أكد محافظ بنك الجزائر، السيد محمد لكساصي، أن الوضعية المالية الخارجية للجزائر، تبقى صلبة خلال الثلاثي الأول من سنة 2013، وأن المؤشرات المالية الهامة لا تزال تحت السيطرة، على الرغم من استمرار وجود نفس العراقيل التي حالت دون عودة الاقتصاد العالمي إلى نفس وتيرة الإنعاش المسجلة قبل بروز الأزمة العالمية. الصلابة المالية الخارجية التي ميّزت الاقتصاد الوطني طيلة السنوات الطويلة الماضية، لا يمكن أن تخفي بروز بعض المؤشرات الشبيهة إلى حدّ ما بتلك المسجلة في السداسي الأول لسنة 2009، عندما تراجعت أسعار النفط وانعكست سلبا على ميزان المدفوعات، حيث تشير أرقام بنك الجزائر، مثلما عرضها أمس المحافظ في ندوة صحفية، أن أسعار النفط تراوحت مابين 29 ، 108 و79 ، 115 دولار للبرميل في الثلاثي الأول من سنة 2013 وبمتوسط شهري قدّر ب51 ، 112 دولار مقابل 31 ، 119 دولار المسجل خلال نفس الفترة من السنة الماضية. هذا التراجع في الأسعار المقدر نسبته ب7 ، 5٪ في الثلاثي الأول رافقه انخفاض في كمية المحروقات المصدرة ب86 ، 8٪، الأمر الذي انعكس سلبا على مداخيل المحروقات، حيث تراجعت من 378 ، 20 مليار إلى 536 ، 17 مليار دولار وبنسبة ناهزت 9 ، 13٪، خلال نفس فترة الدراسة. الإنخفاض المحسوس في موارد المحروقات بالعملة الصعبة، اعتبره محافظ البنك بمثابة الصدمة على ميزان المدفوعات الخارجية في سنة 2013، وعلى الميزان التجاري خاصة وأن ميل الواردات نحو الارتفاع لايزال متواصلا بالنسبة للسلع، مُسجلة رقما ناهز 61 ، 12 مليار دولار وبنسبة زيادة قدرت ب6 ، 8٪، معظمها، أي حوالي 63٪ شمل مواد استهلاكية غير غذائية و1 ، 15٪ عبارة عن مواد غذائية، بينما ارتفع استيراد المنتوجات النفطية على نحو محسوس، المرتبط بارتفاع نسبة واردات السيارات بمختلف أنواعها خلال السنتين الماضيتين. أرقام بنك الجزائر تشير إلى انخفاض رصيد ميزان المدفوعات من 164 ، 4 مليار دولار في الثلاثي الأول من سنة 2012 إلى فقط 846 ، 0 مليار في آخر مارس 2013، بينما لم يسجل احتياطي الصرف زيادة معتبرة هذا العام، مثلما كان عليه الحال في سنة 2012 ب768 ، 189 و661 ، 190 مليار دولار على التوالي، مقابل مستوى ناهز 224 ، 182 مليار دولار في ديسمبر 2011. أما عن حجم الديون الخارجية فقط انخفض من 229 ، 4 مليار إلى 451 ، 3 مليار دولار. الحاجة إلى تمويل الاقتصاد دفعت ببنك الجزائر إلى التوسّع النقدي عن طريق منح قروض ارتفعت نسبتها ب27 ، 6٪ مقابل 31 ، 2٪ العام الماضي، منها 1 ، 5٪ عبارة عن قروض موجهة للقطاع الخاص و5 ، 7٪ للقطاع العمومي. فيما لا يزال يسجل وجود فائض معتبر من الإدخار الذي يسعى البنك إلى ترجمته في شكل استثمارات منتجة. الصدمة التضخمية التي عرفها الاقتصاد الوطني خلال السنة الماضية بعد بلوغ النسبة مستوى 9 ، 8٪ تتجه حسب محافظ بنك الجزائر نحو التراجع مثلما تؤكده أرقام الأشهر الأولى من السنة الحالية، 07 ، 8٪ في نهاية مارس الماضي كمتوسط سنوي وتوقع تسجيل معدلات تتراوح مابين 5 إلى 6٪ في نهاية العام الجاري. وفي هذا الصدد، أكد محمد لكساصي أن إجراءات أخرى تم اتخاذها من أجل محاصرة الظاهرة، آخرها كانت في منتصف جانفي الماضي من خلال آلية امتصاص الفائض في السيولة لمدة ستة أشهر هذه المرة. تضاف هذه الآلية إلى الآليات الأخرى التي سمحت حسب نفس المتدخل برفع حجم امتصاص الفائض في السيولة من 250 مليار دج إلى 1350 مليار دج، مقابل تكلفة يدفعها بنك الجزائر من خلال نسب الفوائد المدفوعة سواء بالنسبة للاحتياطي الإجباري أو الودائع اليومية. وبالنظر إلى الدور الذي يلعبه الإدخار في مواجهة الظاهرة التضخمية وخاصة ذلك المتأتى من العائلات، سجل محافظ البنك ارتفاعا محسوسا بنسبة 3 ، 67٪ في ودائع المؤسسات الخاصة والأسر، بينما لم تبلغ القروض الموزعة للأسر سوى 5 ، 13٪ من إجمالي القروض الموجهة للقطاع الخاص، فيما يتوقع أن تؤدي الإجراءات المتخذة في إطار إنجاز السكنات إلى ارتفاع القروض الرهنية الموجهة للأسر، لتتكفل البنوك بالاضافة إلى تمويل السكن الترقوي، منح قروض استثمارية منتجة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في إطار تطوير القروض الصافية الموجهة للاقتصاد. الأرقام والمؤشرات التي عرضها محافظ بنك الجزائر الخاصة بالتطورات النقدية والمالية للثلاثي الأول لم يكن البعض منها مشجعا، الأمر الذي دفع بلكساصي إلى دقّ ناقوس الخطر حول تداعيات تراجع مداخيل النفط على المشاريع الاستثمارية بصفة عامة، حيث لم يستبعد إعادة النظر في البعض منها، داعيا إلى استخلاص الدروس والعبر لتجنب الاعتماد المفرط على النفس والتركيز على تنويع الاقتصاد ورفع الإنتاج خارج قطاع المحروقات.