عقدت القمة الرابعة الاتحاد الأوروبي - أفريقيا هذه المرة في بروكسل وجمعت حوالي 80 رئيسا وزعيما من القارتين لمناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، أو كان من المفروض أن يكون الأمر كذلك. لكن وبعد مرور أربع سنوات على القمة التي جمعت القارتين في سيرت الليبية العام 2010، والتي اختصرت في ملف الهجرة غير الشرعية أو بمعنى آخر، على دول القارة السمراء تخليص أوروبا من قوافل المهاجرين المتدفقين نحوها بطرق غير شرعية من خلال منع قوارب الموت المحمّلة بالشباب الإفريقي الحالم بجنة الأحلام الأوربية من الوصول إلى سواحل القارة العجوز، طغى نفس الموضوع على قمة بروكسل، لأن «إنسانية» أوروبا تأبى تكرار حادثة « لامبيدوزا » التي قضى فيها المئات من المهاجرين غير الشرعيين على سواحل هذه الجزيرة الأوروبية دون أن يسمع صراخهم أحد. وهل من المعقول ألاّ ينتبه خفر السواحل الإيطالية لقدوم هذا الجيش الهائل من المهاجرين؟ الاتحاد الأوروبي لا يريد حلّ هذه المعضلة التي أوجدتها من خلال القوانين التي تضيّق على الهجرة القادمة من الضفة الجنوبية،لأنها أغلقت كل القنوات المشروعة للتنقل الحر للأشخاص والممتلكات دون أدنى تمييز وفق ما نصت عليه الاتفاقيات الدولية ومبادئ حقوق الإنسان، التي تضمن هذا الحق المقدس في التنقل بكل حرية. قمة الاتحاد الأوروبي - أفريقيا واعدة، يمكنها أن تعود بالفائدة على شعوب القارتين، ولكن الأنانيات السياسية الضيقة التي ترفض معادلة «رابح- رابح»، اختصرت تطلعات الآفاق الأوروبية - الإفريقية في مسألة الهجرة غير الشرعية التي نالت نصيب الأسد في قمة بروكسل. أو بمعنى آخر، أوروبا لا تريد فضائح أخرى تتعلق بملف المهاجرين على سواحلها، فليموتوا ولكن بعيدا عنها. إن رئيس الحكومة مانويل فالز، خلف وراءه مرسوما تنفيذيا في وزارة الداخلية يقضي بالتضييق على طالبي اللجوء إلى فرنسا وبالمناسبة ومع انتعاش اليمين المتطرف في فرنسا - وفق نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة في فرنسا - وفي أوروبا بشكل عام، يبدو أن القمم القادمة بين إفريقيا وأوروبا ووفق هذا المؤشر ستقتصر على «دراسة» كيفية إعادة المهاجرين الشرعيين المقيمين في أوروبا إلى بلدانهم الأصلية، وحينها سوف لن تكتفي إفريقيا بوقف جحافل المهاجرين غير الشرعيين ولكن عليها الاستعداد لموسم الهجرة إلى الجنوب.