تمنح مبادرة تعديل الدستور التي قررها رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، فرصة للسلطة القضائية لتقديم مقترحاتها من أجل المزيد من الاستقلالية لضمان تقاضي عادل وكبح الفساد وردع المفسدين، وزيادة الرقابة على مختلف المؤسسات في ظل تحولات اجتماعية واقتصادية وسياسية صعبة، تتطلب من كل سلطة مضاعفة مجهوداتها للحفاظ على المكاسب الوطنية وتعزيز ممارسة الحريات والديمقراطية. شمل دستور 2008 السلطة القضائية ب 20 مادة من المادة 138 إلى المادة 158 ونص في أول مادة، على استقلاليتها وممارسة مهامها في إطار القانون، وتشير هذه المادة صراحة على مبدأ الاستقلالية الذي يبقى غاية ويحتاج إلى نضال وممارسة للوصول إليها لأن القوانين والدساتير تحرص على المثالي بينما يبقى التجسيد رهين الكثير من العراقيل، ويستدعي التفعيل. برزت مؤخرا الكثير من المطالب الاجتماعية لسلك القضاة وعقدت النقابة الوطنية للقضاة الكثير من الجلسات الجهوية، التي تطرقت إلى مبدأ الاستقلالية وضرورة تعزيزها لتنفجر بعدها العديد من ملفات الفضائح على غرار قضية سوناطراك 2، والتي دعا فيها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بحكم منصبه كقاضي أول ، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء العدالة بأخذ مجراها دون حسيب ولا رقيب وهذا في سياق تطبيق سلطة القانون للحفاظ على المكاسب الوطنية. ويظهر أن أم القوانين، لم يهمل أي جانب للسلطة الثالثة حتى لا تتحجج بالمضايقات من خلال التأكيد على إصدار الأحكام باسم الشعب الجزائري وفقا للمادة 141 من الدستور بالنظر لكون الشعب مصدر كل سلطة ولا سلطة تعلو على صوت الشعب. كما أن المادة 147 تجعل القضاة في منأى عن أية ضغوطات حيث تنص «لا يخضع القاضي إلا للقانون»، كما أن المادة 148 تتحدث عن حماية القاضي من كل أشكال الضغوطات. وعليه فالسلطة الثالثة، التي تمتلك قاعدة هامة يمكنها أن تتعزز بمواد جديدة في التعديلات القادمة تجعلها على المحك، وستجد نفسها في الصفوف الأولى للحفاظ على المصالحة العليا للوطن ومحاربة المفسدين ووقف العنف الاجتماعي الذي ما فتيتزايد. إن العدالة قد حظيت باهتمام كبيرا منذ 1999، وصرفت عليها الدولة الكثير من الأموال وضاعفت المورد البشري خاصة القضاة، الذين سيصل عددهم إلى 5000 قاضي عن قريب، وعليه فانتظار مجهودات أكبر تحصيل حاصل لتحقيق العدل وإنصاف المتقاضين بعيدا عن أي تعسف مثلما تنص عليه المادة 150.