تلقب بالمجاهدة النشيطة لنضالها المستميت ضد المستعمر، والمثقفة لأنها أول صحافية جزائرية بعد الاستقلال، يشاء القدر أن ترحل عنا زهور زراري إحدى بطلات الثورة التحريرية المجيدة، عشية ذكرى ال20 أوت المزدوجة، تاركة ورائها مسارا متميزا بالعطاء الممزوج بالنضال والشجاعة.. ترحل إحدى بطلات معركة الجزائر في صمت وتجف إحدى الأقلام المخضرمة التي رافقت مسيرة الدولة الجزائرية المستقلة، بعد أن عايشت مرارة الاحتلال ولهيب المقاومة والصمود في وجه المستعمر. افتقدنا اليوم بعد وفاة المجاهدة الصحافية زهور زراري ذاكرة تاريخية حية، لطالما نبضت بالأحداث وكانت مرجعا للكفاح الثوري بمنطقة الجزائر العاصمة المستقلة، لأنها إحدى المجاهدات اللائي تحركن بشجاعة كبيرة وسط التنظيم الثوري، فتمكنت من وضع ثلاث قنابل، وكانت تنشط إلى جانب بطلات معركة الجزائر ونذكر منهن حسيبة بن بوعلي وجميلة بوحيرد وزهرة ظريف. لبت زهور زيراري نداء الذود عن الوطن باكرا وساعدها في ذلك ترعرعها وسط عائلة وطنية كانت تبغض المستعمر وتتوق للتخلص من براثينه وتوقيف آلة البطش والظلم التي أخضع لها الجزائريون . لم تتردد زهور يوما في قناعة الكفاح ومواجهة المستعمر بكل ما تملك من قوة، وأوقعها نشاطها الثوري المستميت في قبضة المستعمر حيث ألقي عليها القبض بتاريخ 25 أوت 1957، وعذبت ببشاعة عبر عدة سجون فرنسية وأصدر في حقها حكما بالسجن المؤبد كما أن والدها قتل من طرف المضليين. أما المعركة الثانية التي خاضتها البطلة المجاهدة رحمها اللّه بعد تحرير الوطن، معركة لا تقل أهمية حتى تنجح الجزائر في وضع خطواتها في طريق البناء والتنمية، واختارت أن تكون صحافية وكاتبة غيرت فقط السلاح والقنابل بالقلم والورق، ليضل صوت النضال بداخلها حيا ونشاطها متواصلا، ولم يوقف خطواتها سوى إصابتها بمرض العضال الذي خطفها منا في ذكرى ثورية بارزة واستراتجية يحمل لها كل جزائري كل التقدير والفخر الممزوج بالعرفان، ويشاء القدر أن نستحضر ذكرى ال20 أوت ومسار المجاهدة في آن واحد، بعد أن كنا نبحث عنها لنتطفل على ذاكرتها التاريخية والإعلامية كونها واكبت جميع المراحل التي مرّ بها الإعلام الجزائري الذي صار اليوم بعمر خمسة عقود كاملة. ترحل عنا المجاهدة زهور عن عمر ناهز 76 سنة لتبقى في نفوسنا رمزا للشجاعة والوفاء للوطن، وتفقد بذلك الأسرة الثورية والإعلامية على حد سواء امرأة مشبعة بروح النضال وقدوة في الصمود والذوذ عن الوطن . يذكر أن الفقيدة التحقت بجريدة ''الشعب'' سنة 1963 لتكون أول الأقلام النسوية التي كتبت باللغة العربية.