يرتقب إعادة فتح الأنفاق الأرضية بالمدينة القديمة لقسنطينة، واستغلالها تجاريا لإعادة الحيوية للمدينة والتعريف بمعالمها التاريخية، إجراء تقرّر من قبل السلطات بعد أن أثرت الترحيلات السكانية خلال السنوات الأخيرة، بعاصمة الشرق في انخفاض في النشاط التجاري بوسط المدينة الذي تحوّل إجمالا نحو المدينة الجديدة على منجلي، ما أثر على العمل التجاري بشوارع المدينة العتيقة وحتى الأحياء الشعبية، لتصبح المدينة الجديدة وجهة المواطن القسنطيني. مع الارتفاع المشهود لعدد السياح الوافدين على المدينة القديمة ومعالمها التاريخية والثقافية، بات اليوم من الضروري إعادة الحيوية والحياة لشوارع وسط المدينة واسترجاع النشاط التجاري، حيث وضعت السلطات المحلية عددا من المشاريع التنموية في مقدّمتها إعادة فتح الأنفاق الأرضية الواقعة بوسط المدينة والمغلقة منذ سنوات، بهدف الترميم وإعادة الاعتبار ببعد تجاري يهدف لاستعادة النشاط التجاري وكذا البعد السياحي التراثي لجذب السياح والترويج للتراث المادي واللامادي للمدينة. من جهتهم، اعتمد التجار العاملون وسط المدينة القديمة على دفع وتيرة العمل والعودة بنفس ثقافي تراثي مع الفترة المسائية سيّما في فصل الصيف مع زيادة عدد السياح الذين يقصدون المدينة بصورة كبيرة، وهو ما كشفته إحصائيات قصر الحاج أحمد باي، حيث صرحت مديرته "مريم قبايلية" عن زيارة 3 ألاف زائر في يوم واحد من بينهم 500 سائح أجنبي، وخطّطت البلدية لاستغلال المساحات الفارغة في الممر الأرضي بوسط المدينة لأنشطة الحرف اليدوية، دون العودة إلى صورة الفوضى التي كانت سائدة في السابق. هذا وقد قرّرت السلطات البلدية اتخاذ خطوات استعجالية، لإعادة تنشيط التجارة باستغلال نقاط قوّة تدعمها لإعادة بعثها على رأسها التراث الثقافي، وذلك بتخصيص فضاءات خاصة داخل الأنفاق الأرضية لوسط المدينة، حيث منحت في بادئ الأمر الأولوية للتجار القدامى قبل اتخاذ إجراءات بإعادة كرائها مجدّدا، من أجل تقديم وعرض كلّ ما يتعلّق بالجانب التراثي والثقافي والسياحي تكون بعد تسجيل اقتراحات جميع الفاعلين في هذا المجال، وفي ذات الصدد عقد اجتماع أشرفت عليه مديرية ممتلكات البلدية ورئيسة لجنة الممتلكات برئاسة رئيس البلدية بمقر بلدية قسنطينة، خلال الأيام الماضية، بحضور مدراء لمؤسّسات ثقافية ورئيسا لجنة الثقافة والسياحة بالمجلس الشعبي الولائي ورؤساء جمعيات ثقافية وسياحية لدراسة مقترحات إعادة تفعيل هذه الأنفاق. وقد واجه قرار تغيير النشاط التجاري بالأنفاق الأرضية، حفيظة بعض التجار الذين لم يبدوا رغبتهم في التحوّل إلى نشاط آخر مع قلّة الزبائن لديهم، غير أنّ القرار سيتم تفعليه لتحويل الأنفاق إلى أعماق تحمل كنوز الولاية خاصة مع صدور قرار الإخلاء لبعض التجار الذين لم يفتحوا محلاتهم بحجة قلّة الزبائن، حيث ذكر رئيس بلدية قسنطينة أنه لم يفرض على التجار نشاط معين غير أنّ معتقدهم أنّ الحرف اليدوية التقليدية ليس لها ربح عطّل أمر استغلالها جيدا، مواصلا في ذات السياق، أنّ كراء المحل الواحد حدّد ب10 ألاف دينار شهريا للتاجر الواحد وهو مبلغ ليس بالمرتفع يقول، علما أنّ الواجهة الواحدة للمحل كلفت البلدية 18 ألف دينار وتفوق بذلك مدّة كراء سنة واحدة. هذا وستدعم عملية إعادة أحياء المدينة القديمة، برنامج لتهيئة المساحات الشاغرة بالقرب من المستشفى الجامعي لأنشطة تجارية وحرفية وتحويل الممر الأرضي في ساحة 1 نوفمبر إلى مكان للحرف اليدوية، مع رفع بعض المقترحات التي ذكرت في اللقاء من بينها تحسين وسائل النقل بحافلات صغيرة تجوب المدينة بدلا من حافلات "طاطا' التي لم تعد موجودة في البلد المنتج، وضع اللافتات الخاصة بالأماكن السياحية، وزيادة عدد المراحيض العمومية.