تملك السياحة سجلا حافلا في إستقطاب السياح من مختلف جهات العالم قبل ان يتراجع ثقلها الاقتصادي في التسعينات بسبب العامل الأمني الذي أصبح اليوم من الماضي بفضل الديناميكية القوية التي تعرفها الجزائر على اكثر من صعيد بما في ذلك الاهتمام الكبير الذي يولى للسياحة حتى تستعيد مركزها وهي مهمة لا تزال تتطلب مضاعفة الجهود. إلى جانب المورد السياحي الطبيعي في مختلف جهات الوطن والمنشآت من فنادق ومراكز استجمام تلعب وكالات الاسفار دورا متقدما في تنمية السوق السياحية بما يزيد من توافد الزبائن الذين تتجاذبهم اسواق اخرى في ظل تراجع بعضها محليا واقليما. غير ان الدخول الى مساحة عمل وكالات السياحة والأسفار ليس بالمهمة اليسيرة وهي صورة تكاد تكون نمطية للقطاع برمته في وقت تتطلب فيه السياحة اعادة صياغة ورقة طريق واقعية ومندمجة وعدم الاختفاء وراء مبرر قلة طاقة الاستقبال وغياب العقار السياحي لانجاز مشاريع هي معطلة كما قال وزير القطاع بينما يمكن تنشيط ما هو موجود بمقاربة جديدة تقحم فيها وكالات السياحة والسفر حتى يمكن قلب المعادلة. غياب إستراتجية واضحة وارتفاع التكاليف بباتنة اعتبر العديد من المهتمين بواقع السياحة بعاصمة الأوراس باتنة ، خاصة أصحاب الوكالات السياحية، أن واقع القطاع السياحة يحتاج إلى إعادة نظر خاصة في عقليات المواطنين و والاهم مسؤولي القطاع، والذين ما يزالون حسب من تحدثنا إليهم بعيدين جدا عن المستوى المطلوب أن يلعبه في توفير العملة الصعبة بالنسبة للسياح الأجانب ودفع عجلة التنمية وتنشيط الحركة السياحية الداخلية بالنسبة للسياح الجزائريين . حيث اجمعوا على أن الجزائر تملك إمكانيات سياحية ضخمة تؤهلها لتصدر دول العالم في مداخيل السياحة ، وكذا اعتبارها وجهة مفضلة لو توفرت المرافق اللازمة لذلك ، من فنادق وبني تحتية وحتى ثقافة سياحية. ومن خلال زيارة لعدد من الوكالات السياحية أن هذه الأخيرة، تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية على اعتبار اقتصار عملها ودروها في تنظيم رحلات الحج والعمرة ، وإهمال الجانب السياحي وهو ما يرفضه السيد شعبان عمار رئيس للسياحة والسفر بولاية باتنة ، في لقاء مع جريدة »الشعب« ، حيث أكد أن المسؤولية تتحملها السلطات القائمة على القطاع نظرا لغياب رؤية واضحة وإستراتجية حقيقية للنهوض بالقطاع ، وأعطى مثالا بولاية باتنة، التي تتصدر ولايات الوطن من حيث الإمكانيات السياحية سواء كانت طبيعية آو أثرية كتيمقاد، غوفي، إمدغاسن ، وغبرها . مؤكدا أن ميزانية وزارة السياحة بالجزائر هي الأضعف مقارنة بميزانيات الوزارات الأخرى، لذا نجد الوزارة لا تمول مشاريع إنجاز الفنادق، باستثناء فندق »سليم« الذي مولته الدولة، وإعترف ذات المتحدث أن وكالته السياحية من بين 28 وكالة معتمدة وناشطة بباتنة، تقوم بتنظيم رحلات سياحية خارج الوطن، بمعنى تصدير السياحة، وأعطى مثالا عن واقع السياحة ببلادنا، حيث أكد أن مطار هواري بومدين الدولي يكون شبه مغلق سنويا خلال شهر رمضان المعظم، عكس الجارتين تونس والمغرب، والتي تشهد مطاراتها على مدار العام رحلات مكثفة، بفض الخدمات المميزة التي تقدمها تلك الدول للسياح، مؤكدا أن الاهتمام بالسياحة في تلك الدول يبدأ من حدودها ، حيث توجد مكاتب تابعة للديوان الوطني للسياحة التونسي دورها التعريف بالسياحة لبلدها. وللخروج من هذه المشكلة يرى شعبان عمار رئيس وكالة سياحية عن تنظيم اجتماع يضم الفاعلين والشركاء والمهتمين وكذا الأخصائيين بالقطاع كفيل بتحديد مكامن النقص ومن ثمة معالجتها بشكل احترافي ، يجعل من الجزائر وجهة سياحية رائدة وهامة ليس فقط على المستوى الإقليمي بل عالميا وهو حلم ليس ببعيد المنال لو توفرت الإرادة لذلك. هذا وأكد بعض الأساتذة بجامعة العقيد الحاج لخضر، أن الجزائر بإمكانها أن تستفيد من القطاع الخاص السياحي كون الإمكانيات السياحية التي تملكها الجزائر تعتبر فرصة حقيقية لتحقيق مكاسب اقتصادية معتبرة خاصة في الفترة الحالية التي تشهد فيها الدول المجاورة تراجعا في الحركة السياحية بسبب الأوضاع الأمنية التي خلفها ما يطلق عليه بالربيع العربي، لذا على بلادنا القيام بتدارك النقائص بدءً بتطوير هياكل الاستقبال، تحسين صورة السياحة دوليا من خلال وسائل الإعلام والمعارض والملتقيات، وضع مخطط سياحي واضح ومدعم ماليا، توفير التسهيلات القانونية، انجاز خريطة سياحية لأهم المناطق ومحاولة إيصالها لأكبر عدد من السياح، ناهيك عن توفير القوى البشرية المؤهلة في هذا الميدان، ونشر الوعي السياحي لدى المواطنين ، وهذا في سبيل النهوض بهذا القطاع الهام. و لأن المواطن أو السائح الحلقة الأهم في معادلة السياحة، اقتربت »الشعب« من مجموعة من المواطنين لاستطلاع أرائهم، وبدا واضحا إجماعهم على أن الإغراءات التي تقدمها البلدان المجاورة لا تقاوم ، خاصة ما تعلق بجانب الخدمات المتطورة والغير مكلفة ، حيث أعتبر أحد محدثينا أنه يوفر سنويا 50 ألف دج لقضاء أسبوع مريح رفقة عائلته بتونس ، وهو المبلغ الذي لا يكفيه في إحدى الولايات الساحلية بالجزائر ، وطبعا القريبة كجيجل وبجاية وليست البعيدة كوهران وتلمسان ، أما سيدة أخرى جاءت للحجز من أجل زيارة دولة تركيا أجابت بسرعة أن بلادنا اغني مناطق العالم ولكن عدم الاهتمام بانجاز مرافق ومنتجعات حال دون استقطاب السياح الجزائريين إلى المناطق الداخلية، شارحة الأمر بتفصيل أكثر بالإشارة إلى زيارة المعرض الدولي للسياحة المنظم بالعاصمة ، ولم تجد أي شيء يدل على السياحة الداخلية .