أكد الرائد المتقاعد بالجيش الوطني الشعبي، مصطفى لجنف، أن العلاقة بين الشعب الجزائري وجيشه تمتد جذورها في التاريخ وتعود إلى فترة الثورة حينما كان جيش التحرير الوطني يقود المسار الثوري التحرري وتجد العلاقة مربطها أيضا في تاريخ الحركة الوطنية التي أعدت النخبة المتينة التي أطرت وقادت العمل الثوري الميداني. وأضاف في حديث بقلي مفتوح أن الجيش تجد حضنه في رحاب الشعب الجزائري كونه يتولى المهام الدستورية المخولة له ويقف باستمرار إلى تطلعاته وفقا للخيارات الكبرى التي سطرتها ثورة أول نوفمبر التي يحتفل الجزائريون بذكراها ال59 في ظل مواصلة الجزائر خوض غمار البناء والتعمير بكل ما تفرضه العولمة من تحديات تتطلب شحذ الهمم وإعادة التموقع محليا وإقليميا. وفي خضم هذه المناسبة عاد الضيف الذي اشتغل بمجلة الجيش كاتبا ومسؤولا بالذاكرة إلى محطات بارزة تؤكد الارتباط المتين بين الشعب والجيش على غرار مشاركة هذا الأخير في العديد من البرامج الاقتصادية والاجتماعية والصحية ذات الأبعاد التنموية والتي تمتد ثمارها للأجيال. فبالإضافة إلى المساهمة البارزة في بناء أسس الدولة ومرافقة تأسيس المؤسسات التي تدير الشؤون العمومية غداة استرجاع السيادة الوطنية وارتكاب الإدارة الاستعمارية وادواتها الجهنمية سياسة الأرض المحروقة، كان لرجال الجيش الوطني الشعبي خاصة بعد تأسيس نظام الخدمة الوطنية دور مشهود له في انجاز مشاريع إستراتيجية مثل السد الأخضر والطريق العابر للصحراء وبناء القرى للفلاحين وإيصال العلاج الصحي إلى ابعد نقطة في صحرائنا المترامية الأطراف. وفي السنوات القليلة الماضية فقط لم يتأخر الجيش في تحمل مسؤولياته المواطنية في الوقوف إلى جانب السكان المتضررين جراء الزلازل مثل بومرداس في 21 ماي 2003 وقبله زلزال الشلف ‘'الأصنام سابقا'' في 10 أكتوبر 1980، والفيضانات مثل باب الوادي في 10 نوفمبر 2001 وفك العزلة الخانقة عن سكان الجبال والقرى جراء الثلوج الكثيفة في شتاء 2012، بالإضافة إلى العمل المستمر على مدار السنة تجاه السكان البدو والرحالة بتمكينهم من المراقبة الطبية وتلقيح أبنائهم والدعم الملموس لبرامج التعليم لهم بالتعاون مع مختلف المؤسسات المعنية الأخرى. وفي هذا الإطار أبدى حرصا على الإشادة بالشعب الجزائري خلال الثورة التحريرية مؤكدا من منطلق المعايش للواقع أن سكان الأرياف والقرى الفقيرة حينها احتضنوا المجاهدين حيث كان أفراد جيش التحرير الوطني يجدون العناية وبالرغم من الموارد المعدومة كان أولئك السكان يقاسمونهم القوت البسيط فيحرمون أنفسهم وأبنائهم أملا في أن ينتصر جيشهم على العدو الاستعماري الذي لا يتأخر في إطلاق أحقاده الانتقامية بإحراق القرى وإعدام رجالها والاعتداء على حرائرها ونهب أرزاقهم البسيطة جدا. ولتأكيد امتزاج الطرفين في بوتقة الوطن وخندق الدفاع عنه أشار إلى موقف الرئيس الراحل هواري بومدين لما ترأس اجتماعا للعسكريين بإحدى ثكنات بلفور بالحراش خلال السبعينات برفضه إقامة أحياء سكنية خاصة بالعسكريين لوحدهم وخاطبهم قائلا وبشكل لا يقبل التأويل حينها ‘'عليكم بالسكن وسط شعبكم والعيش على نبضاته''. وبالفعل بين الشعب وجيشه الذي لا يلين ولا يغفو رابطة أبدية لا تهتز ولا تخدش. وقد أكدت الأبواب المفتوحة على مختلف فروع الجيش الوطني الشعبي بمناسبة إحياء خمسينية الاستقلال هذا الارتباط من خلال إقبال منقطع النظير على جناح المؤسسة العسكرية والتفاعل معها من حيث الحرص على التعرف على واقعها والتطلع لان تكون دوما في الريادة. وقد كان للتدخل الحاسم الذي نفذته النخبة باحترافية فائقة لإنهاء مغامرة الجماعات الإرهابية الدولية التي استهدفت ضرب مصنع الغاز بتيقنتورين بداية هذه السنة اثر ايجابي في نفوس الشعب الجزائري على اختلاف توجهاتهم ومراجعهم السياسية مجمعين على أن الجيش اظهر احترافية والتزاما كبيرين وبذلك يعد بحق صمام أمان البلاد والساعد القوي للشعب.