تميزت حرية التعبير والصحافة في الجزائر في سنة 2008 بتحقيق قفزة نوعية في مجال الإعلام الجواري حيث كان للإذاعات المحلية النصيب الأكبر من الاهتمام والتي وصل عددها الى 42 محطة بعد تدشين إذاعات خنشلة وقالمة والبويرة وكانت ولايات سعيدةبرج بوعريريج وتيسمسيلت وعين تموشنت قد استفادت من إذاعات في سبيل تعزيز الإعلام الجواري الذي يعرف اهتماما عالميا متزايدا بالنظر لتوجهات الرأي العام العالمي الذي بات يميل للاهتمام بالشأن المحلي أكثر فأكثر. وتلقى الإذاعات المحلية في الجزائر اهتماما بالغا من المواطنين بالنظر لقربه من نقل انشغالاته الى السلطات والمشاركة في التسيير المحلي لشؤونه. وأكد السيد عزالدين ميهوبي كاتب الدولة لدى الوزير الأول المكلف بالاتصال أن السنة المقبلة ستكون للرقمنة والتزود بآخر التكنولوجيات الحديثة وهي التصريحات التي تتزامن مع إطلاق الإذاعة الجزائرية لمناقصة وطنية ودولية مفتوحة لتزويد وتركيب الأجهزة السمعية الإذاعية موجهة الى 13 محطة إذاعية محلية ما يؤكد عزم السلطات على الوصول الى تغطية 48 ولاية بالإذاعات . قانون تنظيم علاقات العمل في الصحافة مكسب آخر تدعم قطاع الصحافة في الجزائر بتشريع جديد صدر في مايو 2008 خاص بتنظيم علاقات العمل في مهنة الصحافة والذي أشار في مختلف مواده الى ضرورة توفير العمل الجيدة لمهنة الصحفي وشدد على مديري الصحف والنشر تأمين الصحفي وتمكينه من جميع الحقوق كما كان للمراسل والمصحح وأعوان الصحافة مكانة خاصة في القانون الذي تأمل أسرة الإعلام تجسيده بحذافيره لبلوغ الاحترافية والقضاء على جميع المظاهر السلبية التي تؤثر سلبا على حرية الصحفيين من أجل نقل الحقائق والوقائع كما هي. وعي كبير بالخطر الإرهابي والجماعات الدموية محاصرة إعلاميا تمكنت مختلف وسائل الإعلام الوطنية من قطع أشواط كبيرة في التعامل مع المعلومة الأمنية حيث وجدت الجماعات الدموية نفسها محاصرة بعد تفطن مختلف الصحفيين لأوجه الدعاية التي كانت تبحث عنها الجماعات الإرهابية التي تعيش آخر أيامها بعد الهمجية الكبيرة التي انتهجتها في سنتي 2007 و 2008 حيث وجدت التفجيرات التي استهدفت مختلف الهيئات الرسمية ومقرات الأمن استهجانا واستنكرا شديدين من الرأي العام المحلي والعالمي. وعززت السلطة الرابعة في الجزائر مجهودات السلطات العمومية في دحر الإرهاب و محاصرته والقضاء عليه من خلال المكافحة العسكرية التي يضمنها الجيش الوطني ومختلف أسلاك الأمن كما كانت للمصالحة الوطنية حيزا كبيرا من الاهتمام في الصحف ومختلف وسائل الإعلام والتي تعتبر حلا سياسيا للأزمة الوطنية كما لم تتوانى الصحافة الوطنية في التطرق للبرنامج الخماسي لدعم النمو ومختلف المشاريع الاقتصادية لتحسين مستوى معيشة الجزائريين وتدارك النقص في التنمية الذي يعتبر حجر الزاوية في مختلف برامج رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة. السلطات تجدد تأكيدها على تعزيز حرية الصحافة أحبطت السلطات كل الادعاءات التي تصب بان الدولة تسعى للتضييق على حرية التعبير والصحافة حيث أكد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أن الدولة عازمة على تعزيز الحريات خاصة المتعلقة بالسلطة الرابعة وكان لتدشين مطبعة ورقلة في انتظار أخرى ببشار الدليل القاطع على عزم الدولة تعميم الاستفادة من الحق في الإعلام كما تعهدت بالتصدي لجميع الأقلام المأجورة التي تستغل الصحافة لتحقيق أغراضها الضيقة . وقال الرئيس أن التضحيات الجسام التي قدمتها أسرة الإعلام في الجزائر منذ فترة الثورة التحريرية مرورا بالعشرية الدموية وهو ما أكسبها احتراما كبيرا وهذا مقطع من كلمة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة اليوم العالمي للحرية التعبير الذي صادف ال 3 مايو .2008 .........ڤإن هذه الفئة المستنيرة، رغم إدراكها لحجم المخاطر والصعوبات، أثبتت أنها من طينةأصيلة، طينة جزائرية الروح، قوية العزيمة، ثابتة الموقف، فرضت على العالم احترامها لأنها لم تتخاذل ولم ينل منها لا جور الاستعمار ولا قساوة الإرهاب و لا صراعات السياسة إذ أدركت أن ولاءها إنما هو للوطن أولا و للضمير ثانيا و لما تحوزه من احترافية و شعور بالمسؤولية دائما و أبدا. يؤرخ هذا اليوم العالمي لحرية التعبير لقيمة إنسانية سامية، تلقفتها ضمائر البشرية على اختلافها، إذ تنصهر فيها ثقافة المواطنة ووعي المشاركة. إن حضارة الاتصال التي طغى خطابها و تدفقت سيولها، في حاجة ماسة إلى اتصال حضاري لا هو فاقد لحريته و لا هو متجاهل لحقيقة الاختلاف. و إنني أهيب بأسرة الإعلام أن تكسب رهان الحرية المقرونة بالتغلب على الأهواء و عدم الإنسياق وراء التكسب بالأقلام المأجورة. إن تحديث قطاع الإعلام و الاتصال إنما هو واجب السلطات العمومية ومسؤولية كل القائمين عليه من حيث ان الحق في الإعلام إنما يرتبط بوجوب أداء الخدمة العمومية ويتساوق مع ثقافة المواطنة الحقة. من حق الصحفيين الجزائريين أن يعتزوا بما حققوه من مكاسب لمهنتهم النبيلة من أجل التمكن من تبليغ الحقيقة للرأي العام والمجاهرة بالموقف. و لئن اتجه مسعى الصحافة الجزائرية، في فترة ما بعد الانفتاح الإعلامي، نحو تكريس حرية التعبير، فإن مهمتها اليوم هي أن تكتسب المزيد من الاحترافية، وتوطن نفسها على مراعاة المعايير التي تحكم الخدمة الإعلامية التي تكرس الحق في الإعلام و تتحاشى كل ما يتنافى والصدقية والموضوعية. ولعل أهم شروط النجاح في ذلك هو إيلاء التكوين المزيد من العناية، و الأخذ بالمناهج الحديثة في الاتصال، و تجديد المعارف والخبرات المرتبطة بهذا القطاع، الذي يمثل حجر الأساس في إرساء الديمقراطية و توسيع مجالات ممارستها، و تأهيل العمل الصحفي بمختلف تخصصاته، و تحسين أدائه، حتى تكون كل وسائل الإعلام الوطنية المكتوبة و المسموعة والمرئية و الإلكترونية قادرة على المنافسة و مواجهة التحديات التي يفرضها علينا عالم اليوم، الذي يدفعنا إلى تحصين أنفسنا ثقافيا وفكريا و إعلاميا، درءا لما يحيق بنا من أخطار حقيقية و لما يتهددنا من زعزعة لقيمنا و خلخلة لهويتنا. فضلا عن التكوين، فإن الحاجة تظل ماسة إلى عمل مختلف المؤسسات الصحفية و الهيئات الإعلامية على إيجاد آليات أكثر نجاعة لتخليص القطاع من المتطفلين والأدعياء المحسوبين عليه، الذين يجعلون من الإعلام مطية لتحقيق أغراض ليست من المهنة في شيء. ويكون هذا من خلال إعتماد مدونة لأخلاقيات العمل الصحفي، وحماية العاملين في هذا القطاع، و انتهاج التشاور المستمر مع الجهات المكلفة بالاتصال، و معالجة كل القضايا التي تنجم عن ممارسة المهنة في كنف الحوار و التواصل. إن الدولة بذلت الكثير و ما زالت في سبيل إنشاء المرافق الإعلامية عبر سائر أرجاء الوطن، تجسيدا لمبدأ حق المواطن في الإعلام، و تكريسا للإعلام الجواري، وسعيا للتكفل بانشغالات المواطنين، و لإبراز المجهود التنموي الذي يهدف إلى ضمان مزيد من الإستقرار والحياة الكريمة. إن الجزائر، التي محّصتها الإحن والمحن، تدرك أنها، بما تتوفر عليه من إمكانيات بشرية و مادية، قادرة على استيعاب متغيرات العالم. و لئن كانت الأسرة الإعلامية الجزائرية دفعت ضريبة باهظة أثناء السنوات الماضية، فإن بناتها و أبناءها أظهروا، كذلك، بكفاءتهم و اقتدارهم، تفوقا وتألقا في مختلف الهيئات الإعلامية في الوطن العربي و أوروبا، الأمر الذي يسوغ لنا الإعتزاز بهم جميعا . ولما كان هذا اليوم يرمز إلى الصحافة كوسيلة ثقافية واجتماعية، فإن دورها في المجتمع يتجاوز دور المرآة العاكسة للفعل التنموي والموقف السياسي إلى العمل على إرساء ثقافة المواطنة والسلم والاستقرار والحوار. و ما حققته الجزائر، بعد مأساتها الوطنية، يفرض علينا جميعا أن نكون سدا منيعا في وجه دعاة العنف والإرهاب والكراهية والاستهتار بقيم شعبنا وثوابته، و أن نحمي مكسب المصالحة من محاولات المفسدين في الأرض، وأن نعتني بحماية بلادنا و ترقية الحقوق فيها، وفي مقدمتها حق المواطن في الحياة و التعليم والصحة و الإعلام. إن إحياء اليوم العالمي لحرية التعبير يذكرنا بواجب العرفان لتلك التضحيات الجسام التي قدمها أهل مهنة الإعلام، على غرار غيرهم من الفئات المهنية الأخرى، قربانا لكي تبقى الجزائر دولة حديثة، ديمقراطية، متطلعة للرقي و التطور؛ التضحيات التي يفرض علينا الواجب ألا نتنكر لها و أن نقابلها ببناء وعي وطني يرقى بالأمة إلى ما تصبو إليه من مراتب العزة و السؤدد. ------------------------------------------------------------------------