الإسلام أمر المسلمين عامة بالتحمل والعفو والصبر، وإن كان قد أجاز للمظلوم أن ينتصف من الظالم بمثل ما ظلم به، قال الله تعالى: {وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين} 40 سورة الشورى. وقال تعالى: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}34 سورة فُصلت. وإذا كانت مقابلة السيئة بمثلها جائزة بين عامة الناس فهي بين الزوجين لها وضع خاص، وقد حدث أن سعد بن الربيع نشزت عليه زوجته حبيبة بنت زيد خارجة فلطمها، فاشتكاه أبوها للنبي صلي الله عليه وسلم فقال: «لتقتص من زوجها»، فانصرفت مع أبيها لتقتص منه فقال عليه الصلاة والسلام «ارجعوا هذا جبريل أتاني»، فأنزل قول الله تعالي: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً} 34 سورة النساء. فقال عليه الصلاة والسلام:«أردت شيئاً وما أراد الله خير»، ونقض الحكم الأول، فلا يجوز للزوجة أن تسيء إلى زوجها له ثوابه العظيم الواجبة لمن هو أكبر مقاماً وصبر الزوجة على إساءة زوجها له ثواب عظيم قيل إنه ثواب امرأة فرعون التي قال الله فيها: {وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين}11 سورة التحريم». {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً}128 سورة النساء. والتي أساءت إلى زوجها وطلبت منه العفو إذ أحسنت صنعاً فقد منعت سخط الملائكة عليها كما صح في الحديث. وروى الحاكم وصححه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تأذن في بيت زوجها وهو كاره ولا تخرج وهو كاره ولا تطيع فيه أحداً ولا تعزل فراشه ولا تضر به. فإن كان هو أظلم فلتأته حتى ترضيه، فإن قبل فبهما ونعمت وقبل الله عذرها وأفلج حجتها ولا إثم عليها، وإن هو لم يرض فقد أبلغت عند الله عذرها».