على الرغم من توفر الجزائر على احتياطي هام من المحروقات قدر في سنة 2013 ب 550 مليون طن معادل نفط حسب الأرقام الرسمية لوزارة الطاقة والمناجم، مما يمثل ثلاثة أضعاف ما أنجز في سنة 2012، وعلى موارد غير تقليدية تتراوح احتياطاتها ما بين 25 ألف و30 ألف مليار متر مكعب للغاز و6 إلى 10 مليار برميل من النفط، إلا أنها تسعى إلى تنويع آخر لمصادر الطاقة من خلال البرنامج الذي أعد للانتقال نحو نموذج طاقوي يعتمد على الطاقات المتجددة. الإعتماد على الطاقات المتجددة لتلبية الحاجات الداخلية الأساسية الملّحة كتوفير الكهرباء الذي عرف زيادة كبيرة في الطلب عليه وكذا الخارجية والموجهة نحو التصدير من شأنه المساهمة في التحرر من التبعية المفرطة للنفط والغاز، خاصة وأن الجزائر تملك قدرات هامة في هذا المجال من طاقة شمسية التي تعد من بين أكبر الودائع الشمسية في العالم موزعة بالأساس في كل من الصحراء ب 86 في المائة منها و10 في المائة في الهضاب العليا و4 في المائة في المناطق الساحلية. حسب البرنامج المسطر في إطار تطوير الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقوية، فإن إنتاج الطاقة الشمسية سيتم بطريقتين من خلال إنتاج الطاقة الكهروضوئية المتوقع بلوغها نسبة 37 في المائة في سنة 2030، من مجموع الإنتاج الوطني للكهرباء وكذا من خلال الطاقة الشمسية الحرارية، فضلا على طاقة الرياح المتوفرة بكميات هامة نظرا لحجم المنطقة المعرضة لرياح قوية نسبيا وإنجاز مزارع هوائية تقدر في مرحلة بثلاث على المدى القصير جدا في انتظار تطوير هذه العملية على مراحل أخرى. الغاية من دعم الاستثمار في مجال الطاقات المتجددة تكمن في تطوير القدرات الصناعية من خلال شبكة المناولة التي تعتمد على رفع درجة الإدماج الصناعي كمرحلة أولى بنسبة 60 في المائة وكمرحلة ثانية إلى 80 في المائة خلال الفترة الممتدة ما بين 2014 و 2020، بعد إنشاء مصانع لإنتاج الألواح الكهروضوئية والسيليسيوم و مذوبات التيار والبطاريات والمحولات والكوابل وكل الأجهزة المرتبطة ببناء المحطات في مجال الطاقات الشمسية الكهروضوئية، بينما يتوقع أن تصل نسبة الادماج في الطاقة الشمسية الحرارية 50 في المائة، وذلك في الفترة الممتدة ما بين 2014 و2020. تجسيد هذه المشاريع لن يتم إلا من خلال مجموعة من الإجراءات تتعلق ببناء مصنع لإنتاج المرايا وآخر لصناعة أجهزة السائل الناقل للحرارة وأخرى لتخزين الطاقة وتطوير نشاط الهندسة وقدرات التصميم والتزويد والإنتاج. أما في مجال طاقة الرياح فإن الدراسات التي توجد في مرحلة الإعداد لإقامة صناعة في هذا المجال هدفها بلوغ نسبة إدماج تصل إلى 50 في المائة خلال سنوات 2014 و2020. قطاع الطاقات المتجددة لا يمكن أن يتطور بدون تطوير البحث العلمي في هذا المجال ولذا تمّ اتخاذ تدابير وإجراءات تحفيزية لكافة مراكز البحث العلمي المعنية بالملف في إطار نصوص قانونية تنظم القطاع ومنح امتيازات مالية وجبائية جمركية والاستفادة من الامتيازات المنصوص عليها في إطار ترقية الاستثمار وتقديم دعم لتغطية التكاليف الناجمة عن نظام التسعيرة المطبق على الكهرباء للمستثمرين وإنشاء الصندوق الوطني للتحكم في الطاقة ومنح قروض بدون فوائد و ضمانات من طرف البنوك. هذه الإجراءات لو عرفت طريقها نحو التجسيد فإنها ستغير الكثير من واقع الطاقات المتجددة في الجزائر الذي يتوفر على حظيرة للطاقة الشمسية ب 108 صفيحة شمسية والقدرة على توصيل الطاقة الشمسية إلى 900 منزل في ظل استهلاك للكهرباء يعادل 5 جيغا واط للساعة. أما من حيث عدد المشاريع المنجزة أو تلك التي لا تزال في طور الإنجاز فالأمر يتعلق ببناء أول محطة هجينة للطاقة الشمسية مع الغاز في حاسي الرمل في إطار الشراكة الجزائرية الاسبانية بتكلفة 315 مليون أورو بقدرة إنتاج تعادل 150 ميغا واط و بناء أول حظيرة لطاقة الرياح مع الشريك الفرنسي فير جنيت بقدرة 10 ميغا واط من الكهرباء و برنامج آخر لتزويد 20 قرية في الجنوب بالطاقة الشمسية وإنجاز مصنع وحدات للطاقة الكهروضوئية وتركيب الألواح الشمسية بمنطقة الرويبة. برنامج تطوير الطاقات المتجددة الموجه لتلبية الاحتياجات الوطنية والخارجية على المدى المتوسط والبعيد من شأنه المساهمة في تقليص الضغط على قطاع المحروقات الذي بات الممول الوحيد لكل الاحتياجات الأساسية الملحة، وذلك ضمن المخطط المصادق عليه من طرف الدولة قبل ثلاث سنوات، مما يعني أن عملية التقييم تبدو اليوم أكثر من ضرورة للوقوف عند مدى تحقيق أولى الأهداف المسطرة خاصة بالنسبة لسنة 2013.