على ما يبدو صار كل شيء ممكنا حدوثه في بلادنا، حتى أضحت الجزائر بلدا للمعجزات بما يفعله أبناؤها وبناتها من تجاوزات وخروقات للقوانين وحتى المعقول. فكل شيء ممكن تحقيقه مقابل حفنة من المال وبعض الهدايا التي تشترى بها الذمم، فتزوّر الشهادات وتبدّل الأقوال والمستحيل يصير ممكنا ومعقولا. فماذا تقولون في سيدة ثرية اختارت أن تضع ابنها المطرود من المدارس العمومية في مدرسة خاصة، بعدها قامت بالتودد إلى أمينة مكتب مدرسة ابنها لتنتهي باتفاق مفاده أن تقوم هذه الأخيرة بتسريب جل مواضيع الإختبارات التي يضعها المعلمون في الإدارة قصد نسخها إلى هذه السيدة الوقورة، التي تغدق على هذه السكرتيرة بالمال والهدايا لأنها صاحبة محلات لبيع العطور ومواد التجميل، بعدها تقوم هذه الثرية برحلة بحث عن الأساتذة الذين يقطنون بحيها ليقوموا بحل تلك المواضيع، والمقابل تعرفونه. الغريب أن هذه الأم المربية لا تستحي في أن تطرق باب الأساتذة دون سابق إنذار ولا معرفة ليلا، وفي وقت لا يزور فيه أحد أحدا، و»تسمّط« عليهم وتطلب منهم كتابة الأجوبة بخط واضح وتستسمحهم بأن تكون زبونة وفيّة لهم، والموعد يكون كل ثلاثة أشهر، يعني عند قرب موعد الإمتحانات ليقوم ابنها المصون بنقلها على ورقة مزدوجة ويسلمها عند نهاية الإمتحان ليظهر في صورة التلميذ المجتهد والمواظب، ويحصد بها أفضل التقديرات وتتباهى به أمه أمام الجميع. ولكم أن تتساءلوا كيف سيشب هذا الولد المعتاد على الغش وبتواطئ من أمه التي تدفعه إلى ذلك دفعا لا تدري أنها بفعلتها هذه تضره أكثر مما تنفعه، وتخدعه كما تخدع نفسها فقد يحصد أعلى الشهادات لكنها شهادات فارغة لا قيمة لها، عقيمة، ثم هل سيصير هذا التلميذ رجلا يتحمل مسؤولياته ويربي أولاده التربية الصحيحة في المستقبل؟ أم سينهج نهج أمه ويظلمهم كما ظلمته؟ وماذا لو قام هذا الفتى بغش أمه في يوم من الأيام، كيف ستلومه وقد كانت له بمثابة المدرسة في الغش؟ وللّه في خلقه شؤون. ------------------------------------------------------------------------