تحتضن العاصمة الفرنسية باريس ابتداء من يوم الجمعة وعلى مدار يومين قمة حول القارة الإفريقية تحمل عنوان "قمة الإليزيه من أجل السلام والأمن في إفريقيا"، بمشاركة حوالي 40 رئيس دولة وحكومة من بينهم الوزير الأول عبد المالك سلال ممثّلا لرئيس الجمهورية وحسب قصر الرئاسة الفرنسية فقد وجّهت الدعوة إلى جميع البلدان الإفريقية للمشاركة في القمة، غير أنّ بعضها لا يمكن أن تمثل على المستوى الرئاسي مثل مصر التي علّق الإتحاد الإفريقي عضويتها مؤقّتا منذ عزل الرئيس محمد مرسي، ونفس الشيء بالنسبة لمدغشقر وغينيا بيساو بسبب الانقلاب العسكري. والسودان وزيمبابوي بسبب ملاحقة رئيسيها من قبل الجنائية الدولية. قمة الإليزيه حول الأمن والسلام في القارة الإفريقية تعدّ الأولى من نوعها منذ مجيء هولاند، وتأتي لتعوّض ما كان يسمّى ب "قمة فرنسا إفريقيا" في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي. جدول أعمال القمة يتكوّن من شقين، أمني ويطرح في اليوم الأول حيث سيتم تناول ملف "السلام والأمن في إفريقيا" وتركّز خصوصا على "المبادرات الإفريقية لإحلال السلام والأمن في ربوع القارة، وسبل مساهمة باريس في ذلك سواء على المستوى الثنائي أو الجماعي". وكذا القضايا المتعلقة بالأمن في القارة الإفريقية خاصة مواجهة الإرهاب والقرصنة البحرية وتأمين الحدود، إلى جانب "تشكيل قوة إفريقية للتدخل السريع وكيفية مساهمة فرنسا فيها". والشق الثاني اقتصادي ويبحث في اليوم الثاني تحت عنوان كبير ومثير "الشراكة الاقتصادية والتنمية"، حيث سيتم بحث طرق تعزيز التنمية الاقتصادية والشراكة في هذا المجال بين فرنسا والبلدان الإفريقية، في ظل حاجة إفريقيا الملحة للتنمية والنمو من أجل ضمان استقرار دول القارة. كما يتم تناول ملف التغيرات المناخية، وذلك في سياق المؤتمر الدولي الذي ستستضيفه فرنسا في سنة 2015 حول التغيرات المناخية. وإذا ما توفّرت الإرادة الحقيقية فإنّ طرح هذا الملف سيدفع حتما بالنقاش إلى إجراء تقييم حقيقي لسياسات وبرامج التضامن، وكيفيات تسهيل سفر وتنقل المتعاملين الاقتصاديين بين قارتي أوروبا وإفريقيا، وكذا الدور الهام الذي يمكن أن يقوم به التعليم العالي والتدريب المهني وفتح الشراكات بين الجامعات في هذا الإطار. القمة ستسبقها ثلاثة اجتماعات تحضيرية، يعقد الأول بمشاركة حوالي 500 مسؤول من ممثلي الشركات الفرنسية والإفريقية ومدراء المؤسسات المالية وممثلين عن المنظمات الإفريقية. والاجتماع الثاني يخصّص لمناقشة موضوع "الابتكار" الذي يعد أساسا لمواجهة التحديات التي تحول دون تحقيق التنمية المستدامة، أما الاجتماع الأخير فيهدف إلى تشديد آليات وطرق مكافحة "تهريب الأفيال". التئام قمة فرنسية إفريقية في السياق الدولي والقاري الراهن لن يكون فقط من أجل بحث كيفية تمكين دول القارة السمراء من إرساء الأمن على ترابها عبر تحديد آليات صد خطر الجماعات المسلحة الجهادية والإجرامية كما هو معلن، فهناك أهداف أخرى غير معلنة نلتمسها في تزايد اهتمام فرنسا بمستعمراتها السابقة في المنطقة، لذلك يمكن الجزم بأنّ باريس منظّمة القمة ستفرض طرح ملفين محددين في جدول الأعمال. الأول يتعلق بالوضع في جمهورية إفريقيا الوسطى، حيث تعمل فرنسا بقوة من أجل استصدار قرار أممي يجيز التدخل العسكري في هذه الجمهورية الغارقة في اقتتال طائفي حاد يضعها على مشارف إبادة جماعية، حيث تعوّل على انتزاع موافقة مجلس الأمن الدولي هذه الأيام على مشروع القرار الذي تقدّمت به تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، ما يعني أنّ هولاند ينظّم هذه القمة من أجل حشد التأييد الإفريقي الكفيل بتسهيل تبني مشروع القرار الذي ينص على استخدام القوة، وعلى تعزيز القوة الإفريقية المتواجدة في العاصمة "بانغي" وتحويلها إلى قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة. فقد برمج نزيل الإليزيه تنظيم قمة مصغّرة حول الوضع في جمهورية إفريقيا الوسطى يوم السبت في ختام القمة الفرنسية الإفريقية، يشارك فيها زعماء الدول المجاورة لهذا البلد وممثلون عن هيئتي الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي، بهدف مناقشة سبل تنفيذ القرار الأممي المرتقب حيث تعتزم باريس نشر 1000 جندي هناك. الملف الثاني يخص الوضع في جمهورية مالي التي لا تزال تحبو على مسار بناء مؤسساتها وبسط هيبة الدولة على كافة تراب الجمهورية، حيث نجحت بعد التدخل العسكري الفرنسي في دحر الجماعات الإرهابية إلى خارج مدن شمال البلاد، وفي انتخاب رئيس جديد ومجالس محلية، إلاّ أنّ العملية السياسية فشلت في إيجاد حل توافقي لمعضلة الطوارق في الشمال، والذين عادوا منذ أيام قليلة فقط لإعلان الحرب مجدّدا على القوات الحكومية، حيث يتمسّكون بمطلب الحكم الذاتي لمدن الشمال كأساس لأي حل توافقي، وهو ما ترفضه حكومة باماكو شكلا ومضمونا. وبدرجة أقل ستتناول محادثات القمة الأوضاع في بعض دول شمال إفريقيا على غرار ليبيا التي لا تزال ترزخ تحت وطأة الفلتان الأمني، الناتج عن تعطيل إرساء مؤسسات الدولة بسبب اتساع نفوذ الجماعات المسلحة التي ترفض إلقاء السلاح منذ انتهاء ثورة 17 فبراير. وتونس التي عجز الفرقاء السياسيون فيها عن الاتفاق على هوية رئيس حكومة جديد يشرف على تنظيم انتخابات عامة في البلاد، وحتى مصر التي لا تزال تتقاذفها أمواج المرحلة الانتقالية منذ عزل الرئيس محمد مرسي. —————— على هامش القمة مؤتمر حول العنف` الجنسي ضد المرأة في مناطق النزاعات
ينظّم على هامش القمة الفرنسية الإفريقية بباريس بعد غد الجمعة مؤتمر حول العنف الجنسي ضد المرأة في مناطق النزاعات بمبادرة من سيدة فرنسا الأولى، ومشاركة حوالي 30 سيدة أولى. المؤتمر يسعى إلى تعزيز ورفع مستوى الوعي بظاهرة العنف الجنسي ضد المرأة في مناطق النزاعات خاصة بإفريقيا، ودعوة البلدان إلى الحرص على ضمان مقاضاة الجناة ومعاقبتهم. فاغتصاب النساء أصبح بمثابة "سلاح حرب" في العديد من مناطق العالم، حيث عرّفت المحكمة الجنائية الدولية هذا الفعل بأنّه جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية،. ومعلوم أنّ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لديه إطار في هذا الصدد يحمل عنوان "المرأة والسلام والأمن"، لذلك فإنّ التحدي يتمثل في دفع التعاون استنادا إلى قرار 21-06 الذي يتناول تحديدا العنف الجنسي والقرار 21-22، الذي اعتمد شهر أكتوبر الماضي بشأن تعزيز مشاركة المرأة في منع وحل النزاعات.