شكلت الندوة التاريخية حول "مساهمة المرأة الريفية في ثورة التحرير المظفرة" يوم الخميس بميلة بمبادرة من الجمعية الوطنية مشعل الشهيد فضاء كبيرا "لاستعادة الذاكرة و المشاعر الجياشة الناجمة عن شهادات حية وصادقة جسدت كفاح ومساهمة المرأة" حسبما صرح الحاضرون في هذا اللقاء. وقد اندرجت هذه الندوة التي حضرها عدد هام من المسؤولين محليين والمهتمين بتاريخ الجزائؤ وكذا طلبة الثانويات بمقر متحف المجاهد بميلة في إطار الأسبوع الثقافي التاريخي الثالث عشر للجمعية في الفترة من 12 إلى 21 فبراير الجاري كما أوضح رئيس الجمعية السيد محمد عباد. وكان لكلمات قصيرة وشهادات قدمتها المجاهدات خديجة بلقمبور والمجاهدتين دايخة و يمينة عن حياتهن في جبال جيش التحرير إبان الثورة مفعول السحر في إثارة اهتمام الحاضرين الذين جمعتهم الندوة. وقد استرجعت المجاهدات الحاضرات بعفوية كبيرة رغم ما لحق الذاكرة من نسيان بفعل السنين وقائع من سنين الجمر و الكفاح في دروب الحرية عبر الجبال و الوهاد. وتحدثت بالمناسبة المجاهدة خديجة بلقنبور التي كانت ضمن مجموعة من الثوار في محور الملية-سيدي معروف إلى منطقة بني هارون عن "الظروف الصعبة التي عشنها في مراكز جيش التحرير الوطني وعما ألحقه جنود جيش التحرير الوطني من خسائر في صفوف العدو الفرنسي وعن المعاناة في فصل الشتاء جراء الثلوج ونقص الغداء في بعض الأحيان ما كان يؤدي في بعض الأحيان إلى أكل العشب الأخضر عند الجوع أو ارتداء لباس موتى في حال البرد". ووصفت المجاهدة ذاتها بنات الريف اللواتي انخرطن في الثورة بأنهن "كن بأخلاق النساء ولكن بمواقف الرجال الشجعان" مشيرة إلى أن عدد المجاهدات في الولاية التاريخية الثانية بلغ في المجموع زهاء 530 مجاهدة أغلبهن من النساء الريفيات. وفي مشهد جد مؤثر أسال دموع الحاضرين لم تتردد المجاهدة الحاجة دايخة من القرارم في ترديد أغنية معروفة بالجهة تتغنى بشهداء الجزائر الخالدين وبمعاناة الشعب من أجل استرجاع السيادة الوطنية و العزة والكرامة. أما الحاجة يمينة من فرجيوة فقد دعت الحاضرين من الشباب إلى صون الجزائر و المحافظة عليها إذ أن استقلالها -كما أضافت- "لم يأت اعتباطا وإنما كان نتاج تضحيات الرجال و دماء الشهداء". و ألقى بالمناسبة أيضا المجاهد محمد بن داس الأمين العام الولائي للمنظمة الوطنية للمجاهدين محاضرة قيمة حول تاريخ ومساهمة المرأة الريفية بولاية ميلة في الثورة التحريرية المظفرة ضمنها نماذج حية عن نساء جبليات وريفيات قدمن أرواحهن قربانا على مذبح الحرية كمجاهدات رفضن حياة الذل الاستعمارية. ومن أكثر مواضع الإشادة بدور المرأة في الثورة عند الأستاذ بن داس مساهمة أزيد من 500 امرأة من "خنساوات الجزائر" كما يسميهن بالشهداء فلذات أكبادهن على غرار المرحومة المجاهدة فطيمة خطابي من دوار أولاد القايم أم الشهداء السبعة أولهم الشهيد مغلاوي مسعود سقط في 21 ديسمبر1954. وأحصى المحاضر أكثر من 50 شهيدة كانت تجاهد بالسلاح وبعضهن كتبت لهن الحياة في الاستقلال مثل المجاهدة الزهرة بن ملة. وكان من بين الحاضرين في الندوة إلى جانب شباب الثانويات والي الولاية الذي عبر عن إشادته بهذه الشهادات الحية التي تلقي الضوء على جوانب هامة من تاريخ الثورة في ذكرى خمسينية الاستقلال وكذا رئيس جمعية مشعل الشهيد محمد عباد الذي نشط في اليومين الأخيرين ندوتين تاريخيتين الأولى بالجزائر العاصمة أمس الأربعاء حول التفجيرات النووية بمنطقة رقان و الثانية حول المرأة الريفية ودورها في الثورة. وتم في نهاية الندوة تكريم المجاهدات الثلاث كعرفان لواجب الذاكرة وبدورهن في تحقيق الاستقلال الوطني.