عرفت ظاهرة الهجرة السرية بالنسبة للأفارقة في الآونة الأخيرة انتشارا كبيرا، أصبح يشكل خطرا كبيرا على أمن الدولة، المصالح المعنية أكدت أنها قامت بالعديد من عمليات ترحيل هؤلاء النازحين والمهاجرين الذين كانوا يقيمون بطريقة غير شرعية على التراب الجزائري قد تم بمراعاة احترام الكرامة الإنسانية المعمول بها وفقا للإتفاقية الدولية المتعلقة بالهجرة غير الشرعية، مع العلم أن المرحلين والذين يمثلون أكثر من 40 جنسية مختلفة، قد ارتكبوا مخالفات وجنحا تتمثل في التزوير واستعمال النقود المزورة وتزوير وثائق السفر إلى جانب امتهان الدعارة بالتراب الوطني، وحسب إحصائيات أجهزة الأمن بمختلف أنواعها بما فيها مصالح الشرطة القضائية ومصالح الدرك الوطني، فإن مكافحة الهجرة غير الشرعية تمثل أكثر من 50 بالمائة من نشاطاتها، كما أنها من جهتها تشكل عبئا ماليا ثقيلا عند التكفل بهؤلاء المهاجرين غير الشرعيين بنقلهم وفي ما يتعلق بتوفير الغذاء والنقل والتغطية الصحية أثناء عملية الترحيل إلى المركزين الحدوديين، فالمتجول بشوارع مدينة مغنية يلاحظ الغزو المتدفق للمهاجرين الأفارقة من كل الجنسيات، فلم يعد يقتصر الأمر على مكان وآخر، بل أصبح المرء يراهم في كل مكان وكأنهم أصبحوا أهل الدار، مما جعل المواطنين يأخذون حذرهم منهم خاصة وأن الكثير منهم يحملون فيروسات مرضية بإمكانها أن تنتقل وتسبب العدوى، وأمام وجود فراغ قانوني جعل جل الموقوفين الذين يتم ترحيلهم إلى ديارهم يعاودون الكرة عدة مرات وهذا بشهادة المعنيين أنفسهم، فالأفارقة المغامرون لم ييأسوا من تكرار محاولاتهم في التنقل من منطقة إلى منطقة للوصول إلى منطقة مغنية الحدودية، وعند وصولهم عند هذه الأخيرة فهو الشعور بقرب تحقيق حلمهم المستحيل الذي قطع من أجله هؤلاء الأفارقة آلاف الكيلومترات على الأرجل أو وسائل نقل متعددة ومختلفة، يذكر منها أحد العارفين بالمنطقة التي يجتمع فيها الأفارقة بمغنية الجمهورية أن قرية "المصامدة " "رأس عصفور" بمغنية قد تحول إلى مكتب شبه رسمي على الهواء لتشغيل الأفارقة، حيث يجتمع أمامه يوميا ومنذ الساعة الأولى من الفجر العشرات من الأفارقة ومن مختلف الجنسيات على جانب طريق محاذ لمدخل القرية الفلاحية، حيث يتربصون بأصحاب الحقول والمزارع كي يوفروا لهم فرص العمل التي تضمن لهم قوت يومهم مقابل أجر زهيد، وبوجود هذه المنطقة الفلاحية نصب هؤلاء الأفارقة خيما من البلاستيك والكارتون أو القش، فصار لكل من أبناء الجلدة الواحدة منهم مخيما يتمركزون فيه ويعيشون بالنظام القبلي الذي يحتكمون فيه إلى رئيس يفوضونه من طرفهم ليرعى شؤونهم ويفرض النظام فيما بينهم. يفرون من بلدانهم ويحطون بالجزائر وعقولهم معلقة بأوروبا وتذكر عدة مصادر من مغنية أن "وادي جورجي" الذي يبعد بحوالي أربعة كيلومترات من قرية المصامدة قد أصبح منطقة إفريقية تجتمع فيه عدة جنسيات من ماليين وسنغاليين وغيرهم من الذين يشعرون بالأمان لأن أهل المنطقة يشفقون عليهم ويمدونهم بالأكل والملابس حتى الدواء في بعض الأحيان، وهناك من يوفر لهم العمل بالحقول ويعاملهم معاملة حسنة دون استغلالهم، كما أنهم يمدونهم بالأفرشة للنوم، فبعد أولئك الذين لجأوا إلى الحقول والمزارع لامتهان حرفة الفلاحة بغراستها وزراعتها، فهناك من يساعد التجار الوافدين إلى الأسواق عن طريق الحمالة أو الحراسة لسلعهم، وهناك من امتهن البناء في بعض الورشات الخاصة، وهناك من اتخذ من التسول مهنة دائمة بلغت طرق البيوت في الأحياء واكتساح أبواب المساجد، لكن..! يبقى الخطر في أولئك الذين يعتدون على أبناء المنطقة أو المدينة من الجزائريين ليغتصبوا منهم أموالهم، لكن الشيء الملاحظ، أن لقضايا تزوير العملة واستعمال المزور واستعمال المسحوق العجيب" لاهام"، ضحايا سقطوا في وكر الخديعة التي بدأت تعرف تطورا ملحوظا بالنسبة لوسائل ومصالح الدركية والأمنية، مما جعل هذه الآفة تشكل خطرا حقيقيا على المواطن الجزائري، إلى جانب الاعتداء على المواطنين، حيث قامت الكتيبة الإقليمية للدرك الوطني لدائرة مغنية إحدى المرات من تحرير قاصر من قبضة عصابة إفريقية، كانت تهدده بالقتل وانتهكت عرضه، وحسب ذات المصادر الموثوقة فإنه وفي إحدى الأمسيات الحارة قام شخصان يبلغان من العمر 21 سنة و16 سنة من قرية" البطيم" التي تبعد عن بلدية مغنية بحوالي 7 كلم بجولة عبر الحقول والمزارع المحاذية للقرية إلى غاية قرية" أولاد معيذر"، حيث أحسا بالعطش وحاولا الاقتراب من حوض مائي للشرب حسبهم ، لكن صاحب المزرعة اتهمهما أنهما سارقان فطلب من عماله الذين كانوا يشتغلون عندهم من جنسية إفريقية اعتقالهما، لكن الشخصين لاذا بالفرار في حين وقع القاصر البالغ من العمر 16 سنة في قبضة هؤلاء الأفارقة الذين قاموا بتكبيله وربط يديه إلى الخلف ورجليه بسلسلة من الحجم الكبير وإغلاقها بقفل كبير "كادنة"، ثم وضعوه داخل كوخ مهجور يبيتون فيه، مصالح الدرك الوطني وفور تلقيها للمعلومات قامت بدوريات مكثفة للبحث عن الضحية من خلال تطويق المكان الذي كبل فيه القاصر وتوقيف صاحب المزرعة، إضافة إلى إفريقيين من جنسية مالية يبلغ سنهما 27 و28 سنة على التوالي، فيما لاذ الثالث بالفرار. رحلة الهروب من الفقر والبطش تبقى الهجرة السرية مأساة إنسانية ضاربة الجذور، عناصرها غنى فاحش، وفقر قاتل، وبطالة مذلة، ومفرداتها أنظمة سياسية فاسدة متخمة، وشعوب تتضور جوعا محاولة الإقتحام الجماعية للسور الفاصل بين سبتةالمحتلة والأراضي المغربية، وشعوب تتضور جوعًا لم يبق أمامها سوى الهجرة نحو الموت غرقا أو قتلا أو اختناقا لا يحول دونها عمق البحر أو بعد الشاطئ، ولا غلطة الحراس أو ارتفاع الحاجز، المهم هو الوصول إلى الضفة الأخرى بأي ثمن، فبالرغم من الموت المختبئ في قوارب الموت ومراكب الصيد، وشاحنات البضائع وصناديق السيارات، وحواجز الموت الشائكة هناك 18 مليون إفريقي في طريقهم إلى الجنة الموعودة، فحلم الهجرة إلى أوروبا يراود ملايين الأطفال، ويشكل هاجسا لملايين الشباب. أحلام الرفاه على الضفة الأخرى غالبا مايلتهمها البحر أوتصادرها السجون فللحالمين بالهجرة إلى أوربا من الأفارقة فصول ودماء وأسرار يبتلعها البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهادى، حيث تتكسر عند شواطئهما أحلام هؤلاء التعساء من الأفارقة الفارين من رمضاء الجوع والخوف والمرض إلى صقيع أوربا الطارد لهم والطريق الشاق المفضي إلى الموت فى أغلب الأحيان أو إلى السجون الأوربية أو الشمال إفريقية، والقصة الطازجة تقول إن أكثر من 32 لاجئا إفريقيا قد لقوا مصرعهم غرقا قبالة سواحل موريتانيا أثناء إبحارهم بصورة غير مشروعة باتجاه شواطئ جزر "الكناري" الإسبانية، فيما انتشل خفر السواحل الموريتاني عددا من الناجين، وذكر مصدر أمني موريتاني أن الناجين كانوا ضمن مجموعة من 57 مهاجرا إفريقيا ضاعوا في البحر لسبعة عشر يوما قبل أن تعثر على 25 منهم، وجاء في إفادة الناجين أن الأفارقة ال57 وهم سنغاليون وغامبيون وماليون، غادروا مرفئ "نوادهيبو "الموريتاني قبل 17 يوما متوجهين إلى جزر" الكناري" الإسبانية، آملين في بلوغها خلال ثلاثة أيام، وقال الناجون إنهم ضلوا طريقهم ووجدوا أنفسهم في نهاية المطاف قرب شاطئ نواكشوط، مضيفين أن عددا منهم سقط من الزورق وآخرين تمسكوا به لأيام، بلا ماء ولا غذاء، يشار إلى أن إسبانيا والمغرب قد شددتا منذ أواخر عام 2008 الرقابة على مضيق "جبل طارق" و"جيبي سبتة ومليلة "لمنع هجرة الأفارقة من الدول الواقعة جنوب الصحراء والذين كان معظمهم يتعرض للغرق أثناء محاولته الوصول إلى الأراضي الإسبانية، ومنذ ذلك الحين، بدأت قوافل مهربي المهاجرين السريين تنطلق من موريتانيا، وهي رحلات طويلة وخطيرة أسفرت في الأشهر الأخيرة عن غرق المئات، وتبلغ المسافة بين موريتانيا وجزر الكناري نحو ألف كيلومتر يحاول المهاجرون في رحلة البحث عن حياة أفضل قطعها بقوارب صغيرة ومتهالكة، وعلى هامش هذه الظاهرة يحتدم الجدل حول الهجرات الشرعية، فبينما أظهر استطلاع للرأي أن غالبية كبيرة من البريطانيين يعتقدون أنه يتعين أن يكون هناك حد أقصى سنوي للهجرة لتفادي فقدان البلاد ثقافتها الخاصة، وأشار الإستطلاع الذي أجرى لصالح مؤسسة" مايجريشن ووتش" البحثية إلى أن 69 بالمائة من ألفي شخص ممن استطلعت آرائهم، أعربوا عن مخاوفهم من أن تفقد بريطانيا ثقافتها الخاصة، هذا وقد كانت الصحافية الفرنسية كاترين سيمون بيومية "لوموند" الفرنسية منتصف شهر ديسمبر من سنة 2006 قد كتبت مقالا عن ظاهرة الهجرة السرية للأفارقة التي أصبحت بلدان المغرب العربي مسرحا لها في الفترات الأخيرة، ويتعرض المقال لمسألة البحوث والدراسات حول تلك الظاهرة في بلدان المنطقة، والتحولات الاجتماعية التي أفرزتها هجرة الأفارقة، فيما يلي نص المقال: إنها ظاهرة جديدة، فالمهاجرون الأفارقة المنحدرون من بلدان الساحل يقصدون التراب المغاربي أكثر فأكثر، وطالما أنهم لا يجدون منفذاً لدخول بلدان الإتحاد الأوروبي الذي يسعى إلى غلق أبوابه فإنهم يبقون هناك، فالموجة الأولى للدراسات المتعلقة بالمهاجرين الأفارقة بدأت بكل من المغرب وتونس في بداية العام 2000 مع رواد البحوث، وقد درس الباحث الاجتماعي الجزائري صلاح فرحي من جامعة مونتريال بكندا تقسيم العمل في مدينة مغنية الجزائرية، قريبا من الحدود مع المغرب، ولاحظ أن المهاجرين المنحدرين من مالي والسينغال يعيشون في غالب الحالات في "غيتوهات" مغلقة ويتم توظيفهم فقط في الأعمال الفلاحية أو أعمال البناء، بينما يتعاطى السكان المحليون التهريب الذي يعتبر تجارة رابحة. أرقام فوق السيطرة وقد كشفت الأرقام المعلنة من طرف جهاز الشرطة القضائية لأمن دائرة مغنية ومصالح الفرقة الجهوية للتحري حول الهجرة غير الشرعية، خلال الأبواب المفتوحة بمقر الشرطة القضائية المتنقلة المنظمة بمناسبة الذكرى ال48 للعيد الوطني للشرطة، بشأن ظاهرة الهجرة غير الشرعية خلال الفترة ما بين 2001 و2009 عن تراجع في الظاهرة السنة الماضية مقارنة مع أواخر التسعينات التي تنامت بشكل كبير، مما باتت تهدد الناحية الغربية للبلاد، خصوصا بعد استغلال المهاجرين للمرور عبرها إلى المغرب، ومنه إلى فرنساوإسبانيا، فقد أحصت ذات المصالح 4234 مهاجر غير شرعي قدموا من 27 جنسية إفريقية، أغلبهم من المالي قدر عددهم 1670، أما الباقي فيتوزعون ما بين الكامرون، غامبيا، والسينغال والكونغو الديمقراطية، بوركينا فاسوا ونيجر، كما أوقفت ذات المصالح 200 شخص من جنسية هندية و38 شخصا من جنسية باكيستانية، و15 مهاجرا من بنغلاداش وشخصا واحدا من جنسية أفغانستانية، وقد تكفلت الشرطة القضائية بإعادة ترحيلهم إلى مواطنهم الأصلية، من بينهم أيضا 480 مغربي تسللوا إلى التراب الوطني بطريقة غير شرعية وهذا بعد متابعتهم قضائيا، وعلى عكس ذلك فقد سجلت مديرية الأمن لولاية تلمسان خلال السداسي الأول من السنة الجارية من إيقاف 375 حراقا، تسللوا إلى التراب الوطني من عدة دول إفريقية كالمالي، النيجر، السينغال والكامرون، هذا إلى جانب البلد المجاور للمغرب. وحسب ما علمناه من ذات المصادر فإنه ما بين جانفي 2002 و2009 تم ترحيل أزيد من 35 ألف مهاجر إفريقي إلى الحدود من قبل قوات الأمن الجزائرية، وحسب ما نقلته إحدى الصحف المغربية أنه لم تعد المنطقة الشرقية ومناطق الشمال بالمملكة مصدرا فقط للهجرة السرية في اتجاه الديار الأوربية، بل نقطة عبور وإقامة لمجموعة من المهاجرين الأفارقة المنحدرين من دول جنوب الصحراء الذين يتخذون منها ممرا رئيسيا في اتجاه غابة جبل "كوركو "بالناظور والمناطق المحاذية لمليلية السليبة أماكن يتجمعون فيها بكثرة، على أمل التسلل إلى مدينة مليلية المغربية المحتلة، وحول هذا الوضع تحول المغرب إلى بؤرة تصديرية أساسية للمهاجرين الذين يأتون من كل فج عميق ثم ينطلقون منه في اتجاه الدول الأوربية التي يسيل لها لعاب الأفارقة. تشابه كبير في البشرة يجعل المرء يصعب عليه التمييز بينهم، إلا أنهم يتقاطعون ويشتركون في اقتسامهم للمأوى الذي يتشكل من فروع الأشجار والبلاستيك وسط الغابة التي اتخذوها لأنفسهم مخبأ ومستقرا لهم، بعيدا عن السلطات المغربية التي تقوم بإيقافهم وترحيلهم إلى الحدود المغربية الجزائرية، أعداد كبيرة من الأفارقة يزيد عن 300 شخص، حسب ما أكدته مصادر أمنية مغربية، توجد بغابة كوركو من بينهم نساء وصبيان ينتمون لجنسيات إفريقية مختلفة تطاردهم السلطات الأمنية بشكل مكثف هذه الأيام، تحولت معها المنطقة لتجمع حالات وروايات مأساوية يعيشها المهاجرون الأفارقة من خلال رحلاتهم من بلدانهم التي يهاجرونها، إما لظروف الحرب أو المجاعة القاتلة، حيث يسعى المهاجرون الأفارقة من فئات عمرية مختلفة -وكل هذا في سبيل الوصول إلى الضفة الأخرى عبر مليلية المغربية السليبة-، الوصول إلى جنة النعيم التي يحلم بها آلاف من الشباب، الوضع مأساوي ويتطلب تدخلا مستعجلا من طرف المنظمات الإنسانية، يقول أحد المهاجرين السريين المنحدرين من دول جنوب الصحراء وبالضبط من دولة مالي. ويضيف ذات المصدر أن حالات العديد من الأفارقة المنحدرين من دول جنوب الصحراء والمنتشرين بغابة كوركو بإقليم الناظور على مقربة من مدينة مليلية المغربية المحتلة، في انتظار الفرصة المواتية للإنسلال إلى التراب المليلي التي تعتبر بالنسبة لهم بر النجاة، يوجدون في وضعية وصفوها بالصعبة، وتبقى ظروف الفقر والحروب هي التي تدفع بالأفارقة السود المنحدرين من دول جنوب الصحراء، إلى مغادرة أوطانهم من أجل معانقة الحلم الأوربي، وحسب ما يحكيه المهاجرون الأفارقة فإن النزاعات العرقية والحروب والأزمات الاقتصادية والسياسية، هي التي تضطرهم إلى مغادرة مناطقهم سيرا على الأقدام حتى بلوغ التراب الجزائري بعد شهر أو شهرين من بدء رحلاتهم حسب البلد قبل بلوغ هدفهم بالدخول إلى المغرب، وبالتالي تحقيق أمنية الوصول إلى الضفة الأخرى، يقول أحد الماليين من مواليد 1971 نظرا لشدة الفقر والظروف الصعبة التي كنت أعيشها في بلدي، فكرت في الهجرة إلى أوربا عبر مليلية، وقد عملت إلى الدخول إلى التراب المغربي، متسللا إليه من حدوده المغربية الجزائرية عبر السعيدية مشيا على الأقدام، إلى أن وصلت إلى غاية جبل كوركو الذي أمكث فيه إلى حين انتظار فرصة التسلل إلى مليلية، ونفس الشيء يؤكده ك .فلاح من مواليد 1977 الذي غادر بلاده مالي متوجها إلى الجزائر، حيث قضى بها 15 يوما ليواصل السير باتجاه الناظور عبر السهول والجبال مشيا على الأقدام متجنبا أي صدام مع القوات المغربية، إلا أنه تم إلقاء القبض عليه من طرف رجال الدرك الملكي في إحدى حملاتهم التطهيرية بجبل كوركو. تدفق متزايد لوفود الأفارقة السود على الجهة الشرقية يجد المغرب نفسه في وضعية حرجة بين الوضع اللاقانوني لهؤلاء وبين وضعيتهم المأساوية وعدم وجود إمكانيات لمساعدتهم، وما يكتفيه هو مطاردتهم بين الفينة والأخرى وإبعادهم نحو الحدود المغربية الجزائرية، وهناك من يظلون عرضة للضياع ولقمة سائغة في أيدي مافيا التهجير السري التي تساعدهم في العودة من جديد إلى غابة جبل كوركو، مما يجعل تشديد المراقبة على الحدود المغربية الجزائرية أمرا ضروريا، من أجل وضع حد لجحافل المهاجرين الأفارقة التي تتدفق باستمرار على الجهة الشرقية، وأمام ازدياد تدفق المهاجرين الأفارقة الذين بلغت ذروتهم سنة 1998، الشيء الذي فرض على الجانبين المغربي والإسباني، اعتماد تدابير أمنية وإعادة توزيع وترتيب احتياطهما على طول الحدود الوهمية مع مدينة مليلية المغربية المحتلة، حيث أقدمت سلطات الإحتلال بمدينة مليلية السليبة، على التطويق الكامل للمدينة بسياجين من الأسلاك يفصلهما ممر تغطيه أضواء كاشفة، تتخللها كاميرات متطورة تشتغل ليل نهار، وعلى طوله تنتصب دوريات من الجنود والحرس المدني، وكل هذا من أجل محاربة الهجرة السرية والحد منها، حيث عمدت الحكومة الإسبانية إلى تقوية وزيادة علو السياج الذي يفصل مدينة مليلية المحتلة عن باقي التراب المغربي، وذلك من أجل وضع حد لمحاولات المهاجرين الأفارقة وغيرهم لمحاولات التسلل التي يقومون بها بواسطة السلالم الخشبية أو محاولات الإختراقات الجماعية للحدود الوهمية، هذا في الوقت الذي يبقى حلم القارة الأوربية والمغرب الوصول إلى الهجرة صفر، ولم تعرف المنطقة الشرقية بعض التقلص، فيما يخص توافد المهاجرين الأفارقة إلا خلال الأحداث الإرهابية الجبانة التي شهدتها الدارالبيضاء، نتيجة الحراسة الأمنية المشددة على الشريط الحدودي الوهمي مع مدينة مليلية المغربية المحتلة. هجرة من 39 دولة إفريقية وأسياوية ينحدر الأفارقة من أصول مختلفة من مجموعة من الدول موزعين على39 دولة إفريقية، بالإضافة إلى الأسيويين والهنود ويشكل الماليون فيها حصة الأسد، متبوعين بالسينغاليين. وأمام تشديد المراقبة عليهم من طرف شرطة الحدود، أصبح المهاجرون يضطرون إلى الالتجاء إلى المهاجمة والاقتحام المباشر للنقط الحدودية الوهمية مع مدينة مليلية السليبة، ويعتمد المهاجرون على عدة مسالك للوصول إلى الناظور، تبقى موزعة بين ثلاثة رئيسية يمر أولها من الجزائر، السعيدية، رأس الماء، قرية اركمان، سلوان، بني أنصار، غابة كوركو وثانيها مدينة مغنية الجزائرية، وجدة، ملوية، زايو، الناظور إلى الهدف المرسوم مليلية عبر غابة جبل كوركو، أما العبور من النقط الحدودية المغربية الجزائرية موزع بين السعيدية، المركز الحدودي احفير، وشمال وجنوب المركز الحدودي زوج بغال، تويسيت، سيدي بوبكر -رأس عصفور-، كما تعمل شبكات متخصصة على إدخال المهاجرين من الأفارقة في الهجرة السرية، في حين يلجا الجزائريون لبلوغ مليلية المحتلة إلى شبكات تزوير بطاقات التعريف الوطنية، الذين يعمدون إلى تزوير البطاقات الوطنية وبيعها بمبالغ تتراوح بين 6000 و 7000 درهم، ومن أجل إيجاد حل ناجع للحد من ظاهرة المهاجرين الأفارقة الذين يعبرون التراب الجزائري في اتجاه المغرب الذي تحول مؤخرا إلى منطقة عبور رئيسية نحو الديار الأوربية، يبقى التعاون ملحا بين البلدان المعنية أمرا ملحا على اعتبار أن المشاكل الحدودية لا يمكن حلها بصورة فردية، فيبقى من الضروري على المغرب وضع وحدات للمراقبة على طول الحدود الجزائرية المغربية لإجهاض أي محاولة لولوج الأفارقة جنوب الصحراء والجزائريين للتراب المغربي، وأن تتمتع هذه الوحدات بالدعم المادي واللوجيستيكي والبشري لتغطية جميع النقط الحدودية من أجل العمل على تفكيك جميع شبكات التهجير السري. للحد من الهجرة غير الشرعية ..لابد من التنسيق بلغ عدد المهاجرين الأجانب الذين تم إيقافهم بإقليم الناظور من طرف عناصر القوة العمومية بالإقليم أزيد من 4000 مهاجر سري، في حين تم إيقاف سنة 2004 أزيد من 2850 شخص ينحدر أغلبهم من أكثر من 12 دولة من دول جنوب الصحراء وأزيد من 260 جزائري و25 شخصا ينحدرون من القارة الأسيوية، كما عملت فرقة الهجرة السرية التابعة لمصلحة الاستعلامات العامة والتقنين بوجدة، على ترحيل أزيد من 18319 شخص استقبلتهم من مدن مختلفة من المملكة من بينهم 14774 من دول جنوب الصحراء، كما بلغ المهاجرون الذين تم إيقافهم على مستوى مدينة وجدة أزيد من 572 فرد من بينهم 383 إفريقي و177 جزائرا، وكانت مصالح الأمن بوجدة قد قامت خلال سنة ما 2005 من ترحيل أزيد من 20479 مهاجر إفريقي تمكنوا من الدخول إلى التراب المغربي بطريقة غير قانونية، من بينهم 1513 مهاجر ينحدر من القطر الجزائري، ويذكر أنه من بين الخطوات المهمة التي تم القيام بها للحد من ظاهرة هجرة الأفارقة هو قيام السلطات المغربية بترحيل أزيد من 700 مواطن نيجيري كانوا يتواجدون في وضعية غير قانونية على التراب المغربي من كل من مطار وجدة أنجاد ومطار العروي الدولي بإقليم الناظور، وقد تم الترحيل في إطار عملية طوعية تمت بتعاون ثنائي بين السلطات المغربية والنيجيرية على أساس إعادة طوعية للمعنيين بالأمر في ظل شروط احترمت فيها كرامة المرحلين وحقوق الإنسان والتشريع المغربي والقوانين الجاري بها العمل في هذا الإطار، وتجدر الإشارة إلى أن عملية ترحيل المهاجرين الأفارقة تكبد الإدارة العامة للأمن الوطني اعتمادات مالية كبيرة كان من الأجدر استغلالها في اقتناء وسائل الإشتغال بالنسبة لرجال الأمن للحفاظ على أمن وسلامة المواطنين. ونشير أخيرا أن الهجرة السرية ليست سوى واحدة من الأشكال الجديدة، التي نود عبر هذا المقال سبر أغوارها التي بدأت تسيل الكثير من المداد، وتدفع نشوء العديد من العلاقات الدولية على أساس القضاء عليها، كما فتحت المجال إلى بروز العديد من المنتديات المهتمة بها، إن لم نقل أنها أصبحت ضمن اهتمامات الكثير من المراقبين الدوليين من جميع البلدان، وعلى ما يتصل بالموضوع أنه سبق في الأسبوع الأول لشهر أكتوبر لسنة 2006، أن استقبل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للنائبة الأولى لرئيس الحكومة الإسبانية، ماريا تيريزا فيرنانديز دي لافيغا، وبحث معها نزاع الصحراء الغربية وملف الهجرة السرية. وقالت مصادر مطلعة، أن المباحثات شملت أيضا التنسيق الأمني الثنائي ومحاربة الإرهاب في المنطقة، وقد شارك في المحادثات وزيرا خارجية البلدين محمد بجاوي آنذاك وميغال أنخيل موراتينوس، والتقى المسؤولان بعدها مع رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم، وأفادت مصادر تابعت أشغال اللقاء بين دي لافيغا وبوتفليقة، بأن مدريد دعت الجزائر إلى الإنخراط بشكل أكبر في مجهود محاربة هجرة الأفارقة على حدودها، من خلال تعزيز مراقبة الحدود مع المغرب. وتعد الجزائر بلد عبور بالنسبة للأفارقة القادمين من دول الساحل وغرب ووسط إفريقيا، بحيث يقيمون فيها بأعداد كبيرة للدخول إلى إسبانيا عبر التراب المغربي، ورحلت الجزائر عام 2006، أكثر من 800 مهاجر إلى بلدانهم، وذكرت بعض المصادر أن الطرف الإسباني قد استمع إلى موقف الجزائر من تطورات أزمة المهاجرين غير الشرعيين، حيث دعت إقامة حوار مباشر بين الإتحاد الإفريقي والإتحاد الأوروبي لحل الأزمة نهائيا، وترى السلطات الجزائرية أن الحلول الأمنية التي تميل إليها غالبية الدول الأوروبية، غير مجدية وتفضل أن يبادر الإتحاد الأوروبي بإعداد برامج للتنمية لفائدة الدول الإفريقية مصدر الهجرة السرية، لاستحداث مناصب شغل تغني الشباب الأفارقة عن البحث عن مصدر الرزق في أوروبا، وأضاف المصدر: أوروبا تعلم أن موجة المهاجرين التي تشهدها منذ سنوات، سببها الظروف المعيشية السيئة في إفريقيا والنزاعات وبؤر التوتر المشتعلة في بعض البلدان، وقد سبق للمفوضية الإفريقية أن أكدت في اجتماعات كثيرة مع مسؤولي الإتحاد الأوروبي، أن الحل سيكون بمساعدة إفريقيا اقتصاديا، بدل اعتماد أساليب بوليسية لكف المهاجرين عن الهجرة إلى أوروبا. وأوضح نفس المصدر أن الجزائر تحرص حرصا شديدا على ضرورة احترام كرامة الإنسان في التعامل مع المهاجرين، من جهتها اقترحت إسبانياوفرنسا في سنة 2003 إقامة مراكز عبور في بلدان المغرب العربي، التي يفد إليها المهاجرين، تحسبا لمغامرة العبور إلى القارة القديمة، بهدف إعادتهم إلى بلدانهم، لكن الجزائر تحفظت بشدة عليه، بينما تجاوبت معه موريتانيا، حيث خصصت مواقع للمهاجرين على ترابها، ممن ضبطتهم في شواطئ الأطلسي مسافرين إلى جزر الكناري، وقد أثار هذا الإجراء حفيظة الجزائر.