قسنطيني: 150 حكم بالإعدام يصدر سنويا في الجزائر ولا ينفذ كشف فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الانسان وحمايتها، عن 150 حكم بالإعدام سنويا يصدر في حق المجرمين في الجزائر، بالرغم من عدم تنفيذ هذه الأحكام، ويرى انه لا مبرر لاستمرار إصدارها ، ما جعله يدعو صرحة الى الغاء هذا الحكم واستبداله بالسجن المؤبد. عدة مبررات قدمها فاروق قسنطيني لمطلبه بإلغاء الحكم بالإعدام في الجزائر، الذي أعلن عنه، أمس، خلال المؤتمر الإقليمي الذي تناول بالنقاش إشكالية عقوبة الإعدام «رؤية إقليمية عربية: مواقف مؤسسات المجتمع المدني» الذي نظم بنزل «الهلتون»، من بينها السرعة في اتخاذ مثل هذا الحكم «القاسي» والنطق به، حيث هناك من 4 الى 5 قضايا تتعلق بجرائم تعالج يوميا في المحاكم الجنائية، في حين أن في الدول الأوربية يخصص يومين على الأقل لدراسة قضية واحدة من هذا النوع. وأكد قسنطيني في تصريح للصحافة على هامش المؤتمر، أن الهدف من اللقاء ، فتح نقاش حول عقوبة الإعدام، « التي نريد إلغاءها « ويرى أن السجن مدى الحياة أكبر عقوبة للجاني، مشيرا الى أن 18 حالة يمكن النطق فيها بحكم الإعدام، مبرزا « اننا نناضل من أجل إلغاء الحكم عليها جميعا، واذا لم نستطع نترك حالة وحيدة ، والمتعلقة بالجرائم التي ترتكب في حق الاطفال». وتأتي دعوة قسنطيني في الوقت الذي أبقى قانون العقوبات الذي نوقش بالمجلس الشعبي الوطني، وتباينت آراء النواب حوله، خاصة فيما يتعلق بحكم الإعدام فمنهم من دعا صراحة لإلغائه ومنهم من طالبوا بإبقائه، بل بتنفيذه في حق المجرمين الذين اقترفوا جرائم قتل في حق البراءة، وهو نفس الاتجاه الذي ذهب اليه رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان. واذا كان الإبقاء على حكم الإعدام في حالة قتل الأطفال يمكن غض الطرف فيها بالنسبة لفاروق قسنطيني، إلا أن الرأي مختلف بالنسبة للأستاذة المحامية بن براهم، التي اكدت في تصريح لها على الهامش بأنه لا يمكن التأكد من أن «الإعدام حكم عادل، حتى وان اصدر ضد مرتكبي جرائم ضد الأطفال، مشيرة الى ان « الإعدام سلاح خطير في يد القضاة». ويشاطرها في الرأي، بوجمعة غشير، رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان الذي صرح ل « الشعب»، أن من مبررات طلب إلغاء حكم الإعدام « الخطأ القضائي»، غير أن هذا الهدف ما يزال بعيد المنال، لأنه يتطلب استشارة المجتمع ، خاصة بعد تنامي ظاهرة خطف وقتل الاطفال، ولقاء مع المختصين في هذا المجال بالإضافة الى رجال الدين، لأن المبرر الذي يقدمه هؤلاء هو ان القصاص جاء في الإسلام . وفيما يتعلق بالقصاص قال الاستاذ غشير «بات أغلب رجال الدين يعتقدون كما قال بأن القصاص هو القتل، في حين أنه يمثل منظومة كاملة ويعتبر هذا الأخير أحد جوانبها»، مفيدا بأن المنظومة القضائية بمجرد ان تطلب الدية ، يسقط طلب القصاص، واذا طبق ذلك، فإن الجاني يغادر السجن، بمجرد ان يتحصل أهل القتيل عليها . وبالنسبة للأستاذ ميلود براهيمي، رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان ( سابقا )، فإن إلغاء حكم الإعدام ليس مطلبا شعبيا في ظل الجرائم التي أصبحت ترتكب في حق الاطفال، وبالتالي فإن هذا الحكم يبقى يصدر ضد مرتكبي الجرائم في الحالات التي ينص عليها القانون، إلا أن الجزائر ستضطر لإلغاء هذا الحكم مستقبلا، مواكبة لما يحدث في العالم من تطورات في مجال حقوق الإنسان. أما مدير الأبحاث والاتصال في المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي، الهيثم الشلبي، فإنه يرى أن شروط الحكم بالإعدام كما جاء في الاسلام «شبه مستحيل التحقيق»، لأن الدين الحنيف مبني على العفو الذي هو أقرب للتقوى، وبالرغم من ذلك، نجد كما أضاف دول إسلامية وعربية ما تزال «تطبق حكم الإعدام». والمطالبة بإلغاء حكم الاعدام لا يعني تبرير الجريمة والوحشية على حد تعبيره وإنما لحماية المجتمعات وسلامتها، لأنه «لا يبرر القتل بالقتل»، خاصة وأن الإحصائيات التي قدمها تشير الى أن 8 بالمائة من الأشخاص الذين أعدموا على مستوى العالم، ثبتت براءتهم بعد تطبيق الحكم عليهم، مبرزا بأن «القتل باسم القانون لا يمثل العدل والإنصاف، كما أن مجتمعاتنا ليست مجتمعات انتقام ولا نملك هذه الثقافة». وأكد في سياق متصل، أنه ليس من العبث ان يعقد هذا المؤتمر في الجزائر، التي علمت الآخرين معنى العدالة والإنصاف، من خلال المصالحة الوطنية والعفو الشامل، وأن الحرية لا يعوضها شيء. وتجدر الإشارة، إلى أنه تم خلال هذا المؤتمر الذي يدوم يومين تشكيل ورشات عمل، يتم خلالها عرض تجارب الدول في مجال الحد من عقوبة الاعدام، منها التجربة الجزائرية والتجربة اللبنانية، بالإضافة الى إبراز واقع حركة مناهضة عقوبة الاعدام في العالم العربي.