النصر تستطلع آراء قانونيين حول تعديل الدستور مختصون يؤكدون على دور الشعب في صناعة الدستور و حمايته مقران آيت العربي:الشعب هو من يجب أن يصنع الدستور ويحميه وليس النظام ومشكلة الدساتير الجزائرية في عدم احترامها مسعود شيهوب: أتوقع أن يكون التعديل عميقا ويغير من عمل نظام الحكم ولابد من توضيح الصلاحيات بين الرئيس والحكومة بوجمعة غشير: يجب إشراك الشعب في التعديل وحصر النقاش في تحديد العهدات الرئاسية تمييع له المحامي والسيناتور السابق مقران آيت العربي للنصر الشعب هو من يجب أن يصنع الدستور ويحميه وليس النظام يرى المحامي والعضو السابق في مجلس الأمة، مقران آيت العربي، بأن الاشكالية في الجزائر لا تتعلق بتغيير القوانين وتعديل الدستور، بقدر ما تتعلق بممارسات لا تحترم هذه القوانين أصلا ودعا آيت العربي، لفتح نقاش واسع مع المواطنين حول الدستور الذي يريده الجزائريون، و اعتبر أنه إذا كان الدستور منبثقا من إرادة الشعب والشعب يضمنه فلن يسمح لأي أحد أن يتجاوزه وسيخرج للشارع إن أحس أن الدستور الذي وضعه ويحفظه قد تم الدوس عليه. رئيس الجمهورية قرر تشكيل لجنة تقنية لصياغة المشروع التمهيدي لتعديل الدستور، واللجنة شرعت في عملها لدراسة اقتراحات الأحزاب بهذا الخصوص، في نظركم ما هي الأولويات في هذا التعديل؟ وما هي الشروط الواجب توفرها لصياغة دستور يتناسب مع الوضع السياسي القائم والتطورات التي قد تحصل مستقبلا؟ الجميع يتحدث عن التعديل ولكن لم نر لحد الآن مضمون المشروع التمهيدي، و لا ندري في أي اتجاه يريد الرئيس تعديل الدستور، الأمر يتلخص في خطابه يوم 15 افريل 2011، حيث أعلن أنه سيشكل لجنة من خبراء وسياسيين واللجنة هي التي تقوم بإعداد مشروع ثم الرئيس يطلع على المشروع ويقرر أن يكتفي بالمصادقة على التعديلات من طرف البرلمان أو يذهب إلى استفتاء شعبي هذا هو المعروف، أما المضمون فلا نعرف عنه شيئا. أمام هذا الغموض، يصعب التحليل أو قراءة ما الذي تريد السلطة فعله، وأضيف أن المشكل لا يكمن في الدستور لأن الدستور الحالي خاصة قبل فتح العهدة بإمكانه أن يكون صالحا للمرحلة مع ادخال تعديلات طفيفة، لكن المشكل يكمن في الممارسات اليومية، وفي اختراق وانتهاك الدستور، فالدستور هو وثيقة تنظم السلطات وتنص على الفصل بين السلطات وعلى استقلال القضاء، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تعطي ضمانات للمواطنين، في مجال احترام الحقوق والحريات، حتى لا يتعسف الحكام ضد المواطنين، وفي حالة وجود تعسف الدستور يمنح للمواطن الجهة التي يلجا إليها وعادة من يكون القضاء. كل هذه القواعد موجودة في الدستور الحالي لكن حقوق المواطن مهضومة والحريات كذلك، حتى مجرد مسيرة سلمية في الجزائر لا يمكن للمواطن أن ينظمها أو يشارك فيها، الدستور يضمن حرية الرأي والتعبير، لكن القوانين تقيدها، الدستور يضمن حرية انشاء الاحزاب والجمعيات، لكن وزارة الداخلية رفضت لمدة 12 سنة اعتماد الأحزاب، وعندما قررت السلطة منح التراخيص اعتمدت 40 حزبا في شهر واحد، ومن ثم اعتقد أن تعديل ومراجعة الدستور يدخل ضمن سياسة الهروب إلى الأمام. الحكومة على لسان الوزير الأول أكدت أن التعديل الدستوري لا حدود له باستثناء الثوابت الوطنية، هل ترون، بأن النص الدستوري الحالي بحاجة إلى مراجعة شاملة، أم بعض التصحيحيات الطفيفة؟ مراجعة الدستور بالنسبة لي لن تقدم ولن تؤخر، وهذا انطلاقا من تجربة الاصلاحات التي عرفتها الجزائر في الفترة الأخيرة، فالجميع تحدث عن الاصلاحات ومراجعة القوانين وحدثت فعلا هذه الاصلاحات وسنت عدة قوانين إلا أن الوضع لم يتغير في شيء، تم انتخاب المجلس الشعبي السابق وفق القانون القديم عن طريق التزوير، وتم انتخاب المجلس الحالي وفق القانون الجديد عن طريق التزوير، كانت الجمعيات تعتمد وفق شروط بسيطة، أصبحت هذه الجمعيات تعتمد بشروط معقدة، أما الأحزاب السياسية فكانت تحصل على الاعتماد بعد تقديم قائمة القيادة الوطنية للإدارة وفقا للقانون القديم، ولكن في الجديد لا بد من تقديم حتى قائمة القيادات المحلية، وكل هذا وقع في اطار ما يسمى بالاصلاحات، إذن أعتقد أن كلمة الاصلاحات أو تعديل الدستور هو كلام موجه للاستهلاك الخارجي. ولكي ألخص أقول حدثت اصلاحات قانونية لم تغير من الأمر في شيء بل بالعكس عقدت بعض الأمور والإصلاحات الدستورية لن تغير في الأمور بل ربما قد تزيد من الأوضاع تعقيدا. هناك تباين في مواقف السياسيين بشأن النظام السياسي المناسب في الجزائر، بعض الأطراف ترى أن النظام شبه الرئاسي هو الأنسب في هذا الظرف، وأطراف أخرى تنادي باقرار نظام برلماني، برأيكم ما هو النظام الذي ترونه مناسبا للجزائر في المرحلة المقبلة؟ فعلا السؤال مطروح هل نمشي الى النظام الرئاسي ام البرلماني او شبه الرئاسي؟ لكن لا اعتقد ان المواطن الجزائري في "مروانة" مثلا او أي مكان آخر من الجزائر العميقة يهمه هذا النقاش ما يهمه هو حماية الحرية كرامة وحقوق الانسان، أن نضمن له سكن وعمل ودراسة لأبنائه وأن نعطيه هيئة حرة مستقلة يلجأ اليها إذا انتهكت هذه الحقوق أو أن لم يحصل على حقوقه. هل ترون أنه بإمكان الأحزاب والفاعلين ممارسة ضغوط على السلطة لفرض تعديلات دستورية تكرس احترام حقوق الانسان والحريات الفردية والجماعية ومنح المواطنين هيئة تحميهم من تعسف الادارة؟ لفرض هذا الخيار وفرض هذا الرأي لا بد أن تكون الأحزاب نفسها مستقلة بقراراتها وقادتها نزيهة وتعمل من أجل احترام الحقوق، وأحزاب تحترم وتمارس الديموقراطية داخل هياكل الحزب، وكل هذا غائب في الأحزاب وبالتالي أصبحنا في مرحلة من يحاسب من، ومن يضغط على من؟ ومن يحاسب من؟ بالعودة إلى قضية المراقبة والمحاسبة ألا يمكن من خلال التعديل الدستوري المرتقب وضع أسس قانونية ودسترة آليات مراقبة صريحة وشفافة لا تقبل التأويل وتمكن من متابعة المفسدين؟ مسألة الرقابة والمحاسبة موجودة في الدستور الحالي، ولكن المشكل كما قلت سابقا يكمن في الممارسات وليس في النصوص، هناك ما يسمى بمجلس المحاسبة، يمكنه أن يدقق في حسابات كل المؤسسات العمومية والهيئات والإدارات والوزارات، ولكن المجلس الدستوري مهمش. هل تقترحون إذا منح مزيد من الصلاحيات لمجلس المحاسبة، وجعله هيئة غير خاضعة لأي سلطة ومنحه كل الصلاحيات لكشف المفسدين؟ المشكل ليس في تعزيز صلاحيات المجلس، بل في تمكينه من أداء مهامه دون عراقيل، الأمر ليس بحاجة إلى تعزيز الصلاحيات الدستورية التي يتمتع بها مجلس المحاسبة، فهو له من الصلاحيات ما يكفي لأداء المهمة، يمكن للمجلس الدستوري محاسبة أي ادارة أو وزارة أو مؤسسة عمومية، لكن لما يقوم بإعداد تقرير سنوي يرسل إلى الجهات المعنية باستلام التقرير ويبقى حبيس الأدراج ولا يتم تحريك أي متابعات قضائية ضد أحد، إذن أؤكد أن القضية مجددا ليست قضية دستور أو قوانين بل هي قضية ممارسات وذهنيات. البعض يطالب أو يقترح استحداث سلطة مضادة للسلطة التنفيذية والتشريعية في التعديل الدستوري، لمنع أي تعسف وحماية حقوق المواطنين، ومواجهة أي محاولات للانفراد بالقرار. هل تؤيدون هذا المطلب؟ في كل دول العالم يجب أن تكون جهة مقابلة مضادة أو سلطة مضادة لتحقيق التوازن، وهذه القوة المضادة تتمثل في استقلالية القضاء والمجتمع المدني، والبرلمان، كل هذه الأمور مقننة في الدستور، فمن حق البرلمان دفع الحكومة إلى الاستقالة عن طريق ملتمس الرقابة، هذا موجود في الدستور، بالمقابل من حق الرئيس أن يقوم بحل البرلمان، ومن حق البرلمان أن يراقب عمل الحكومة يوميا عن طريق الأسئلة الشفوية والمكتوبة، عن طريق لجان التحقيق، أو استدعاء الوزراء أمام اللجان البرلمانية، كل هذا لا يحدث أو يكاد. هل تؤيدون فكرة تعزيز سلطة القضاء لتكون سلطة مضادة لأي تعسف اداري. ويعطي بذلك ضمانات للمواطنين بأن حقوقهم لن تهضم؟ الدستور ينص على أن القضاء مستقل ولكن عمليا القضاء يسير بتعليمات من السلطة السياسية، إذن أعتقد أن المشكل في النظام ذاته، فهو لا يقبل التغيير من الداخل ولا يقبل التطور الديموقراطي من الداخل، ومن ثم ألح وأكرر أنه لا بد من فتح نقاش شعبي واسع والمواطن يقول كلمته لنعرف أين هو الداء وأين هو المرض لأن المؤسسات موجودة والدستور موجود والقوانين موجودة، والبرلمان حر، لكن كل هذا غير مطبق وليس واقعا، على سبيل المثال البرلمان يصادق على قوانين دون مناقشتها، لذا اقول أن القضية ليست قضية حكومة أو شخص أو مجموعة أشخاص، بل القضية قضية نظام بما في ذلك الأحزاب السياسية سواء كانت داخل السلطة أو في المعارضة، فكل المؤسسات تسير وفق ارادة السلطة. وهناك أسباب لكل ذلك، فالنائب بالبرلمان مثلا لا يختاره الشعب، بل يختار رئيس الحزب من يكون على رأس القائمة ويتم توزيع بقية المقاعد عن طريق الكوطات، لو كان الشعب هو من يختار البرلمان، فهذا الأخير يحتاط يناقش ويعمل ويراقب، ولكن البرلماني يصبح نائبا رغم إرادة الشعب ورئيس المجلس البلدي كذلك، لا وجود لرأي عام ولا مجتمع مدني فعلي وفاعل ولا وجود لاستقلالية المؤسسات. لنأخذ مثلا مؤسسة الشرطة، هدفها الدستوري محاربة الاجرام، والسهر على سلامة وكرامة الناس والممتلكات، و ينبغى أن تعمل في إطار القانون كمؤسسة جمهورية ولا تخضع لتعليمات السلطة السياسية، لأن الشرطة عندما تكون تابعة للسلطة السياسية تصبح جهاز قمع بيد السلطة، وتصبح الشرطة تدافع عن السلطة، بينما مهمتها الدستورية والأساسية واضحة ولا ينبغي ان تخضع للسياسيين، وهنا يجب التفريق بين السياسة الأمنية ومهام الشرطة، فالسياسة الأمنية تحددها حقيقة الحكومة ولكن التنفيذ يتم على مستوى قيادة الأمن الوطني وهو صاحب القرار في كيفية التنفيذ. هناك من بين الحقوقيين ورجال القانون من يطالب بدسترة دور الجيش كحامي للدستور، واستنساخ التجربة التركية، ما هو موقفكم من هذا المطلب؟ أولا التجربة الوحيدة في العالم أين الجيش هو الذي يحمي الدستور هي التجربة التركية، ولا وجود لدولة أخرى قامت بذلك، بشأن النقطة الثانية موجود في الدستور الجزائري أن ضامن الدستور هو رئيس الجمهورية، هذا مكتوب حرفيا، ثالثا لا بد من مقارنة مع بعض الدول وتجاربها، وهنا نقدم التجربة الألمانية، التي لها بعض أوجه تشابه، حيث أن ألمانيا خرجت من النازية ومن الحرب والانقسام، في ظرف وجيز تمكنت من بناء مؤسسات مستقلة ودستور محترم من طرف الجميع، والجزائر خرجت هي كذلك من الاستعمار، ولحد الآن لانزال نتخبط في قضية الحريات والحقوق البسيطة، مثل جواز السفر والمسيرات والجمعيات، أي أمور لا يتم الحديث عنها في الدول الأخرى، ونحن لا نزال نناضل من أجلها. هنا أتساءل لماذا لم نصل إلى دستور محترم من طرف الجميع، ويبدأ الاحترام من السلطة أولا، وليس من طرف الشعب، طرحت سؤالا لأحد قضاة المحكمة الدستورية في ألمانيا، وقلت له " توصلتم إلى فرض احترام الدستور وبناء مؤسسات محترمة وكل هذه المؤسسات تحترم الدستور ونحن لم نتوصل إلى ذلك.. طلبت منه أن يعطي رأيه من أحسن ضامن هو الجيش أم مجلس أم عقلاء، لأن هناك اقتراحات كثيرة بهذا الخصوص.. أعطاني جوابا بسيطا جدا وكل مواطن يفهمه.. قال لي بالحرف الواحد "الدستور يضمنه الشعب"، إذا كان الدستور منبثق من إرادة الشعب والشعب يضمنه فلن يسمح لأي أحد أن يتجاوزه وسيخرج للشارع إن أحس أن الدستور الذي وضعه ويحفظه قد تم الدوس عليه، إذا كان الشعب مساهما في صناعة الدستور سيحميه، وإذا كان العكس ولم يتم اشراك الشعب في ذلك فلن يبالي به ولن يعر أي اهتمام لمن يخرقه او يدوس عليه. حاوره: أنيس نواري الأستاذ مسعود شيهوب للنصر أتوقع أن يكون التعديل الدستوري عميقا و يغير من عمل نظام الحكم يرى الدكتور مسعود شيهوب أستاذ القانون العام بجامعة الأمير عبد القادر أن التعديل الدستوري المنتظر سيكون عميقا و يمس مختلف جوانب عمل و سير نظام الحكم في الجزائر و من هنا تنبع أهميته، و أضاف الأستاذ شيهوب الذي شارك في عملية تعديل الدستور سنة 1989 و كان نائب رئيس لجنة اصلاح العدالة أن التعديل الدستوري مبدئيا و في تقديره حسب ما استشف من خطاب رئيس الجمهورية في أفريل 2011 سيكون معمقا و أنه يتوج مسار الإصلاحات السياسية التي بادر بها رئيس الجمهورية، و قال أن تصريح النية ذلك من رئيس الجمهورية يجعله يعتقد أن التعديلات ستكون كبيرة و عميقة، مشيرا أن هناك فرقا كبيرا بين عمق التعديل و شموليته فالتعديل قد يكون عميقا لكن ليس شاملا. و يعتقد عضو البرلمان لعهدتين متتاليتين مكلفا بالتشريع و رئيس لجنة الشؤون القانونية في المجلس الشعبي الوطني للعهدة السابقة أن التعديلات ستمس نظام عمل أجهزة الدولة و طريقة تسيير المجتمع و قال أن الدستور هو نوع من العقد الاجتماعي بطبيعته و لا بد ان يكون وثيقة تضمن الاستقرار و الديمومة. و يرى المتحدث في حوار أجرته معه النصر أمس أن التعديل الدستوري الذي تم في سنة 1996 كان طفيفا و جاء استجابة لتغيرات مرحلة و فرضته ظروف معينة و لم يعالج كامل القضايا المطروحة و هو بالنهاية تعديل لعلاج أزمة، بينما التعديل الحالي سيكون كاملا يأخذ بعين الاعتبار متطلبات تعميق الإصلاحات السياسية التي بادر بها رئيس الجمهورية و يسمح بالاستقرار لأطول فترة ممكنة و منه تكريس فكرة الدستور القانون و ليس دستور الأزمة و المعالجة المرحلية لإشكاليات ظرفية مطروحة. برأي الأستاذ شيهوب الذي ساعد في إعداد مقترحات حزب جبهة التحرير الوطني الخاصة بالموضوع من الضروري أن يضمن التعديل الدستوري الحالي التوازن بين السلطات و يحمي الحريات الأساسية و يعمق الرقابة على المؤسسات و فيما بين السلطات، لأن السلطة تحدها السلطة حسب تعبير مونتيسكيو بحسب تصريحه و ينتج عن هذه الفكرة أن السلطة التشريعية تراقب السلطة التنفيذية دون إخلال بمبدأ الفصل بين السلطات. أدعو إلى الفصل بين السلطات و السماح لها بالتأثير فيما بينها عن الفصل بين السلطات قال الأستاذ شيهوب أنه ينبغي التنصيص على ذلك بصراحة في صلب الدستور الجديد حول تنظيم عمل الدولة و لكن الفصل بين السلطات الثلاثة التشريعية و التنفيذية و القضائية ينبغي أن يكون مرنا و ليس جامدا و صلبا يعيق عمل تلك السلطات ذاتها. عن احتمال تحول المرونة في الفصل بين السلطات إلى تداخل فيما بينها قال المتحدث و هو من أبرز القانونيين في الجزائر أن المرونة في الفصل بين السلطات تعني السماح لكل سلطة بالتأثير في الأخرى دون المساس بصلاحياتها فالسلطة التشريعية مستقلة في مهامها و التنفيذية تعمل على تنفيذ قوانين تصدرها السلطة التشريعية و تسيير شؤون المواطنين أما وظيفة السلطة القضائية فتكون المراقبة و الفصل في النزاعات و التحكيم و منع التجاوزات، و حسب المتحدث فإن ترك هامش للتأثير فيما بين السلطات هو لمنع الجمود الذي قد ينتج من الفصل الجامد بين السلطات بحيث تعرقل كل منها عمل الأخرى. الحكومة في منظور الأستاذ شيهوب تخضع لرقابة البرلمان و قد تصل تلك الرقابة حد سحب الثقة و المساءلة للهيئة التنفيذية، لكن المساءلة دون جزاء لا تعني شيئا و من هنا وجب التنصيص في التعديل الدستوري على ربط الرقابة البرلمانية بالجزاء، لكن هيمنة السلطة التشريعية المطلقة تقود إلى ديكتاتورية البرلمان و هذا يعيق عمل بقية السلطات و نسقط في الفخ، و اذا هيمنت السلطة القضائية نقع في جمهورية القضاة، و تتعسف السلطة التنفيذية إذا عملت دون رقابة من السلطتين الأخريين. يناسبنا النظام شبه الرئاسي مع توسيع صلاحيات الوزير الأول عن نظام الحكم المناسب برأيه هل يكون رئاسيا أو برلمانيا أو شبه رئاسي فضل الاستاذ شيهوب أن تختار الجزائر النظام شبه الرئاسي و قال أن لكل واحد من الأنظمة الثلاثة مزايا و عيوب لكن لو اخذنا حداثة التجربة الديمقراطية في بلادنا و قصر عمر التجربة البرلمانية فلا يناسبنا سوى النظام شبه الرئاسي، لكن مع توفر عدة عناصر تأخذ من مزايا النظامين الرئاسي و البرلماني و تساءل هل بلغت التجربة البرلمانية في بلادنا من النضج حدا تستطيع من خلاله انتخاب رئيس للجمهورية؟ و قال ان رئيس الجمهورية في بعض الأنظمة رمزي و في بعضها الآخر ديكتاتوري يشبه الملوك و كلا الحالتين لا تناسبان الوضع الجزائري الذي ينبغي أن يسير بنظام شبه رئاسي على النموذج الفرنسي لكن مع الخصوصية الجزائرية، و عن حالات التصادم بين الأغلبيتين الرئاسية و البرلمانية و قد حدث في فرنسا مرارا قال الاستاذ شيهوب أن لفرنسا بعمق تجربتها الديمقراطية ما يسمى بالعرف الدستوري و نحن لا نزال لا نملك أعرافا دستورية لذلك على التعديل الدستوري الحالي بحسب رأيه أن يتضمن في نظام وسط خاص بالجزائر النص على تدعيم الحريات و الفصل و التوازن بين السلطات. كما دعا إلى توسيع صلاحيات الوزير الأول و جعل الوزارة الأولى مؤسسة واضحة ، و أشار أن الدستور الجزائري لسنة 1963 جعل شرطا على الحكومة أن تأخذ ثلثي اعضائها من البرلمان و لا بأس من العودة الى هذه المادة و ترك ثلث أعضاء الحكومة لرئيس الجمهورية حتى يتم خلق توازنات بين السلطتين التشريعية و التنفيذية. حول امكانية نشوب خلافات بين أغلبية رئيس الجمهورية و الأغلبية البرلمانية في المستقبل في ظل النظام شبه الرئاسي قال محدثنا أنه علينا توضيح الصلاحيات و فيكون لرئيس الجمهورية الكلمة الأولى في مسائل الدفاع و السياسة الخارجية و سلطة التعيين في الوظائف الكبرى و صلاحية التحكيم في النزاعات بين المؤسسات و كل ما يتعلق بالوحدة الوطنية و الثوابت و حماية الدستور، و طالب الأستاذ شيهوب بخلق منصب مفوض الجمهورية ليقوم بذلك ، بينما لرئيس الحكومة الصلاحيات في المسائل المتعلقة بالحياة اليومية للمواطنين و بتسيير الشأن المحلي العام وفق برنامج الأغلبية البرلمانية. بحسب القراءة التي لدى الأستاذ شيهوب حول التعديل الدستوري الذي تقوم لجنة من الخبراء في معظمهم زملاء له يجب أن ينص الدستور على الحريات الاجتماعية للمواطنين و حقوقهم في السكن و العمل و في منحة بطالة لصالح من لا يتوفر له منصب عمل و هذا في فصل يخص واجبات الدولة تجاه الفئات الضعيفة و مهمتها في حمايتها لأننا نستند حسبه الى مرجعية بناء دولة اجتماعية حسب ما جاء في بيان أول نوفمبر و الحريات الاجتماعية كبقية الحريات التي وجب النص عليها في الدستور لتكريسها و حمايتها، و نترك الاندماج في اقتصاد السوق ليكون عملية تتم بصورة طبيعية و ما دام لكل قاعدة استثناء فمن الواجب التنصيص على حماية الحقوق الاجتماعية. وبخصوص منصب نائب للرئيس قال محدثنا أن من جوهر الإصلاحات مراجعة عمل السلطة التنفيذية و في هذا الاطار ليس ممنوعا الحديث عن نائب أو نائبين للرئيس، و أضاف شيهوب أنه شخصيا مع هذا الاتجاه و أنه يترك تقدير كيفية القيام بذلك على الطريقة الأمريكية بانتخاب نائب للرئيس مع انتخاب الرئيس، أو تفويض الأمر للرئيس ليختار نائبا له بعد انتخابه للمعنيين لأن كلا المسألتين يمكن العمل بهما و ربما يبدأ التغيير بالطريقة الأولى ثم تدريجيا يمكن للناخبين اختيار الرئيس و نائبه في اقتراع عام كما في الولاياتالمتحدةالأمريكية. المجلس الأعلى للقضاء يجب أن يتألف حصريا من القضاة وبخصوص صلاحيات السلطة القضائية دعا شيهوب إلى مراجعة نظام و عمل المجلس الأعلى للقضاء و جعله حصريا يتألف من القضاة و هذا لا يمنع تدعيمه بعناصر من البرلمانيين كممثلين للشعب يحافظون على استقلالية القضاة و على استقلالية المجلس الأعلى للقضاء و أن تمتد الرقابة القضائية لتشمل مجلس المحاسبة خاصة في باب الرقابة على المال العام و محاربة الفساد و الرشوة و أن يتم النص على ذلك في صلب الدستور تماما مثل النص على تشكيلة مجلس المحاسبة و منحه الصلاحيات الواسعة و تمكينه من القيام بإجراءات فعالة في المراقبة و المعاقبة و الجزاء.كما لم يفوت الأستاذ شيهوب في حديثه لنا الفرصة للتطرق لدور المجلس الدستوري و صلاحياته و قال أن التعديل الجديد ينبغي أن يشمل توسيع صلاحيات المجلس الدستوري و توسيع دائرة إخطاره المقتصرة حاليا على رئيس الجمهورية و رئيسي غرفتي البرلمان، و تساءل كيف لا يمكن للوزير الأول إخطار المجلس الدستوري و حتى المعارضة في البرلمان يمكنها في حدود معينة التمتع بحقها في إخطار المجلس الدستوري و بحذر و تدريجيا يمكن ان نحدد نسبة و عددا من النواب للقيام بذلك حتى لا يعرقل الحق الدستوري عمل الهيئة التنفيذية مثلا بجعل 80 أو 90 نائبا يتمتعون بحق إخطار المجلس الدستوري و الأهم من ذلك تمكين المواطنين من حقهم الدستوري و جعل القاضي عند دفع المواطن بعدم دستورية بعض الأحكام التوقف عن إجراءات المتابعة القضائية للملف و إخطار المجلس الدستوري بذلك و هي طريقة من طرق الرقابة القضائية، كما أن من حق بعض المؤسسات مثل المجلس الوطني الاقتصادي و الاجتماعي الارتقاء إلى صلب الدستور و النص عليها فيه صراحة. سألنا الاستاذ شيهوب عن العهدة الرئاسية و تحديديها أو تمديدها فقال ان كلا النظامين بالعهدة المحددة العدد و بالعهدة المفتوحة ديمقراطي لأن المهم هو في توفير ظروف الانتخاب الحر الديمقراطي النزيه، فإذا كان الشعب يمارس حقه حقيقة و أنه هو من يختار فسيكون هو من يحدد عدد العهدات الرئاسية الممنوحة لرئيس الجمهورية، لكن البريق الديمقراطي يظهر اكثر في الأنظمة التي تحدد عدد العهدات الرئاسية من خمس او سبع سنوات و قد جاء تحديدها في دستور 1996 جيدا استجابة لمتطلبات البريق الديمقراطي و للسماح بالتداول على السلطة و لكن التمديد يأتي في سياق الأحكام الانتقالية الموضوعة لمعالجة الأحكام الدستورية الجديدة و لمعالجة الأوضاع الانتقالية و من حيث المبدأ فهناك النفاذ و السريان الفوري لتلك الأحكام الجديدة في الدستور.يرى الأستاذ شيهوب أن طريقة تمرير التعديل الدستوري من خلال جلسة للبرلمان بغرفتيه أو عبر تنظيم استفتاء شعبي مرتبطة بنوعية التعديلات التي سيتم إدخالها على الدستور فهو بالنص الصريح يفرض إذا كانت التعديلات جوهرية و عميقة أن يمر عبر استفتاء شعبي ، أما إذا كانت التعديلات طفيفة و بسيطة فيمكن تمريرها بواسطة جلسة مشتركة لغرفتي البرلمان و بالتالي فالكيفية التي سيتم بها إقرار التعديل الدستوري الجاري تحضيره من طرف لجنة الخبراء الخمسة ستظهر من خلال ما يتم تعديله على الدستور و ما يطلقه المجلس الدستوري من أوصاف على تلك التعديلات فو هل يعتبرها عميقة ام بسيطة. أجرى اللقاء عمر شابي تصوير الشريف قليب بوجمعة غشير رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان للنصر حصر النقاش حول الدستور في مسألة تحديد العهدات ينم عن جهل بمطالب الشعب دعا رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، بوجمعة غشير، لفتح نقاش موسع حول التعديل الدستوري، وإشراك الشعب في صنع الدستور الذي يحقق طموحاته، واعتبر بأن حصر النقاش حول الدستور في مسالة تحديد العهدات هو "تمييع للنقاش وجهل بالمتطلبات". ورافع من أجل عرض الدستور على استفتاء شعبي. اقترح رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، بوجمعة غشير، على هيئة المشاورات السياسية، ضرورة الذهاب إلى إنشاء المجلس التأسيسي لصياغة الدستور، مبرزا أن هذا الطرح يجد مبرره في إعادة الثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة سيما وأن المشكل في الجزائر حسبه يكمن في النظام السياسي القائم وليس في القوانين مما يستدعي تغييره، كما اقترح المتحدث تقسيم الجزائر إلى جهات كبرى غير مركزية وإلغاء المجلس الدستوري وتعويضه بغرفة دستورية على مستوى المحكمة العليا. اعتبر رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، بوجمعة غشير، في تصريح للنصر بأن الأولوية في الجزائر قبل الذهاب نحو تعديل دستوري، هي "ارجاع السيادة للشعب صاحب القرار عن طريق مجلس تأسيسي يكلف بصياغة دستور جديد يسمح بتجاوز الاختلالات التي جاءت بها التعديلات التي صدرت في 2008 والتي غيرت ملامح الدستور وجعلته لا يتوافق مع أي مبدأ دستوري في العالم". وشدد غشير على ضرورة استرجاع الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، ومنح الشعب السيادة المطلقة في تقرير ما يراه مناسبا وصالحا، وأيضا محاربة الفساد بمختلف أشكاله. ودعا في هذا الصدد إلى فتح "نقاش حول الدستور امام الشعب" لمناقشة كل المسائل المرتبطة بالنص والتعديلات المقترحة، حتى يكون الدستور العاكسة لهوية الشعب وطموحاته وتطلعاته في الحرية والكرامة واحترام حقوق الانسان الفردية والجماعية. ويعتقد رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان أن الدستور القادم يجب أن يكرس الفصل بين السلطات، وتكريس استقلالية العدالة، وتحقيق المبادئ الاساسية للحكم الراشد ودولة القانون، والحرص على تجسيد مبدأ الشفافية والمساءلة والمحاسبة. وأعاب غشير، التركيز المفرط على مسائل محددة وجوانب فقط من الدستور، منها فتح أو تحديد العهدات الرئاسية، واعتبر بأن هذا الأمر يعد "انحرافا للنقاش عن المسائل الأكثر أهمية في الدستور التي تهم المواطن بالدرجة الأولى"، موضحا بأن تحديد أو فتح العهدات لمنصب الرئيس "لا يضر إذا كانت هناك انتخابات نزيهة وإطار يسمح بضمان الشفافية"، وقال في هذا السياق، بأن التركيز في النقاش السياسي حول تعديل الدستور على تحديد العهدات أو فتحها يعد "إهمالا للأساسيات الأخرى المتعلقة بالمواد الاخرى التي تحدد مستقبل الجزائر"، وقال بان حصر النقاش حول مسالة واحدة هو "تمييع للنقاش وجهل بالمتطلبات". وأبدى المتحدث، رفضه لعرض التعديلات الدستورية على البرلمان فقط دون أخذ رأي الشعب، وقال بأن البرلمان الحالي "لا يحق له تعديل الدستور" موضحا بأن المجلس التشريعي بتركيبته الحالية لا يمكن أن يكون مجلسا تأسيسيا، داعيا الى تجنب الاخطاء التي وقعت خلال التعديل الدستوري في 2002 و 2008، أين صادق نواب البرلمان على التعديلات الدستورية، رغم انها كانت تمس جوهر النظام السياسي، واعتبر الاستاذ بوجمعة غشير، بأن استشارة الشعب في الدستور الجديد عبر الاستفتاء ضرورة، وأكد بأن المرور عبر الاستفتاء وحدة غير كاف بل يتوجب فتح نقاش حول النص والتعديلات المقترحة قبل الذهاب الى استفتاء عام. من جانب أخر يري الأستاذ بوجمعة غشير، بأن الجزائر بحاجة إلى إعادة النظر في التوزيع الجغرافي، من خلال اقرار تقسيم اداري جديد، يمكنها من التخلص من المركزية في اتخاذ القرار المعمول بها حاليا، والتوجه نحو لا مركزية التسيير عبر مؤسسات جديدة يتم استحداثها تسمح بتقريب الادارة من المواطن.