نظمت، أمس، الجمعية الوطنية للاقتصاديين والاجتماعيين ندوة حول «الربيع العربي» الحصيلة الأولية الاقتصادية والاجتماعية، نشطها البروفيسور، ووزير المالية السابق السيد عبد اللطيف بن اشنهو، قيم من خلالها واقع الدول التي شهدت «انتفاضة « مثلما يفضل المحاضر تسمية ما حدث في بعض البلدان العربية ولاسيما في كل من تونس ومصر وليبيا وأضاف إليها المغرب الذي شهد صعود الإسلاميين إلى الحكم، على خلفية نفس الأحداث التي عصفت ببعض الأنظمة، وأتاحت للتيار الإسلامي أن يحل محلها عن طريق الانتخابات. في تحليله الأكاديمي حول ما وصفه بالإرث الذي خلفه رحيل الأنظمة المنتفض عليها، أوضح بن اشنهو أن الأوضاع الاقتصادية كانت في أسوء حالاتها في مختلف القطاعات الاقتصادية، من حيث تراجع الصادرات والاستثمارات الخارجية و غياب الحوكمة في التسيير والتنظيم وأزمة اجتماعية شملت كل شرائح المجتمع وتفشي البطالة في صفوف الشباب بالدرجة الأولى وتذمر المستثمرين والمقاولين من سيطرة السياسي على حركية الاستثمار و التدفق الخارجي، وما وصفه الوزير السابق بالتضييق الذي مس النخبة في مجتمعات هذه الدول وأجبرها على الرحيل ومغادرة أوطانها. أمام هذا الوضع المزري لم يجد الإسلاميون أية صعوبة للوصول إلى الحكم، لكنهم عجزوا عن توفير أبسط الحاجيات التي من أجلها حدثت الانتفاضة وهنا يعتبر المحاضر أن التيار الإسلامي ليس بإمكانه تقديم أي شيء وأن موقفه هذا ليس سياسيا وإنما تحليليا، وأرجع ذلك إلى عدة أسباب أبرزها ضعف القدرة السياسية وغياب الكفاءة في التسيير وتبعات الأزمة الاقتصادية العالمية وخضوع الأنظمة الإسلامية الحاكمة في هذه الدول إلى التمويل الخارجي في محاولتها لبعث الاقتصاد الذي يوجد في حالة انهيار تام. وعن الآفاق المستقبلية فإن بن اشنهو يراها في غاية الصعوبة والتعقيد لافتقاد التيار الإسلامي إلى الكثير من المقومات التي تسمح له بتلبية طموحات الجماهير العربية التي ثارت ضد الأنظمة المنقلب عليها، معتبرا أن الدول العربية حاليا تفتقد إلى سياسة اقتصادية بمعناها الحقيقي و أن الشعوب العربية التي لا تمثل سوى 200 مليون نسمة و أن هذا العدد لا يعني شيئا أمام تعداد عالمي يفوق 6 مليار نسمة بما فيه شعوب الدول الناشئة التي خصها المحاضر بكتاب جديد أصدره مؤخرا وأحضره معه للإشهار مثلما كان يفعل عندما كان وزيرا للمالية، حيث لم يكن يفوت فرصة تنقلاته عبر الولايات لتقديم آخر إصداراته.