزراعية، أنواع المحاصيل، أنواع التربة، احتياجات المزروعات للمياه والري، إلى جانب إحصائيات عن الثروة الحيوانية وتنوعها عبر كافة التراب الوطني. كما تتابع هذه المنصة الرقمية، المسار التقني لكل الشعب الفلاحية، وتوفر الإرشادات، كما يمكن عبر هذه المنصة متابعة وضبط الإنتاج، وهو العمل الذي لا يقل أهمية عن استعمال «الدرون»، في إحصاء مناطق الإنتاج والتخزين والمساحات المتضررة من الأمراض والجفاف، وإعطاء صورة دقيقة عن المساحات الزراعية بكل المناطق. وسيتم إدراج نوافذ أخرى في هذه القاعدة الرقمية لكي يستعملها الفلاح للحصول على مختلف المعلومات التي يحتاجها. النصر: كيف يمكن للفلاح الوصول إلى قاعدة البيانات التي تشتغلون عليها؟ حمبلي: سنزود كل فلاح برمز سري يكون متوفرا في بطاقته المهنية ( بطاقة الفلاح )، حتى يتمكن من الولوج إلى هذه القاعدة والحصول على المعلومات الإرشادية المطلوبة وكذا عن عناوين المتعاملين في مجال بيع الأسمدة ومختلف عوامل الإنتاج وأي معلومة، إلى جانب خدمات الصناديق الولائية للتعاون الفلاحي وكذا تعاونيات الحبوب والبقول الجافة دون حمله لوثائق إدارية باعتبار أن هذه البطاقة ستضم جميع المعلومات الخاصة به. النصر: ما هي الطرق المبتكرة الحالية التي تشتغلون عليها في الميدان من خلال الزراعة الذكية والري الذكي ؟ حمبلي: بدأ بعض المستثمرين في القطاع الفلاحي ومطوري الحلول التكنولوجية في التوجه إلى الري الذكي منذ سنوات لمواجهة النقص في الموارد المائية، من خلال استعمال الأجهزة التي تقتصد المياه والآليات الحديثة من خلال برمجيات كالسقي بالتقطير واستعمال الأسمدة السائلة عن طريق التقطير أيضا. وتتيح أجهزة الاستشعار المستعملة في العملية، في رصد احتياجات التربة ومختلف المزروعات لكميات المياه المطلوبة، وقد مكن هذا الحل ليس في تحقيق الاقتصاد في المياه المستعملة في السقي فقط، بل أيضا في تخفيض تكلفة مدخلات الإنتاج التي ارتفعت أسعارها في السوق بشكل كبير، وذلك بعد أن مكنت الحلول المستعملة في ترشيد استهلاكها. النصر: هل هناك توجه لتشجيع الفلاحين على استعمال الطاقة البديلة ؟ حمبلي: هذا التوجه تبنته السلطات العمومية وقد بدأ البعض في خوض تجارب في هذا المجال في مناطق مختلفة من الوطن باستعمال الطاقة الشمسية حتى نقلل من استعمال الطاقة التقليدية. النصر: هل لديكم برامج في مجال تكوين الفلاحين ؟ حمبلي: المنصة الرقمية '' غرفتي '' ستتوفر مستقبلا على تطبيقات ذكية مختلفة سيما تلك الخاصة بكراء معدات فلاحية للحرث لمن لا يمتلكون هذه المعدات، إلى جانب تطبيقات لتتبع الحالة الجوية وتتبع الأمراض التي تصيب مختلف المزروعات، إلى جانب نوافذ خاصة بالنشريات الإعلامية، والأرضية قابلة للتطور مع مرور الوقت بما يلبي احتياجات الفلاحين، فنحن الآن في مرحلة الإعداد والتطوير من خلال جمع أكبر عدد من المعلومات وإدراجها في الأرضية الرقمية وإدخالها في القاعدة لتكون متاحة أمام كل الفلاحين. وبخصوص الإرشاد فهو عمل متواصل، ولدينا قناة يوتيوب ننشر من خلالها برامج إرشادية ميدانية لأن أحسن إرشاد هو الخروج إلى الميدان ومقابلة الفلاحين، ونحن نحاول نقل تجارب فلاحين نجحوا في الميدان ولدينا عدة دورات تكوينية للفلاحين وخاصة في الصناعات التحويلية كصناعة الأجبان التقليدية وتجفيف الطماطم. وبالنسبة لهذه السنة لدينا برنامجا تكوينيا حول إنتاج الحبوب بكل أنواعها، سوف نخصص لها حقول تجارب جهوية، تمتد على مساحة 10 هكتارات وسننقل فلاحين إلى تلك الحقول للاطلاع على التقنيات المستعملة وكيفية استعمال الأسمدة والأدوية، وكل حقل سيخصص ل 4 أو 5 ولايات مجاورة. وبودي الإشارة هنا إلى أن الكثير من بلديات ولايات شرق البلاد تحترم المسار التقني، في الزراعة ما جعلها تحقق مردودية تتراوح بين 30 و40 و50 بالمائة ووصلت أحيانا إلى 60 بالمائة ونريد أن نعمم التجربة على ولايات وسط وغرب البلاد، باعتبار أنه بدون احترام المسار التقني لا يمكن تحقيق حجم أكبر للمردودية. النصر: هل هناك تعاون مع المؤسسات الناشئة في مجال ابتكار الحلول التكنولوجية الحديثة؟ حمبلي: لدينا داخل الغرفة حاضنة للمؤسسات الناشئة، ولدينا مشرف عليها وقد سطرنا برنامجا تكوينيا خاصا بها، وفي هذا الصدد يربطنا عقد تعاون مع خبراء هولنديين ممن يحوزون على تجربة متميزة ورائدة في تسيير المزارع الذكية، للإشراف على تكوين الشباب أصحاب المؤسسات الناشئة الراغبين الاستثمار في القطاع الفلاحي. النصر: وما هي المهمة الأساسية للحاضنة؟ حمبلي:مهمتها تتوقف على تكوين الشباب في مجال المؤسسات الفلاحية الناشئة و تأطيرهم وتزويدهم بعناوين المشاريع التي نحتاجها في قطاع الفلاحة، سيما وأن الكثير من هؤلاء الشباب الراغبين في دخول مجال الاستثمار في القطاع الفلاحي تجدهم يفتقدون لأفكار محددة. * المهندس الزراعي مراد براهامي طورنا تطبيقا يمكن الفلاح من الحصول عن الاستشارة عن بعد طورت الشركة الناشئة '' نباتيك" المتخصصة في الحلول الرقمية الهادفة لتحسين الإنتاجية الزراعية بالجزائر، تطبيقا يتيح للفلاحين والمستثمرين في القطاع الاستفادة من الإرشاد الفلاحي عن بعد، والحصول على كل المعلومات والتوصيات التي تساعد في التدخل الفوري لحماية المزروعات من أعراض الأمراض الطفيلية الضارة، التي قد تؤدي أحيانا للفقد الكامل لإنتاجية النبات، فضلا عن حمايتها من كل ما تتعرض له من مشكلات تحد من الإنتاجية، على غرار بعض العوامل البيئية. وأوضح صاحب الشركة، المهندس الزراعي مراد براهامي، للنصر، أن الشركة تستعد لإطلاق هذا التطبيق القابل للتحميل على الهواتف النقالة أواخر شهر سبتمبر الجاري لمساعدة الفلاحين في أي منطقة كانت وحتى النائية منها من إنقاذ المزروعات في الوقت الحقيقي من خلال التبليغ السريع عن أي مرض طفيلي أو فيروسي يصيب هذه المزروعات على غرار الأمراض الفطرية كالبياض الزغبي، ليحصل بسرعة أيضا على التشخيص والعلاج المناسب.وأشار المتحدث في هذا السياق، إلى أن الفلاح أو المستثمر الفلاحي مطالب فقط، بالتقاط صور للنباتات التي تعاني من مشكلات الآفات أو الأمراض أو نقص المغذيات، ويقوم بتحميلها على الفور عبر التطبيق، ليتلقى معلومات تشخيصية وتوصيات علاجية، بالإضافة إلى نصائح حول كيفية رش الحقل أو المزرعة بالمبيدات المناسبة وتحديد الكمية المناسبة أيضا. ويتيح هذا التطبيق حسب مطوره إعطاء الفلاح عناوين تجار المبيدات المعتمدين من طرف مصالح وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، حتى يتوجه إلى أقرب تاجر أو موزع في منطقته. وأضاف المتحدث بأن ذات التطبيق سوف يطور مع مرور الوقت ليشمل الاستشارات الفلاحية العامة عن بعد وتقديم أهم طرق المعالجة الوقائية التي تمنع تفشي الأمراض البكتيرية في الحقول والمستثمرات الفلاحية. * المستشار المعلوماتي في الغرفة الوطنية للفلاحة نذير خلف الله النظام المعلوماتي للغرفة الفلاحية يستجيب لتطلعات عصرنة القطاع أكد البروفيسور نذير خلف الله، المستشار المعلوماتي بالغرفة الوطنية للفلاحة، أن النظام المعلوماتي الذي تعكف الغرفة الوطنية للفلاحة على إنجازه تحت مسمى '' غرفتي '' كفيل بالمساهمة في تجسيد توصيات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون الرامية إلى مضاعفة إنتاج الحبوب بإعادة توجيه الجهود في القطاع الفلاحي والاستغلال الأمثل للمساحات الزراعية لزيادة المردودية وكذا العمل بالطرق الحديثة وتطبيق التقنيات العصرية المستعملة في الدول المتطورة وتعزيز وسائل المراقبة الجوية وتوفير الطائرات بدون طيار، من أجل تقييم دقيق للقدرات الفلاحية وتشجيع البحث العلمي في ميدان الفلاحة وكذا تشجيع وتثمين المبادرات، ومكافأة النجاح في القطاع الزراعي. وأوضح البروفيسور خلف الله، أستاذ التعليم العالي بجامعة الجزائر 3 ، في تصريح للنصر، أن إنشاء بوابة ''غرفتي'' التي يشرف شخصيا على تنفيذ مشروعها يهدف إلى تحديد المتعاملين في قطاع الفلاحة، على المستوى الوطني وإنشاء ملف رقمي حول تصريحات الحصاد والتسيير الإداري ومحاربة البيروقراطية وتبسيط الإجراءات والتحقق من المعلومة. وأشار في حديث للنصر، إلى أن الانطلاقة بدأها بتصفية ملف الفلاحين والمستثمرين في القطاع الفلاحي الذي يضم 1.3 مليون متعامل يتوفر على بطاقة فلاح، مبرزا بأن هذا العمل '' شاق '' لوجود ازدواجية في التسجيل.وفي تقديمه لتفاصيل أكثر عن هذه البوابة الرقمية أشار إلى أن المشروع عبارة عن نظام متكامل لرقمنة عملية تتبع المحاصيل الزراعية على المستوى الوطني، من القمح اللين والقمح الصلب والشعير إلى الحبوب الأخرى. وتتمثل الوظيفة الأساسية للنظام – كما ذكر ذات الخبير المعلوماتي - في تحديد وتسجيل كل المستثمرات وقطع الأراضي الزراعية بكافة المعلومات الخاصة بها باستعمال تقنيات نظام الخرائط الجغرافية الحصينة، ومراقبة وتسجيل المحاصيل الزراعية في كل قطعة لكل موسم زراعي في الوقت الفعلي، إلى جانب الحصول على معلومات وإحصائيات عن الكميات المحصودة لكل نوع من أنواع الحبوب (قمح لين، قمح صلب، شعير، ...) باستعمال طرق عصرية وآنية واللوحات الرقمية، والحصول أيضا على إحصائيات دقيقة بخصوص ربط قطع الأراضي الفلاحية بشبكات الكهرباء و الحصول على إحصائيات دقيقة بخصوص مصادر السقي والمسالك الفلاحية. ويمكن هذا النظام أيضا – يضيف المتحدث – من معرفة الاحتياجات الفعلية من المواد الأولية و المدخلات الأساسية في العملية الفلاحية، فضلا عن التحكم الفعلي في عملية الدعم والإعانات المقدمة للمستثمرين حسب المساحة الإجمالية المزروعة فعليا والمصرح بها على نظام الخرائط الجغرافية.كما يُمكّن من المرافقة وتتبع المسار التقني خلال عملية الإنتاج للرفع من المردودية، و تحديد قطع الأراضي المستغلة فعليا من طرف الفلاحين في كل شعبة إلى جانب التمكن الجيد من التحضير لبداية موسم الحرث بناء على المعطيات المسجلة مسبقا بالنظام ( تحديد المعدات الفلاحية اللازمة لعملية الحرث).كما يتيح المشروع لدى استكمال تنفيذه، - حسب القائم على إنجازه - التمكن الجيد من التحضير والمرافقة والمتابعة لعملية الحصاد بناء على المعطيات المسجلة مسبقا بالنظام، والتنبؤ المسبق بكميات المحاصيل الزراعية المتوقعة ومناطق توزعها، والتحكم الجيد في عملية نقلها وتخزينها. وإلى جانب ذلك فإن النظام – حسب البروفيسور خلف الله- يتيح تحديد المناطق ذات المردود المرتفع والجيد لدعمها وتوسيعها مستقبلا، ما يمكن في نهاية المطاف – كما ذكر – من رسم خارطة فلاحية شاملة للإنتاج الفلاحي والمحاصيل الزراعية في الجزائر بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الأمن الغذائي والتحكم الأمثل في الموارد والمحاصيل كما هو معمول به في الدول المتطورة، ورفع المنتوج في شعبة الحبوب ومن ثم تعميمها على الشعب الفلاحية الأخرى.