تتحرك الجزائر على أربعة مستويات في إطار دبلوماسيتها الفاعلة على الساحتين الإقليمية والدولية، وتعمل بحنكة سياسية كبيرة لتفكيك الألغام المتعلقة بالأزمات والتعقيدات الحاصلة، وتبحث دائما على الحلول السلمية، بعيدا على توظيف منطق القوة أو استخدام الحل الذي يأتي على ظهر الدبابات، حسب رأي الدكتور أحمد ميزاب المختص في العلاقات الدولية والشؤون الأمنية. قال ميزاب في تصريح ل«الشعب"، إن الحركية والنشاط اللذين تعرفهما الدبلوماسية الجزائرية، يمكن قراءتها من زوايا متعددة مختلفة مرده بشكل أساسي إلى موقع الجزائر وثقلها السياسي، وأهمية الدور الذي تلعبه في فضائها الجيو- سياسي وكذا فضائها الدولي والعالمي. أوضح ميزاب، أن هذا النشاط الدبلوماسي الذي تعرفه الجزائر، يترجم رغبة رئيس الجمهورية في أن تستعيد الدبلوماسية الجزائرية نشاطها وموقعها وقوتها، باعتبار أنها تستحق هذا الدور، مشيرا إلى أن أهمية هذه الدبلوماسية الجزائرية وفاعليتها معروفة تاريخيا في كثير من القضايا والملفات. من بين الأسباب التي يمكن القراءة من خلالها هذه الحركية -يضيف ميزاب- هو طبيعة التحولات المتسارعة والمطردة التي نشهدها على المستويين الإقليمي والدولي، لافتا إلى أن تحولات دولية عميقة وكبرى ستفضي إلى إعادة رسم خارطة لنظام عالمي بمقومات جديدة، كل هذا يتطلب أن تكون الجزائر حاضرة وفاعلة مؤثرة في المشهد الجيو- السياسي الدولي والعالمي. وأكد في معرض حديثه أن الجزائر تدرك جيدا، خاصة في فضائها الإقليمي والجيوسياسي، وأن دورها يتمثل من ناحية في حل الأزمات والحيلولة دون انعكاس الأخيرة على أمنها واستقرارها، ومن ناحية أخرى ترافع لصالح القضايا العادلة، والأهم -في نظره- فهم هذه الحركية والسيرورة، أن الجزائر اليوم عضو غير دائم في مجلس الأمن، وهي بذلك تمثل القارة الإفريقية والعالم العربي والإسلامي، ولذلك لابد ان يكون هذا النشاط والتفاعل الدبلوماسي في إطار مناقشة القضايا التي تخص القارة السمراء أو التي تعني المنطقة العربية أو تلك التي تخص العالم الإسلامي. وأبرز المستويات التي تتحرك الدبلوماسية الجزائرية في إطارها، بالنسبة للمستوى الأول فهي تعمل وتسعى للتأكيد على ضرورة احترام ميثاق الأممالمتحدة، خاصة ما يتعلق بالحفاظ على الأمن والسلم الدوليين. وفي المستوى الثاني، الجزائر تتحرك من أجل نصرة المستضعفين ودعم القضايا العادلة والمرافعة لأجل الحلول الحقيقية للقضايا، بعيدا عن أنصاف الحلول. فيما يتعلق بالثالث، فالجزائر تتحرك كذلك في إطار تفكيك الألغام المتعلقة بالأزمات والتعقيدات الحاصلة، وتبحث دائما عن الحلول السلمية بعيدا عن توظيف منطق القوة أو استخدام الحل الذي يأتي على ظهر الدبابة. أما المستوى الرابع، فيتمثل في كسر جدار الصمت، بتأكيدها ضرورة تفعيل العقل والمنطق في مناقشة عديد القضايا المطروحة على الساحة الدولية. وذكر في هذا الصدد، بالجهود الدبلوماسية الكبيرة التي قامت بها الجزائر، حيث رافعت لنصرة القضية الفلسطينية، أو في افتكاك مواقف دولية فاعلة لصالح هذه القضية، في إطار مجابهة الكيان الصهيوني والتأكيد على ضرورة احترام المواثيق والقوانين الدولية، وعدم الإفراط في استخدام القوة في أي شكل من الأشكال، أو من خلال دعم قضية الصحراء الغربية.