قدم الباحثان، البروفيسور كمال صنهاجي والبروفيسور جان لوي توران، من مستشفى إدوارد هيريو بمدينة ليون في فرنسا، بحثا علميا تحت عنوان ''تقبل الزرع في الجنين وفترة ما قبل الولادة''، الذي يعتبر ثورة علمية جديدة في عالم زراعة الأعضاء وتعزيز مناعة الإنسان. توصّل الباحثان صنهاجي وتوران إلى أن زرع الخلايا من نسيج الجنين، لدى الرضيع المصاب بنقص حاد في المناعة (مثل ذلك الذي أصاب مؤخرا الصبي الجزائري منيل بليدي)، يترجم بأخذ العضو بتقبل متكامل. هذا القبول يتم بفضل إفراز مرتفع لخليط خلوي ذائب يسمى ''انترلوكين .''10 فإنتاج كمّ مرتفع من هذا الناتج الخلوي، يمكّن من حفظ حالة التقبل للعضو المزروع. وأكدت البحوث أن الخلايا الأصلية، غير ناضجة (خلايا فتية مأخوذة من نخاع العظام أو من كبد الجنين أو من دم الحبل السري) لا تعبر عن ''هوية''، أي غير مميزة وبالتالي غير مرفوضة بعد زرعها. إضافة إلى ذلك، عندما تزرع في الرضيع المصاب بفقدان المناعة، تضع وظيفة الدفاع لتصبح مقبولة بصفة نهائية. وذهب الباحثان إلى أبعد الحدود في زرع خلايا أصلية في الجنين قبل الولادة (مصاب بفقدان المناعة الحادة المكتشفة قبل الولادة بفضل الفحوص الجينية والوظيفية). إذن، الزرع داخل الرحم، موجه بالصورة لخلايا أصلية لامرأة حامل للجنين المصاب، تترجم بزرع خلية جيدة وسريعة تجنب الرضيع خلال مكوثه في البطن المشاكل الجرثومية. ويعتبر هذا الإنجاز العلمي الجديد للبروفيسور صنهاجي، أداة لفهم آليات المناعة خلال فترة الحمل، حيث إن نصف جينات الرضيع أو الجنين مكتسبة من الأب وغير متجانسة، وهي تمكّن من البحث عن ظروف تقبل عضو مزروع في الشخص الراشد، بالرغم من عدم التجانس بين المانح والمتلقي للعضو. ويرى صنهاجي بأن هذا الإنجاز واحد من الوعود السارة للمستقبل. وبلا منازع، يوصف هذا الإنجاز العلمي الذي نشر في عددين من مجلة ''جورنل أف ترنسبلنتيشين'' الأمريكية، ويرتكز على فهم ظاهرة التقبل المناعي وظروف تلقيه بصفة نهائية، بأنه حلم لطالما انتظره الجميع، في مجال زرع الأعضاء، وذلك بعد مسار طويل وشاق شابته العثرات. والسبب في ذلك أن صعوبة زرع الأعضاء لا تكمن في حركة الطبيب الجراح، لأن التقنية في متناوله. فالمشكل يكمن في قبول التطعيم (إلا في حالة نادرة يتم التوافق بين المانح للعضو والمتلقي له، مثل حالة التوأم)، كون الجسم المتلقي يرفضه. فجهاز المناعة الذي يعني الحصانة من الجراثيم، هو أساس رفض التعرف على العضو أو النسيج المزروع بصفته ''غير سوي'' (غير مطابق) أو قبول إذا كان العضو أو النسيج معرفا بصفة ''سوي'' (مطابق).