الكثير يجهل أنّ مجاهدي الولاية الثانية شاركوا في مظاهرات ال 11 ديسمبر 1960 بترديد أناشيد تندّد بالاستعمار وتمجّد بطولات الشهداء، فلم يمنعهم القصف وتشديد الرقابة الاستعمارية بالمحتشدات من مواجهة دبابة العدو. هذه شهادة لضابطة جيش التحرير الوطني بالولاية الثانية خديجة بلقمبور ل «الشعب» وفقا لتعليمات عبد القادر بوشريط ضابط في الصحة، ومختار بوشعور رحمهما الله فإن فرحات عباس أمرهم من تونس بأن ينظموا مظاهرات بالولاية الثانية، ردا على تصريحات الجنرال ديغول، الذي يدّعي أنّه قضى على مجاهدي المنطقة، وأنّ بقية الشعب الجزائري يساند سياسيته. وأضافت خديجة بلقمبور ل «الشعب» أنّها قامت رفقة المجاهدات بولقبول خديجة، بوحبيلة يامنة بتجميع نساء القرى المجاورة وأبناء المنطقة الثورية، حيث جمعت حوالي خمسين امرأة ثم توجّهن نحو الثكنة العسكرية بالمكان المسمى المحارقة، لأنه لا يوجد أبناء الشعب كلهم وضعوا في المحتشدات. وقالت بلقنبور أيضا أنّهن كن يهتفن بنشيد خاص بال 11 ديسمبر رافعين العلم الوطني والذي مفاده: «يا اللّي تحب لا فريك دو نور (أي شمال إفريقية)، شاركنا في الوطنية، بن طوبال وعبد الكريم هما اللّي يجيبوا الحرية، درابونا(أي علمنا) نجمة وهلال، شاركنا في الوطنية، دربونا نجمة وهلال وجندنا نساء ورجال، ولا مكفاش الحال نزيدو معنا الذرية (الأطفال)». ونشيد آخر يقول «الحنة والزغاريد على الجندي، الحنة والزغاريد عليه، الشهيد في الجنة يتنعّم والملائكة تعس (تحرس) عليه». ونشيد آخر «الجزائر حرة وفرنسا برة (خارجا)»، لإظهار أنّ الشعب الجزائري يرفض الاستعمار، مؤكدة بأن كل ما قاموا به ما يزال موثقا في دائرة العنصر. وواصلت المجاهدة حديثها قائلة أنّه ردّا على مسيرتهن قام الجنود الفرنسيون برمي القنابل المسيلة للدموع على المجاهدات، وبعد أن فهم الفرنسيون ما ترجمه لهم الحركى من معاني الأناشيد، وأنه بالرغم من مخطط شال إلا أن مناضلي جيش التحرير ما زالوا يحاربون، أطلقوا عليهن الرصاص الحي، مما أدى بهن إلى الفرار، مشيرة إلى أن مجاهدي جيش التحرير كانوا يحرسونهن من وراء الجبال. وحسب شهادتها فإن مسئولي الولاية عارضوا خروجهن في مسيرة باتجاه ثكنة الجيش الفرنسي، خوفا من أن يلقى عليهن القبض. وقد جرحت بعض المجاهدات في هذه المظاهرات منها عيشة فرغول، فاطمة بوشلوي ولحسن الحظ نجت بعض المجاهدات، ونفس المسيرة قامت بها في الميلية والولايات المجاورة مثل عائشة جعفر، حفيظة بريوات، بنات بوفياية، كما اندلعت مظاهرات بالمحتشدات بقسنطينة، وكانت فيها فاطمة حربي المسماة فاطمة المخلصة، يامنة بن حبيلس، قمرة بن حيمر، الذين ذهبوا إلى مركز المحتشد بالعوانة في جيجل وهن يرددن الأناشيد الوطنية، حيث خلّفت المظاهرات ضحايا مدنيين منهم بوشية، بلهامل شريفة، بلهامل محمود الذين يتراوح سنهم من ال 14 إلى 15 سنة. وأبرزت في هذا السياق، المجاهدة بلقمبور أنّ مجاهدي جيش التحرير بالجبال لم يسمعوا بمظاهرات ال 11 ديسمبر التي اندلعت بالمدن، كون لا يوجد صحافة بالمنطقة المحرمة، فقط القصف الجوي والدبابات. وانتهزت محدثتنا الفرصة لتهنئة طاقم جريدة «الشعب» من صحافيين وتقنيين، وتمنياتها في الارتقاء بالجريدة واستكمال مسيرة الشهداء، قائلة: «اسم الجريدة رائع ويعكس نضال أجيال، وأقول للجميع لا تفشلوا وواصلوا المسيرة»، مبدية أسفها أنّها لا تقرأ باللغة العربية.