أولى رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، اهتماما بالغا بقطاع الموارد المائية من خلال المخططات الخماسية المتعاقبة للتنمية، بغية تعزيز منسوب الجزائر من المياه، خاصة وأن بلادنا عانت الكثير في السنوات الماضية من ظاهرة الجفاف. وتجسد هذا الاهتمام في تعزيز شبكة السدود الوطنية، حيث تضمن المخطط الخماسي الأخير إنجاز 35 سدا و25 منظومة لتحويل المياه، واستكمال محطات تحلية مياه البحر الجاري إنجازها، من خلال رصد أغلفة مالية معتبرة على مراحل متعاقبة، في رؤية واضحة واستشرافية لضرورة التحكم في هذا العامل المهم الذي يؤثر بصفة مباشرة على عجلة التنمية بالجزائر في مختلف القطاعات، فكانت البداية بكسب رهان سد بني هارون بميلة، ليليه سد كودية أسردون بالبويرة. ويمثل سد كودية أسردون بالبويرة، ثاني أكبر السدود الجزائرية بعد بني هارون، أحد أهم الانجازات والمشاريع الكبرى والمدرجة ضمن المخطط الخماسي، التي سيتدعم بها قطاع الموارد المائية ببلادنا قريبا، من حيث المساحة والسعة ويزود أربع ولايات منها تيزي وزو، البويرة، المدية والمسيلة، أي حوالي مليون ونصف نسمة. وتبلغ سعة استيعاب سد كودية أسردون 640 مليون متر مكعب ومتوسط مساهمة سنوية قدرها 178 مليون متر مكعب و13 محطة ضخ، لتوفير مياه الشرب لحوالي 1.5 مليون نسمة في الولايات البويرة، تيزي وزو، المدية والمسيلة وكذلك الري ل19 ألف هكتار بيسر ومتيجة. وتم وضع مخطط تحويل مياه كودية أسردون لتموين المناطق الداخلية على ثلاث مراحل في إطار سياسة العمل التي تم إدراجها ضمن نظام التحويلات الكبرى للمياه، والتي باشرت مديريات الموارد العمل به منذ جويلية 2013، قصد تغطية العجز الحاصل والمسجل في أغلب المناطق الداخلية، خاصة فيما يتعلق ببرنامج التموين بالمياه الصالحة للشرب، مع العلم أن معدل التقدم في الإنجاز وصل الى 90 من المئة ولم يتبق سوى آخر الرتوشات. وتمثلت في المحور الأول المنتهي في 2010 والموجه لتزويد حوالي 360 نسمة في المناطق الحضرية ب26 مليون متر مكعب/السنة من مياه الشروب بكل من الأخضرية، ذراع الميزان، بوغني وواضية على مسافة 34 كلم، بالإضافة الى توفره على محطة معالجة بقدرة 346 ألف متر مكعب/اليوم، وحجم تحويل ب101 مليون متر مكعب في السنة، و4 محطات ضخ. بينما تبلغ منشآت التخزين بالأخضرية 10 آلاف متر مكعب، ذراع لميزان 8 آلاف متر مكعب، بوغني 16 ألف متر مكعب وواضية والقادرية ليتم تحول المشروع للاستغلال بداية سبتمبر 2011. أما المحور الثاني فيمر بسور الغزلان، سيدي عيسى، عين لحجل، بطول 120 كلم، حيث من المنتظر أن يزود 320 ألف نسمة ب21 مليون متر مكعب/السنة، غير أنه سيتم استكمال آخر الأشغال بالبلديتين الأخيرتين على مسافة 4.5 كلم، حيث ينتظر أن يتم تزويدهما بالمياه نهائيا نهاية شهر فيفري الداخل أو مع بداية مارس الداخل، كما يتوفر هذا المحور على حجم تحويل ب21 مليون متر مكعب/ السنة و4 محطات ضخ. وتم إنجاز ست منشآت تخزين، بعين شريكي بقدرة استيعاب 5 آلاف متر مكعب، وكذلك الأمر بفايد اللوز، وسور الغزلان 12 ألف متر مكعب، وسيدي عيسى 10 آلاف متر مكعب وعين لحجل 12 ألف متر مكعب، ناهيك عن ممر ديراح. أما المحور الثالث فيزود 820 ألف نسمة بالمياه الصالحة للشرب للمراكز الحضرية بكل من تابلاط، بني سليمان، البرواقية، قصر البخاري وبوغزول بطول 198 كلم. ويتوفر هذا المحور على حجم تحويل 52 مليون متر مكعب/السنة، وثلاث مضخات، ناهيك عن منشآت تخزين بالكروشة وقصر البخاري بطاقة استيعاب 18 ألف متر مكعب، العمرية 10 آلاف متر مكعب، وبالبرواقية وبوغزول 20 ألف متر مكعب، وبتابلاط وبني سليمان. رؤية مستقبلية لتلبية الحاجيات دون رهن حق الأجيال القادمة وسمحت هذه الرؤية الاستشرافية، التي تجسدت عبر مختلف مخططات التنمية الخماسية، بتحقيق عديد الانجازات على مستوى قطاع الموارد المائية، فمنذ نهاية سنة 2000 اعتمدت الدولة مجموعة من البرامج والمشاريع المستقبلية لقطاع الموارد المائية بهدف الرفع من حجم الاحتياطي إلى 5.8 ملايير متر مكعب قبل نهاية 2013 وأطلقت في الخماسي الثاني استثمارات تراوحت بين 15 و16 مليار دولار، لتنمية القطاع وضمان جودة عالية من المياه للجزائريين. وتم في هذا الاطار، بناء 19 سدا جديدا واستكمال برنامج بناء 15 محطة لتحلية مياه البحر بطاقة 3.2 مليون متر مكعب، بهدف تأمين الماء الصالح للشرب للجزائريين بشكل نهائي. كما أطلقت السلطات العمومية دراسات لتحويل 600 مليون متر مكعب في السنة من المياه الجوفية للصحراء الكبرى نحو السهول الشمالية لتنمية الفلاحة وتحسين توزيع المياه الصالحة للشرب، ومن ذلك إنجاز أنبوب نقل المياه لربط مدينة تمنراست الجنوبية بمدينة عين صالح عبر 740 كيلومتر. وإلى جانب ذلك، تم برمجة 50 محطة لتحلية مياه البحر وتوريد المياه النقية، وكان من إنجازات هذه المشاريع الضخمة، تدشين إحدى أكبر محطات تحلية مياه البحر في إفريقيا محطة الحامة في العاصمة. تحقيق الأمن المائي وتعزيز قدرات التخزين تأتي مثل هذه المشاريع كون الموارد المائية في الجزائر تكتسي طابعا استراتيجيا في مسار التنمية الشاملة للبلاد لارتباطها الوثيق بالتنمية المستدامة، ما يجعل من الماء موردا نادرا وثمينا يحتم علينا ترشيد استعماله لتلبية حاجيات السكان والاقتصاد الوطني دون رهن حاجيات الأجيال القادمة. وبالنظر للمشاريع المحققة، تأكد أن بلادنا تخطت مشكل ندرة المياه، وأنها بصدد تحقيق الأمن المائي، ومواصلة تدعيم قدرة التخزين، حيث تملك الجزائر حاليا 70 سدا، في حين هناك 14 سدا آخر قيد الانجاز و23 سدا مبرمجة في الخماسي 2015 - 2019. وينتظر أن يصل عدد السدود المستغلة بالجزائر سنة 2030 حوالي 139 سد، مما سيمكن ضمان تعبئة بقدرة إجمالية تقارب 12 مليار متر مكعب في حين وصلت إلى غاية 13 جانفي من السنة الجارية 70.29 من المئة، أما سد كودية أسردون فقدرت نسبة التعبئة به 67.68 من المئة.