يختزل المسار الكفاحي للمجاهدة فتيحة بوسماحة العديد من محطات النضال الثوري للجزائرية وأبرزه تلبية نداء الثورة من طرف الطلبة الجزائرين لأنّها تركت مقاعد الدراسة الثانوية وسنها لا يتعدى ال 17 سنة، لتلتحق بصفوف جيش التحرير بحماس جياش، متخلية عن دفء الأسرة وحلم التحصيل العلمي، فجاهدت وسجنت وعذبت وفرّت من السجن وإيمانها عميق باستقلال وطنها. حدّثتنا المجاهدة فتيحة بوسماحة والتي تشغل اليوم منصب أمينة وطنية بالاتحاد النسائي الجزائري، عن مسارها الثوري وعن ذكرى ال 19 ماي التي التفّ فيها الطلبة الجزائريين حول ثورتهم، مفنّدين قناعة المستعمر بأن النخبة الجزائرية لن تستجيب لصوت الثورة ولن تؤازرها. وأكّدت المجاهدة أنّ استجابة الطلبة لنداء الثورة جاء بمثابة الدعم القوي من طرف الشعب الجزائري الشاب والمثقف لثورته التي كانت في أهم مراحلها المفصلية، مكتسحة جميع فئات وشرائح المجتمع الجزائري. وكانت المجاهدة فتيحة من بين الشابات آنذاك، الذين حمسهم صوت العرب خاصة صوت فطيمة، للتعجيل في الحسم في قرار ترك الدراسة والالتحاق بالثورة. ووقفت المجاهدة على أهم محطاتها النضالية حيث قالت: “لقد التحقت بثورة التحرير المجيدة في شهر ماي 1956 وسني لا يتعدى ال 17 سنة في الولاية الخامسة بالمنطقة السادسة". وعن المجاهدين الذين ناضلت إلى جنبهم ذكرت الطيب العربي ونصر الدين وزيدان وبديعة من سعيدة وجميلة وفاطمة من ندرومة وصوريا من تلمسان، ولم تخف أنّها حملت السلاح وكانت رفقة المجاهدين تغيير المناطق إلى غاية إلقاء القبض عليها، ثم تسنّى لها الفرار من السجن ليلقي عليها القبض مرة أخرى، وقضت حسب شهادتها أربع سنوات في غياهيب السجن بعد تعذيبها ولم يطلق سراحها إلاّ بتاريخ 4 ماي 1962. واسترجعت العديد من الصور المؤلمة التي مازالت راسخة في ذاكرتها تعكس بشاعة تعذيب المستعمر للجزائرين، وأبرزها ما تعرّض له ضابط جيش التحرير الغوثي الذي نزعت ملابسه وقيد، ثم أطلق عليه كلب قام بافتراسه. وحملت في شهادتها وقفة تقدير للمرأة الريفية وكذا الرجل الريفي، اللّذين قالت أنّهما قدّما الكثير من الخدمات والتضحيات من أجل استقلال الجزائر. ودعت المجاهدة فتيحة الشباب الجزائري ليحفظ الأمانة، ولا يدّخر جهدا لبناء وطنه من أجل الوفاء لتضحيات جيل الثورة.