عرفت السياسة الخارجية الجزائرية انتعاشا وحركية واسعة في السنوات الخمس الأخيرة، وفق ما أكدّه أحمد ميزاب أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية والمختص في الشؤون الأمنية. وقال إنها استعادت موقعها كقوة فاعلة إقليميا ودوليا. وقد أثبتت ذلك في العديد من الملفات ومن خلال حضور كعضو غير دائم في مجلس الأمن. أبرز المحلل ميزاب في تصريح ل "الشعب"، أهمية الرسائل المتضمنة في الكلمة التي ألقاها رئيس الجمهورية بمناسبة زيارته إلى ولاية خنشلة، نهاية الأسبوع المنصرم، من ضمنها الرسالة الواضحة عن الديناميكية القوية التي عادت بها الدبلوماسية الجزائري، والمكانة الهامة التي تحتلها في إطار النشاط الذي تقوده هذه الأخيرة لدعم ومناصرة القضايا العادلة وكذلك طرح الملفات التي تعتبر جوهر مفهوم السلم والأمن الدوليين. وانطلاقا من ذلك، أكد المتحدث أن الجزائر تتمسك بثوابتها التي على أساسها تقوم سياستها الخارجية، سواء ما تعلق بمناصرة القضايا العادلة، وحق الشعوب في تقرير مصريها، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والقضية الصحراوية، ومن الناحية الثانية تواصل الجزائر مرافعتها لأجل بعث إصلاح عميق سواء بالنسبة لهيئة الأممالمتحدة أو جامعة الدول العربية. وأكد ميزاب في السياق، أن الجزائر تركز بشكل أساسي على الأممالمتحدة، باعتبارها تشكل الهيئة الدولية التي تناقش القضايا التي تعنى بالمفهوم السلمي. ولذلك، يعتقد بأن هذا الطرح يؤكد هذا الروح الجديد الذي تريد بلادنا بعثه في مثل هذه الهيئات الدولية، وهذا البعد الاستراتيجي الذي على أساسه تقوم السياسة الخارجية وتتحرك خلاله الدبلوماسية الجزائرية. وقال إن الجزائر تمتلك أوراقا متعددة ومختلفة وتحقق الإجماع، مشيرا الى ان الساحة الدولية تعرف سياقا غير مسبوق، من تهديد لمفهوم الأمن والسلم، أضف إلى ذلك الإخفاقات التي تعرفها هيئة الأممالمتحدة في معالجة العديد من القضايا والمسائل. ويعتقد أن العالم يعيش حاليا حالة من حالات الغاب الذي يسيطر القوي فيها على الضعيف، وقد غاب فيها تحقيق مفهوم العدالة الدولية، أو تطبيق القانون الدولي والشرعية الدولية، مشيرا الى أن القضية الفلسطينية والقضية الصحراوية خير دليل على ذلك. وهناك مسالة أخرى يقول ميزاب، وهي الإنصاف والمساواة، ما يعني -بحسبه- أن مجلس الأمن مسيطر عليه من طرف مجموعة من الدول. ويعتقد أن السياق الدولي اليوم وكذلك التركيبة الدولية والتوجه نحو نظام عالمي جديد، يفرض أن تكون هناك توازنات في بيت مجلس الأمن حتى يصبح أكثر توازنا وأكثر فاعلية والقدرة على الاستجابة لمختلف القضايا والملفات المطروحة في الساحة الدولية، مشيرا إلى أن الأممالمتحدة ولدت على أنقاض الحرب العالمية الأولى. ولذلك يرى المتحدث، أنه من الضروري إجراء إصلاحات على هذه الهيئات، تتطلبها الظروف وأن تكون عميقة وهيكلية وحتى مراجعة ميثاق الأممالمتحدة. مفيدا بأن ورقة الجزائر في هذا الإطار مكتملة، تستند لتوجه دولي أصبح صوته يتعالى في هذا السياق وكذلك الدول التي تعاني من إجحاف المنظومة الدولية، وصوتها داعم للمقترح الذي ترفعه الجزائر وترافع لأجله عبر مختلف المنابر.