كشف البروفيسور كمال صنهاجي مكتشف علاج متقدم لداء فقدان المناعة المكتسبة «السيدا» عن انطلاق نشاط مخبر تيزي وزو لنقل اللقاح المضاد للسيدا شهر سبتمبر القادم، ولم يخف أنه سينقل خبرته وأبحاثه بالمستشفى الفرنسي حتى تستفيد الجزائر من آخر ما توصل إليه العلم، ومما بلغته الأبحاث دوليا، ولن يقتصر البحث على علاج السيدا بل يحمل صنهاجي معه تقنية جد متطورة لزرع الأعضاء، نسبة النجاح فيها غير قابلة للفشل، وأبدى استعداده لتكوين الأطباء الجزائريين في هذا المجال . حضر البروفيسور الباحث صنهاجي إلى جريدة«الشعب» كعادته هادئا متواضعا ولا تفارقه الابتسامة، ليتحدث عن آخر أبحاثه، ومدى إمكانية الاستفادة منها في الجزائر.
لقاح تضليل السيدا يشفي المريض في سنة وعكف البرفسور على تشريح طريقته العلاجية التي يعول عليها كثيرا في تجفيف منابع فيروس السيدا الخبيث، بعد أن أجريت على حيوانات مخبرية وتتمثل في لقاح مخصص للخلايا الجلدية، ويتم إحداث جُزيء اصطناعي في جسم المصاب من أجل مخادعة الفيروس. ويتم التركيز على الجُزيء المخادع، ويطلق عليه 4، وبعد ذلك تستحدث في الجلد ملتقيات لا تلتحم بالخلية وإنما يحقن الفيروس عن طريق ما اصطلح عليه بالعلاج الوراثي لتضليل الفيروس، ويأخذ بعين الاعتبار أن خلية الجسم تعيش مدة 5 أشهر. وأرجع الدكتور الاستعانة بحيلة مخادعة الفيروس كون هذا الأخير لا يعيش خارج الخلية سوى 6 ساعات، ومن خلال التضليل قدر صنهاجي المدة التي يتسنى من خلالها تضليل الفيروس لا تتعدى الستة أشهر، أما تجفيف منابع الداء لشفاء المريض لن يزيد عن سنة واحدة . وذكر الباحث أن اللقاح لايزال على المستوى التجريبي في الحيوان، علما أن العلاج يجب أن يمر بجميع المراحل حتى يدخل قيد التطبيق على الانسان على غرار المرور على لجنة أخلقة العلوم البيولوجية . وما تجدر إليه الإشارة فإن الأبحاث انطلقت منذ سنتين بفرنسا بخصوص هذا اللقاح الجديد ويطلق عليه /علم الأشعة الحاملة للحمض النووي/ ونسبة نجاحه تناهز حسب صنهاجي سقف ال90 بالمائة وليس مثل الدواء المستعمل في الوقت الراهن والذي لا يؤثر في الشفاء إلا في حدود ال20 بالمائة، ويرى متحدثنا أنه لا يمكن أن يشرع في تجريب هذا العلاج على الانسان إلا بعد ثلاث سنوات. وبخصوص العدد الفعلي لحاملي هذا الفيروس في الجزائر قال صنهاجي أنه يتجاوز الرقم الرسمي المعلن عنه والمحدد ب7000 مصاب بالداء، في حين منظمة الصحة العالمية ترفع هذا الرقم إلى سقف ال30 ألف حالة . تكلفة مخبر تيزي وزو لا تقل عن 7 ملايير دينار وفيما يتعلق بزرع الأعضاء قال سننقل التقنية الجديدة إلى مخبر تيزي وزو الذي سينطلق في النشاط شهر سبتمبر المقبل، وأشار إلى أن المخبر الجزائري يتشكل في البداية من 12 باحثا جزائريا، أما الغلاف المالي المرصود لتجسيد البحوث لا يقل عن7 ملايير دينار. وقدم البرفسور توضيحات مستفيضة عن تقنية زرع الأعضاء والتي ينتظر منها أن تقضي على فرص الفشل في عملية زراعة الأعضاء على الانسان، وحتى يتجسد عامل القبول حيث يستحسن أن ينقل من التوأم حتى لا تنتج أي عملية رفض بالنظر أن للتوأم حمض نووي متطابق، لأن عملية القبول أثبتت نجاحها على الحيوان لذا سيتم حسب الباحث التركيز عليها عن طريق تحضير المتلقي للأعضاء بمدة 5 أو 6 أشهر، حيث تجرب عليه عملية زرع الخلايا الجذعية من النخاع العظمي على اعتبار أنه المسؤول عن خلق الخلايا وتشكيل الكريات البيضاء والحمراء. ويشترط أن يحقن المتلقي بهذه الخلايا ذات الطاقات الكبيرة مرتين أو ثلاث مرات لاختبار تكييف جسم المتلقي وتحضيره على القبول قبل إجراء عملية الزرع. والتزم بتكوين الكفاءات من الأطباء في الجزائر وقال أنه مستعد لتقديم كل ما يتوصل إليه من أبحاث لوطنه لأنه ما زال يحمل عرفان الوطن الذي تلقى فيه أغلبية مراحله التعليمية أي إلى غاية الطور الثانوي . يجب إعادة النظر في المنظومتين الصحية والتربوية لم يخف الدكتور صنهاجي استيائه الكبير من المستوى الذي تدهورت إليه منظومتنا الصحية، وتأسف كوننا لم نستطع الحفاظ على المستوى الذي بلغته في عقد الستينات ولم نتمكن من تطويرها أكثر، ويقترح إعادة النظر الجدية والانطلاق من البداية وأول الطريق، حتى يعاد بناؤوها على أسس صحيحة. وامتعض كوننا لم نحافظ على نقاط القوة التي ورثناها عن مدرسة الطب الفرنسي التي كانت آنذاك متطورة في العالم وكان مستشفى مصطفى باشا يصنف كثان مستشفى بعد مستشفى باريس من حيث مستوى الخدمات، ولم نحافظ على ذلك والنتيجة أن مستوى الطب لدينا يبحث عن النوعية، ونحتاج إلى إعادة النظر في جميع الهياكل واستبدالها بأخرى مطابقة للمعايير الدولية. وركز الباحث الدولي كمال صنهاجي على أهمية إعادة النظر في المنظومة التربوية وبرامجها الحالية، لأنه يشترط أن تخرج المدرسة الجزائرية طلبة يفكرون ومتفتحين على اللغات وأبدى تخوفه الكبير مما تخرجه الجامعات من حاملي الشهادات على اعتبار أن للجزائر فرصة من أجل النهوض بقطاعاتها الحيوية من إقتصاد وصحة ولن يتسنى ذلك إلا بأيادي بشرية وكفاءات علمية تعتمد عليها .