رافع رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني لصالح إلغاء حكم الإعدام من قائمة العقوبات المنطوق بها من قبل القضاء الجزائري، متهما هذا الأخير بعدم المهنية والتسرع في إصدار أحكام قضائية قد تكون ظالمة لأبرياء على غرار حكم الإعدام. واعترض قسنطيني خلال إشرافه أمس على افتتاح الندوة الإقليمية والعربية أن السجن المؤبد بديل كاف للإعدام استمرار محاكم الجنايات الجزائرية في النطق بحكم الإعدام، مضيفا أن السجن المؤبد يعتبر بديلا كافيا لعقوبة الإعدام، التي لم تعد مقبولة قانونيا وإنسانيا. وأوضح قسنطيني أن لجنته تسعى لتخفيض عدد الحالات المنطوق فيها بحكم الإعدام والمقدرة حاليا ب18 حالة، إلى حالة واحدة استثناء متعلقة بجريمة قتل الأطفال، معاكسا بذلك الكثير من الأصوات لحقوقيين وبرلمانيين وكذا أحزاب سياسية وجمعيات مجتمع مدني، تطالب برفع التجميد عن تنفيذ حكم الإعدام الذي أصبح مجرد حكم شفهي تنطق به المحاكم الجزائرية دون أن تطبقه، بالنظر إلى توقيعها ولو بتحفظ على اتفاقيات دولية تحظر حكم الإعدام. وتسعى عدة أطراف إلى إعادة تنفيذ هذا الحكم الذي ترى فيه أطراف أخرى حكما يتعارض وأهم مبدأ لحقوق الإنسان ألا وهو الحق في الحياة، وتعتبر جرائم اغتصاب واختطاف وقتل الأطفال التي وجدت لها طريقا في المجتمع الجزائري، أهم القضايا التي يرافع الكثير من أجل تنفيذ حكم الإعدام في حق مقترفيها. وفي السياق ذاته استغرب المتحدث كيف أن مساجين منطوقا بالإعدام في حقهم لا يزالون في السجون، بالرغم من توقيفهم منذ سنوات تعود إلى العشرية السوداء. وأضاف أن المحاكم الجزائرية نطقت في حق 130 إلى 150 شخصا بحكم الإعدام خلال السنة الماضية، في ظروف لا يمكن تقبلها لأن هؤلاء قد يكونون أبرياء حسبه. ومن جهته اعتبر رئيس الرابطة الجزائرية لحماية حقوق الإنسان، بوجمعة غشير، أن النظرة الدينية إلى عقوبة الإعدام تشكل أكبر تحد يواجه المرافعين من أحل إلغائها، حيث يعتقد رجال الدين أن القصاص يعني القتل. كما أعاب على القضاء الجزائري عدم السماح لأولياء الدم أو الضحية باختيار العقوبة التي يرونها مناسبة. وبدوره أشار الحقوقي ميلود براهيمي إلى أن عقوبة الإعدام حكم ظالم، والمطالبة بإعادة تفعيله غير منطقية وتتعارض ومبادئ حقوق الإنسان، خاصة أن العديد من دول العالم ألغت حكم الإعدام، حتى إذا تعلقت بجرائم بشعة في حق الإنسانية على غرار قتل الأطفال والنساء واغتصابهم والتنكيل بهم وتعذيبهم. كما أكد المتحدث أن "حكم الإعدام غير مقبول إذا ما نظرنا إلى الأخطاء القضائية التي تقع فيها المحاكم الجزائرية"، مضيفا أن "الأمور لا تبعث على التفاؤل للحصول على إلغاء تنفيذ عقوبة الإعدام". وهو ما ذهب إليه المشاركون في هذه الندوة التي تستمر يومين، وعلى رأسهم أساتذة وحقوقيون من فرنسا، الأردن، العراق، تونس، المغرب ودول عربية أخرى. وتأسف الحاضرون لعدم انضمام الجزائر والتصديق على اتفاقية روما أو النظام الأساسي المنشئ لمحكمة العدل الدولية.